الصمود | تقود بريطانيا، عبر سفيرها في اليمن ريتشارد أوبنهايم، جهوداً دبلوماسية للإفراج عن الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي، المحتجز في الرياض. إلّا أن السلطات السعودية ترفض إلى الآن خروج هادي من أراضيها، واعدةً في المقابل بتخفيف الإجراءات عنه، بعدما جرى تجريده من كلّ امتياز.
منذ أن أعلن الرئيس “المنتهية ولايته”، عبد ربه منصور هادي، التخلّي عن “صلاحياته الرئاسية”، ومنحها لـ”مجلس رئاسي” برئاسة رشاد العليمي، بضغوط سعودية في السابع من الشهر الجاري، لا يزال الغموض يكتنف مصيره وأسرته.
وبحسب مصادر سياسية موالية لهادي، فإن الأخير احتُجز، عقب ظهوره برفقة رئيس المجلس الجديد وأعضائه، في الفندق الذي يقيم فيه في الرياض، فيما نُقل نجلاه ناصر وجلال إلى مكان مجهول، ومذّاك انقطع التواصل معه ومع أفراد أسرته كافة.
وتشير المصادر نفسها، والتي كانت مشاركة في مشاورات الرياض الأخيرة، إلى أن المملكة قطعت الاتصالات والإنترنت عن المكان الذي يتواجد فيه هادي، وأحاطته بحماية مشدّدة، كما منعت أولاده من زيارته، كاشفة أن الرئيس “المنتهية ولايته” قدّم طلباً للديوان الملكي السعودي لترحيله إلى لندن مع عائلته ليعيش هناك، إلّا أن الرياض أبلغته أنه سيبقى “تحت رعايتها”.
كما تؤكد المصادر أنه بعد يومين من حادثة الانقلاب، تدخّل السفير البريطاني لدى اليمن، ريتشارد أوبنهايم، للإفراج عن نجلَي هادي المحتجزَين وعدد من أفراد أسرته. وكان مستشار “سفارة اليمن” في الرياض، أنيس منصور، كشف، في منشور على “تويتر”، أن “ضغوطاً بريطانية دفعت السلطات السعودية إلى إطلاق سراح أبناء هادي وأحفاده وطاقمه الإعلامي بعد مصادرة أجهزتهم، بما فيها هواتفهم”.
ووفقاً لأكثر من مصدر مقرّب من هادي، فقد قامت السلطات السعودية بالحجز على الحسابات البنكية التابعة لأنجال الرئيس “المنتهية ولايته” وأقربائه، وعمّمت على البنوك بوقف التعامل معه كونه أصبح “رئيساً سابقاً”. كما صادرت، في 13 نيسان الجاري، الطائرة الرئاسية الخاصة به، وأبلغت طاقمها بعدم التعامل معه وأسرته، ووضعتها تحت إمرة رئيس “المجلس الرئاسي” الجديد. وأعقب ذلك تسريح كامل الطواقم التابعة لمكتبه، بما فيها طاقمه الإعلامي وفريق المراسيم وطاقم الطائرة.
واندرجت هذه الخطوات في إطار ترتيبات سعودية لمصادرة ثروات هادي، بعدما كلّفت الرياض، في العاشر من الشهر الجاري، لجنة لحصر تلك الممتلكات في السعودية ومصر. وعلى مدى الأسبوعَين الماضيَين، تلقّت السلطات السعودية عدداً من الطلبات، تقدّم بها سياسيون يمنيون يتواجدون في الرياض، لزيارة هادي، على غرار الزيارات التي قاموا بها إلى نائبه علي محسن الأحمر، إلّا أن تلك الطلبات قوبلت بالرفض والتجاهل.
وبعد أن دشّن العشرات من الناشطين اليمنيين في مواقع التواصل الاجتماعي حملة تحت وسم “أين هادي”، عقب أنباء عن تردّي حالته الصحّية كونه مصاباً بالقلب، سرّبت الاستخبارات السعودية صورة له، في محاولة منها لنفي الأنباء التي تحدّثت عن وفاته أو تقييد حريته، إلّا أن الصورة التي ظهر فيها الرجل مرتدياً ثوباً سعودياً في غرفة ضيّقة، أثارت المزيد من الشكوك حول كونه محتجزاً، خصوصاً أن الهاتف الذي إلى جواره بدا مفصولاً.
مع ذلك، تفاجأت السلطات السعودية والمجلس الرئاسي الموالي لها، السبت الماضي، ببرقيات مبعوثة من هادي إلى رؤساء الدول العربية والإسلامية بصفته “رئيساً للجمهورية اليمنية”. وبينما تكتّمت بعض الدول عن نشر تلك البرقيات، نشرت وكالة الأنباء الرسمية الليبية خبراً عن تلقّي رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا، محمد المنفي، برقية تهنئة بمناسبة شهر رمضان ممّن وصفته بـ”الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي”، في ما عدّه مراقبون مؤشّراً إلى أن الأخير وأقرباءه لا يزالون يرفضون إزاحته من المشهد السياسي.
وعلى إثر ذلك، فتحت السلطات السعودية تحقيقاً مع طاقم هادي حول إرسال تلك البرقيات، فيما أعادت وزارة الخارجية في الحكومة الموالية للرياض توجيه السفارات اليمنية في الخارج بإبلاغ الحكومات التي تتواجد في بلدانها بأن هادي لم يَعُد الرئيس الحالي لليمن.
وبحسب مصادر سياسية يمنية، فإن بريطانيا مستمرّة في وساطتها لإخراج الرئيس المنتهية ولايته من السعودية، وهي تقود جهوداً دبلوماسية للإفراج عنه وأفراد أسرته، غير أن الرياض تَعِد إلى الآن بتخفيف الإجراءات عنه فقط، رافضةً مغادرته أراضيها في الوقت القريب.
وبفعل ذلك، رفض أوبنهايم المشاركة في مراسيم أداء اليمين الدستورية التي جرت في عدن أوّل من أمس، بحضور سفراء الاتحاد الأوروبي وعدد من دول العالم، إضافة إلى المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ.