صمود وانتصار

مبادرة الرئيس المشاط في ملعب العدوان.. إنذارٌ ما قبل الجحيم

مبادرة الرئيس المشاط في ملعب العدوان.. إنذارٌ ما قبل الجحيم

الصمود../

 

يدخُلُ اليمنيون العامَ الثامِنَ من الصمود بمعنويات عالية وَأُسلُـوب مختلف عما سبق في مواجهة العدوان الأمريكي السعوديّ، تاركين العدوّ أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الخروج من ورطته ومأزقه في اليمن، بوقف العدوان ورفع الحصار، وإنهاء الاحتلال، أَو الاستعداد لتلقي ضربات لم تخطر على باله.

 

ومما يؤكّـد أن الأيّام القادمة ستكون قاسيةً على العدوان بقيادة السعوديّة هو تحذير قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطاب له، أمس، للعدو من تفويت فرصة مبادرة السلام التي أطلقها رئيس المجلس السياسي الأعلى بصنعاء المشير الركن مهدي المشاط ودخلت حيز التنفيذ من مساء الأحد، 27 مارس 2022.

 

وقال السيد عبد الملك في كلمته إنه وبتوفيق من الله تم تدشين العام الثامن بعملية كسر الحصار الثالثة التي وصل صداها إلى كُـلّ العالم، مؤكّـداً أن دول العدوان إذَا فوتت مبادرة الرئيس المشّاط فسوف يندمون.

 

وَأَضَـافَ السيد عبدالملك أننا لن نألوَ جهداً في التصدي للعدوان والحصار بكل ما في وسعنا، ولن نقبَلَ أبداً باستمرار الحصار، مُشيراً إلى أنه ليس أمامهم مجال ليسلموا من الضربات والخروج من الورطة إلا بالتوقف عن العدوان ورفع الحصار وإنهاء الاحتلال.

 

ومجملُ القول أن المبادرةَ التي طرحها الرئيس المشاط، جاءت بعد أكبر عملية عسكرية لأبطال القوات المسلحة من الجيش واللجان الشعبيّة، وهو ما أشار إليه قائد الثورة السيد عبد الملك حين قال إنه تم تدشين العام الثامن بعملية كسر الحصار الثالثة التي وصل صداها إلى كُـلّ العالم، ما يعني أن اليمن ومع دخول العام الثامن، سيستمر في ضرباته المؤلمة في العمق السعوديّ بشكل أكبر وأوسع، وما عملية كسر الحصار الثالثة سوى مقدمة، ولهذا فَـإنَّ النظام السعوديّ سيندم بالتأكيد إذَا لم يجنح للقبول بالمبادرة والخروج من ورطته في اليمن.

 

ولا يستبعد مستشارُ رئيس المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، العلامة محمد مفتاح، أن يتعاملَ النظام السعوديّ مع هذه المبادرة باستخفاف؛ لأَنَّ هذا نهج دأب عليه منذ سنين، غير أن يؤكّـد أن إطلاق هذه المبادرة قد وضعت العدوّ السعوديّ في مواجهة مع المجتمع الدولي، وتم تعريته وكشف زيف ادِّعاءاته، كما أنها من ناحية أُخرى تعتبر بمثابة إقامة للحُجّـة أمام العالم، مُشيراً إلى أنه في حال عدم التجاوب مع المبادرة فسيكون الرد اليمني قاسي ومؤلم على مختلف الجبهات وفي كُـلّ المحاور لا محالة.

 

نمتلك زمام المبادرة

 

ويشير المحامي والناشط الحقوقي القاضي عبد الوهَّـاب الخيل إلى أن القانون الدولي الإنساني واتّفاقيات جنيف الأربع تمنع فرض الحصار ضد المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، وهي جريمةُ حرب مكتملة الأركان؛ لأَنَّها عقوبة جماعية ضد الملايين من أبناء اليمن.

 

ويتابع الخيل في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: “هذه المبادرة ليست الوحيدة التي أطلقها الرئيس المشّاط لإيقاف العمليات العسكرية وإحلال السلام، فقد سبق أن أطلق المجلس السياسي الأعلى بصنعاء مبادرة مماثلة، ولكن السعوديّة فوتتها وأصرت على الاستمرار في عدوانها على بلدنا”.

 

وتأتي أهميّة هذه المبادرة أنها توفر فرصة أُخرى للسعوديّة وقوى تحالف العدوان بشكل عام لتلقف المبادرة والخروج من مأزق العدوان الذي انعكس عليها وأضحت اليمن تمتلك زمام المبادرة والقدرة على الردع وهي في كُـلّ الأحوال في مصلحة تلك القوى.

 

وعن المجتمع الدولي يقول الخيل: “لا تعويل عليه، ونثق بأنه سيتجاهل هذه المبادرة”، مبينًا أن “القوى التي تتحكم في قرار إيقاف الحرب في اليمن مستفيدة من استمرارها، فهي تحقّق له مكاسب؛ باعتبَار السعوديّة والإمارات أهم زبائن سوق السلاح، كما أنها تستثمر استمرار الحرب في نهب أموال السعوديّة والإمارات خَاصَّة مع ازدياد العمليات العسكرية ضدهما”.

 

ويؤكّـد الكثير من الناشطين السياسيين أن تلك المبادرة دليل صادق على حرص القيادة الثورية والسياسية على إيقاف الحرب وتحقيق السلام.

 

ويقول عضو الهيئة العليا لمكافحة الفساد أُستاذ القانون الدولي، الدكتور حبيب الرميمة: إن “مبادرة الرئيس مهدي المشاط جاءت لتترجم التوجّـه الجاد والصادق الذي تنهجه القيادة الثورية ممثلةً بالسيد القائد سلام الله عليه، معتبرًا ذلك النهجَ من المبادئ الأَسَاسية المتسق مع مفهوم الدولة الحديثة بعناصرها الثلاثة: الشعب والسلطة والإقليم”، لافتاً إلى أن مبادرة الرئيس المشاط جاءت في هذا التوقيت بالذات، وهو اليوم الذي أعلن فيه العدوان قبل سبع سنوات لسلب اليمن حريته واستقلاله وسيادته، والعودة إلى نظام التبعية المقيتة التي تدمّـر وَلا تبني، فكان موقف القيادة السياسية هو إطلاق مبادرة سلام من طرف واحد، لتجسد السلام الحقيقي بعد سبع سنوات من الفشل والتخبط والعدوان في كسر شوكة صمود هذا الشعب الأُسطوري الذي عانى الكثير من الصعوبات والتحديات بصبر كبير لإيمَانه بقضيته العادلة من جهة وبقيادته الحكيمة من جهة أُخرى التي لم ولن تخذله في تحقيق ما يصبو إليه.

 

ويؤكّـد الرميمة أن مبادرة المشاط تأتي من موقع القوة، وأنها تمثل حبل نجاة للنظام السعوديّ، خُصُوصاً ابن سلمان الذي أصبح يقترب أن يكون كبش فداء في ظل وضع داخلي يزداد تعقيداً، ووضع دولي لا يؤهله لممارسة المزيد من الطيش والغطرسة، منوِّهًا إلى أن المبادرة أتت كطوق نجاة محدّدة بمدة معينة لتعيد الكرة إلى ملعب دول العدوان وعلى رأسها النظام السعوديّ لكف أذاه عن بلادنا، ورفع حصاره، وإيقاف عدوانه.

 

الهزيمة قادمة

 

بدوره، يقول الناشط الثقافي الدكتور يوسف الحاضري: إن “مبادرة الرئيس المشاط جاءت من موقع القوة ولها أهداف ومدلولات عديدة، لعل أهمها أنها أتت؛ كي تجعلنا أكثر تمسكاً بالتأييد الإلهي كشكر لله لما وصلنا إليه بعد سبعة أعوام وما وصل إليه العدوّ من منطلق كبت جماح النفوس التي قد تصل إلى حَــدِّ الغرور ضمن إطار التأديب النفسي الذاتي؛ لكي لا يكون تحَرّكنا من موقع تجبر وتكبر وإنما من واقع خضوع لله واعتراف له بالفضل وهذه نتيجة طبيعة للقيادة القرآنية”.

