أمريكا فرعون العصر
مقالات|| الصمود|| منصور البكالي
يقول اللهُ عن فرعون: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أبناءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ، إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)، كلامٌ واضحٌ لا يحتاجُ لتفسير أَو تأويل فيما لو أسقطناه على واقعنا لوجدناه ينطبق كليًّا على أمريكا، وكأن فرعونَ حاضرٌ بين أظهرنا، وتتخذه أمريكا نموذجاً لبسط هيمنتها على العالم واستعبادها للشعوب والطوائف والأحزاب والتنظيمات السياسية في هذه الدولة أَو تلك، فتتدخل في كُـلّ الأمور لتفسدها، وتحرّض أتباعها لقتل واستعباد من يعارضها، أَو يعارض سياستها.
وَإذَا ما جئنا للحالة اليمنية كشاهد حي على تلك الفرعنة، وما يمارسه العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي بحق الشعب اليمني منذ 8 أعوام، وربطه بما كان يرتكبه فرعون بحق بني إسرائيل آنذاك، لوجدنا أن ذات الأُسلُـوب يتكرّر من خلال قتل الأطفال والنساء ونهب الثروات والمقدرات وإفساد الحياة الاقتصادية والمعيشية لشعبنا من سياسات الإفساد كنقل البنك المركزي اليمني واستهداف العملة ووقف صرف مرتبات الموظفين، ومنع دخول المشتقات النفطية وسفن الغذاء والدواء والقائمة تطول للحديث حول ذلك.
فيما لو انتقلنا لطريقة الاستضعاف والأمريكية لوجدنا من مشاهد حصار الدريهمي دروساً وعبراً تعكسُ الحال الذي وصلت إليه أمريكا والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، فمشاهدُ موت المرضى دون الحصول على الأدوية، وأكل المواطنين المحاصرين لأوراق الأشجار بدلاً عن الخبز، بل إن الأفظع من ذلك هو تعمد المنظمات الأممية إدخَال أكياس دقيق تملؤها الديدان والحشرات، بقدر ما هي وسيلة لتضليل الراي العام وأن الأمم المتحدة تقومُ بدورها تجاه المدنيين في اليمن.
إفشالُ تبادل ملفات الأسرى وصرف المرتبات، والتمهيد للحلول السياسية بين أبناء اليمن، من جهة، وبين صنعاء والرياض عبر المفاوضات السياسية أَيْـضاً مظهر آخر من مظاهر الإفساد الأمريكي لحياة الشعوب، وعملها لاستدامة لغة القتل والذبح والتحريض، وهي تدعم وتمول، وفي المقابل تحتل وتنهب وتصادر.
بل إن مقدارَ الهيمنة الأمريكية اليوم تجاوزت كُـلّ حَــدِّ غرور وظلم وعدوان فرعون على بني إسرائيل جغرافياً وسياسيًّا واقتصاديًّا، لتصل إلى الهيمنة الكلية على العالم، وفرض سطوتها عليه وعلى مقدرات الشعوب فيه، وفق أجندة وأهداف يخطط لها كبار اليهود الصهاينة.
أما في حالة فلسطين والعراق وسوريا وليبيا، وما يمارس من حصار ضد إيران وفنزويلا وروسيا، وما يمارس من ابتزاز سياسي واقتصادي ضد لبنان فهو صورة أُخرى من صور الفرعنة الأمريكية أَيْـضاً، كما هو الشاهد من الفظاعات والجرائم المرتكبة بحق بقية الشعوب منذ الحرب العالمية الأولى والثانية وإلى اليوم، وتكاد الآية تقول إن أمريكا علت في الأرض وجعلت أهلها شيعاً تستضعف طائفةً منهم تذبح أبناءهم وتستحيي نساءهم، إنها كانت ولا زالت من المفسدين.
وبرغم كُـلّ ذلك لا يزال الرأي العام العالمي لا يتأثر من مشاهد انتشال الجثث وتجميع الأشلاء، والدماء المسفوكة ظلماً وعدواناً على الشعب اليمني ولن تؤثر فيه وفي مشاعره وضمائر أحراره معاناة شعب بإكماله، ليصل إلى معرفة ماذا يجري في اليمن! ويطالبُ بالوقف الفوري للعدوان والحصار الأمريكي السعوديّ على اليمنيين، ويساعد في تشكيل رأي عام عالمي مناهض للسياسات الأمريكية في العالم، ويعجل في زوالها وغرقها ووصولها إلى ذات المصير الذي وصل إليه فرعون وجنوده.