الهُــدنة بين مد اليمن وجزر العدوان
مقالات|| الصمود|| منير الشامي
انتهت فترة الهُــدنة الأخيرة في الثاني من شهر أُكتوبر الجاري ولذلك يستغرب الكثير من المهتمين والمحللين ويتساءلون عن أسباب تعليق الهُــدنة فلا عادت الحرب ولا تم التوصل إلى اتّفاق بشأن التمديد وقد يتساءل البعض بقوله هل مددت الهُــدنة نفسها دون تدخل طرفيها.
والحقيقة أن الهُــدنة وقعت بين مد اليمن وجزر دول العدوان؛ بسَببِ الشروط التي طرحتها صنعاء للتمديد هي شروط بسيطة وتمثل حقوقاً أَسَاسية للشعب اليمني في الحرب وفي الهُــدنة ليست مجحفة ولا صعبة ولا تعجيزية ولا يترتب عليها أي أعباء مالية أَو تكاليف ستتحملها دول العدوان ولن تخسر سنتاً.
والعالم يدرك من أقصاه إلى أقصاه أن شروط قيادتنا لتمديد الهُــدنة لا تتعدى الحقوق الأَسَاسية والمشروعة لأي شعب يخوض حرباً بنص القانون الدولي، لكنها بالنسبة لدول العدوان لا تمثل كارثة عليه فحسب بل تعتقد تلك الدول المستكبرة أن تنفيذها مستحيلاً لما يترتب عليها من نتائج كارثية عليهم وعلى مخطّطاتهم المستقبلية في اليمن بشكلٍ عام.
دول العدوان اليوم واقعة في أصعب ورطة وأشد موقف لم يعد بأيديهم أية ورقة ضغط استنفذوا كُـلّ رهاناتهم وحرقت كُـلّ أوراقهم ولم يعد أمامهم غير خيارين أحدهما أشد مرارة من الآخر، الأول القبول بشروط صنعاء وتنفيذها وهذا يعني إعلان الهزيمة بالنسبة لهم؛ لأَنَّ شرط صرف المرتبات لكافة موظفي الدولة مدنيين وعسكريين مثلاً ستتمخض عليه نتائج كارثية عليهم وأولها أنهم يتوقعون في حال موافقتهم على صرف مرتبات الجيش والأمن أن يخسروا ٩٥ % من مرتزِقتهم؛ لأَنَّهم سيعودون إلى صف وطنهم ممتنين للقيادة في صنعاء؛ باعتبَار أن المال هو سبب انجذابهم للارتزاق ولذلك سيفضلون بدون شك استلام مرتباتهم بكرامة على استلام مرتبات الارتزاق تحت ذل الغازي والمحتلّ وفي حالة حدوث ذلك ستفشل مخطّطاته المستقبلية في اليمن سواءً مخطّط التشطير أَو مخطّط الحفاظ على صراع مستقبلي بمعنى أنهم سيخسرون وقود الصراع المستقبلي ويدفعون المرتزِقة من أبناء المحافظات الجنوبية نحو التمسك بالوحدة والقناعة بضرورتها خُصُوصاً وأن قيادة صنعاء مصرة على صرف المرتبات لكل اليمنيين في الشمال وفي الجنوب المناهضين والمرتزِقة هذا من جهة ومن جهة أُخرى؛ لأَنَّ صنعاء تحتفي بالعائدين إلى صف الوطن وتكرمهم وتعاملهم كما لو أنهم ما كانوا يوماً في صف التحالف.
أما الخيار الثاني والأخير المتاح للتحالف فهو رفض تنفيذ شروط صنعاء وعودة الحرب وفي هذه الحالة فَـإنَّ النتائج على دول التحالف العدواني وأولها أمريكا وبريطانيا وكلّ دول أُورُوبا ستكون أَيْـضاً كارثية وهم أول من سيحترق بنيرانها؛ لأَنَّهم يدركون جيِّدًا أنهم في ظل هذا الخيار يكونون قد أجبروا صنعاء على خوض حرب وجودية وهذا سيدفعها إلى استخدام أقوى أوراقها وأشدها إضراراً بهم خُصُوصاً مع المستوى العالي للقوة العسكرية العظيمة التي وصلت إليها قوات صنعاء إعداداً وتسليحاً واستخدامها لتلك الأوراق القوية والتي لم تستخدمها سابقاً أقل ما سينتج عنه حدوث أخطر أزمة عالمية في مصادر الطاقة تركع أمامها أقوى وأكبر أنظمة الاستكبار العالمي وفي هذه الحالة ستصبح مجبرة على تنفيذ أي شروط تشترطها صنعاء حتى ولو كانت مجحفة أَو حتى مستحيلة فستكون دول الاستكبار مجبرة على تنفيذها وهو ما يعني بالنسبة لهم وكأنك يا بو زيد ما غزيت كما يقال وفي كلا الخيارين تكون النتيجة واحدة هي فضيحة التحالف وإعلان هزيمته.
تصريحات المندوبين الأمريكي والبريطاني في مجلس الأمن وكذلك ما أورده المبعوث الأممي إلى اليمن في تقريره أمام المجلس في جلسة أتت كلها كمحاولة أخيرة للضغط والمساومة على قيادة صنعاء ولكن سرعان ما أحرقتها قيادة صنعاء بخطاب الرئيس مهدي المشاط، وبتغريدات عدد من أعضاء القيادة كعبد السلام والحوثي والعزي، فتغريدة محمد عبدالسلام التي أعلن فيها فشل تمديد الهُــدنة بعد جلسة مجلس الأمن كان يترتب عليها بدء العمليات العسكرية الفورية من جانب صنعاء إلا أنه كما يبدوا أن دول العدوان حركوا أقوى الوساطات وقدموا أوثق العهود بتنفيذ الشروط بعدها وبعد تحذير الرئيس المشاط في سياق خطابه بمناسبة ذكرى ثورة 14 أُكتوبر وهذا على ما أعتقد سبب تأجيل البدء باستئناف العمليات العسكرية لذلك فلا يمكن حتى هذه اللحظة الجزم بمستقبل الهُــدنة أَو الجزم بالعودة إلى مربع الحرب ويبقى الاختيار والقرار لدول العدوان قبل أن ينفد صبر صنعاء وتسلبهم القرار.