 

ويضيف في تصريح خاص لـ “المسيرة”: “وأيضاً هي من أسلحتنا القرآنية لتعجيل النصر والفرج، حَيثُ إن تأييد الله يكون أوسع وأقوى كلما لجأنا إلى التعاطي مع الأمور بالرؤية التي يريدها هو فيرفضها الآخرون تكبرا وتجبرا”.

 

ويرى أن قوى العدوان أصبحوا ما بين خيارين كلاهما هزيمته، الأول: إما أن يقبل بالمبادرة ويجر أذيال الخيبة ويتركنا لشأننا، أَو أنه يرفضها ويستمر في العدوان، وهذا أَيْـضاً سيعّجل من هزيمته وينكسر غريقاً في أرض اليمن، موضحًا أن ذلك نتيجة طبيعية لكل من يتحَرّك بمنهجية الله سبحانه وتعالى.

 

ويبين الحاضري أن مبادرة الرئيس المشاط جاءت بعد عدة مبادرات تقدم بها وتقدمت بها الجمهورية اليمنية في ظل رفض العدوّ المُستمرّ من دافع استعلائي تجبري، معتقداً أن قوات العدوان سترفض هذه المبادرة التي تعتبر آخر مخرج يمكن للسعوديّة وتحالفها أن يستخدموْها ليخرجوا من وحل اليمن الذي جرتهم إليه أمريكا والصهيونية وبريطانيا.

 

ويختتم الحاضري حديثه بالقول: “نحن في يمن الحكمة طالما مددنا ونمد أيدينا للجميع حتى لمن اعتدى علينا لنساعده فيما وصل إليه ونترك الله ليحكم حكمه فيه، والرؤية الشخصية لي أنهم سيرفضونها ليستمروا في الغرق، فالنصر في اليمن هو آخر أمل ابن سلمان ليرضى عنه البيت الأبيض وتل أبيب لينصّبوه خادماً لهما في أرض الحجاز ونجد تحت مسمى ملكٍ وسيقاتل بكل ضراوة لأجل النصر حتى يهلك ثروات شعبه ويهلك نفسه وتلك سنن الله في هؤلاء”.

 

مبادرة تميز الصادق من الكاذب

 

من جهته، يؤكّـد الناشط السياسي زيد الشريف أنه بعد المبادرة التي أطلقها الرئيس المشاط لم يتبق أمام دول تحالف العدوان سوى إثبات حرصها على السلام في اليمن إن كانت صادقة وحريصة على ذلك مع أن الذي يجب أن يعلن وقف إطلاق النار هو المعتدي وليس المعتدى عليه، ولكن هذا امتحان صعب ومن خلاله سيتبين الصادق من الكاذب.

 

وبقول الشريف: “ثلاثة أَيَّـام إما أن تكون نهاية العدوان وبداية السلام أَو بداية مرحلة جديدة من الصراع الذي سيكون مختلفاً بالنسبة للسعوديّة.. ثلاثة أَيَّـام منحها الرئيس المشاط للسعوديّة والخيار راجع لها إما أن تحمي نفسها بوقف العدوان وفك الحصار أَو تستمر في غيها وتجبر الشعب اليمني على ردعها ووضع حَــدٍّ لطغيانها”.

 

ويعتبر الشريف ما أعلنه الرئيس المشاط هي مبادرة سلام حقيقية وليست مُجَـرّد هرطقات إعلامية كما هو الحال بالنسبة لدول تحالف العدوان؛ لأَنَّ السلامَ يتطلب خطوات عملية ملموسة وليس كلاماً أجوفَ في وسائل الإعلام بينما الحصار قائم والعدوان مُستمرّ وهذا ما تمارسه دول العدوان.

 

ويوضح الشريف أن الشعب اليمني وقيادته السياسية والثورية جادون في طلب السلام وتحقيقه وأنهم مستعدون للقيام بأعمال ومواقفَ تؤكّـد الحرصَ على تحقيق السلام في اليمن، مردفاً بالقول: “مبادرة الرئيس المشاط بما اشتملت عليه من معطيات كشفت مصداقية القيادة وحرصها على تحقيق السلام في اليمن ولم يبق إلا أن تحدّد دول تحالف العدوان موقفها إما السلام أَو الاستمرار في العدوان”.

 

(صحيفة المسيرة)