ثمن باهظ لرفض العدوان مطالب صرف مرتبات الموظفين ورفع الحصار: ضربة منع نهب الثروة.. تكرِّس معادلات حماية الحقوق وفرض السيادة اليمنية
ثمن باهظ لرفض العدوان مطالب صرف مرتبات الموظفين ورفع الحصار: ضربة منع نهب الثروة.. تكرِّس معادلات حماية الحقوق وفرض السيادة اليمنية
الصمود../
في ٢٥ مارس ٢٠٢٢، ردّت القوات المسلحة على استمرار الحصار الظالم، بدّك منشآت أرامكو في جدة ومنشآت حيوية في عاصمة العدو السعودي الرياض بدفعة من الصواريخ المجنحة، ومهاجمة مصفاة رأس التنورة ومصفاة رابغ النفطية بأعداد كبيرة من الطائرات المسيّرة، ناهيك عن ضرب أرامكو جيزان ونجران بأعداد كبيرة من الطائرات المسيّرة، وأهداف حساسة أخرى في جيزان وظهران الجنوب وأبها وخميس مشيط بأعداد كبيرة من البالستيات، في عملية واسعة وكاسحة سُميت بكسر الحصار الثالثة، ومن خلال التأمل في أماكن تنفيذها يظهر التمكن والقوة التي تمتلكها القوات المسلحة، والتي تسببت في إحداث حالة من الاضطراب والقلق السعودي، حيث لم تخف قنوات النظام السعودي الخبر وتداولته، فيما تواردت الأنباء عن عدم قدرة النظام السعودي على احتواء الحرائق التي اندلعت خصوصا في جدة، وكانت تلك العملية هي القاصمة وآخر عملية نفذّتها القوات المسلحة في عمق العدو السعودي، وهنا ما يجدر الربط بينها وبين العملية التحذيرية للسفينة النفطية في ميناء الضبة بحضرموت.
“كسر الحصار الثالثة”
لم نشر إلى “كسر الحصار الثالثة” عبثاً، إنما للدخول إلى ما جرى بعدها، حيث أجبرت القوات المسلحة تحالف العدوان على توقيع هدنة عسكرية دخلت حيز التنفيذ في الثاني من أبريل ٢٠٢٢، ثم استمرت لشهرين، وجرى تمديدها لشهرين آخرين، ماطل فيها العدو في تنفيذ استحقاقات الهدنة من رحلات مدنية وسماح بدخول سفن النفط، ليأتي بعدها التمديد الثالث الذي انتهى في ٢ من أكتوبر الجاري، وفور إعلان التمديد الثالث أعلن الوفد الوطني على لسان رئيسه أن قبول التمديد جاء شريطة وضع آلية لصرف المرتبات والبدء بصرفها، وأنه يعتبر آخر تمديد إن لم ينصع العدو لمطالب الشعب اليمني بصرف رواتبه من عائداته النفطية والغازية، وحتى اليوم مرت عشرون يوما على انتهاء التمديد الثالث، ليظهر الأمريكي ومجلس الأمن والسعودي معتبرين مطالب صنعاء بصرف الرواتب بالمستحيلة والشروط التعنتية، الأمر الذي قابله الوفد الوطني والمجلس السياسي برفض أي تمديد إلا بصرف الرواتب، التي هي حق سيادي لليمنيين، في الحين الذي يعبث فيه المرتزقة وقوى العدوان بالعائدات اليمنية من النفط والغاز.
في سياق الحرص على صرف رواتب الموظفين من عائدات النفط، لم تتوان صنعاء في تحذير الشركات النفطية التي تنهب النفط والغاز اليمني، وجاء التحذير على لسان السيد القائد ورئيس الجمهورية وقيادات عسكرية، ليأتي بعدها تحرير مذكرات تخاطب الشركات النفطية التي تنهب النفط اليمني، محذرةً إياها من استمرار النهب والعبث، ولعل الأهم هو الجهة التي أصدرت تلك المذكرات بتوجيه من رئيس الجمهورية، وصدرت المذكرات من اللجنة الاقتصادية العليا، وهي المسؤولة عن الملف الاقتصادي، وهنا ما يشير إلى أهمية الأمر بالنسبة للمجلس السياسي الأعلى، لكونه يتعلق برفع جزء كبير من معاناة أبناء الشعب اليمني، جرّاء انقطاع المرتبات ونقل وقرصنة وظائف البنك المركزي اليمني في صنعاء، وهو ذات الوقت الذي تعمل فيه القوات المسلحة على التحضير والتجهيز للتعامل مع المتغيرات، حال انتقال المعركة من الجانب السياسي، وإحالة المهمة إلى الجانب العسكري، وهنا كانت تصريحات وزير الدفاع واضحة ومهمة ومفصلية، بيد أن الشركات النفطية لم تكن قد تفهمت الأمر كما ينبغي..
استثناء وحيد
بدون حرج تروج أبواق الارتزاق بأن صنعاء هي من ترفض صرف المرتبات، ومن بين معطيات ومتغيرات متعددة، يتجلى موقف المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ الوطني، وتبدأ التحذيرات التي وُجهت للشركات النفطية، بالدخول حيّز التنفيذ ولو بطريقة بسيطة، تضمن إيصال الرسالة التي لم تستوعبها تلك الشركات.
لقد أعطت صنعاء استثناء وحيدا للسفينة النفطية “هانا” التي نقلت مواد نفطية لمحطة كهرباء عدن، هنا يختلف الأمر تماما، ويوجه رئيس الجمهورية بالسماح للناقلة النفطية بالعبور، لكونها تتعلق بجانب خدمي لأبناء مدينة عدن، وهنا نشير إلى دلالات الموقف، من حيث القدرة الاستخبارية العالية لصنعاء في معرفة تحركات الناقلات النفطية وهويتها ووجهتها، وهو الأمر الذي يؤكده حتى المرتزقة أنفسهم في ما يتعلق بهذه السفينة الأخيرة التي بقت خارج المياه الإقليمية، بحسب ما يسمى بمحافظ حضرموت التابع للمرتزقة.
نيران تحذيرية
لقد نفذت القوات المسلحة عملية تحذيرية وصفتها بالبسيطة، لهذه السفينة التي تذكر اللجنة الاقتصادية في بيان لها بأنها تحمل علم جزر مارشال وتدعى KEA NISSOS، وبالخوض في تفاصيل العملية يذكر متحدث القوات المسلحة أن العملية التحذيرية البسيطة جاءت نتيجة لمخالفة السفينة للقرار الصادر عن الجهات المختصة بحظر نقل وتصدير المشتقات النفطية السيادية اليمنية، وهنا ما يؤكد ويكشف أولويات القوات المسلحة في ما يتعلق بالمرحلة الحالية، كما أن العملية تحمل رسالة واضحة لدول العدوان بامتداد ألسنة النيران باتجاهها وهي التي امتنعت عن الانصياع لمطالب الشعب اليمني بصرف المرتبات من عائدات النفط اليمني، وهنا ما يقطع الطريق أمام المرتزقة والبنك الأهلي السعودي الذي يتلقى العائدات والتي بلغت مليارات الدولارات منذ بداية العدوان.
بصريح العبارة تذكر القوات المسلحة الهدف من العملية، وتؤكد أنها جاءت منعاً لاستمرار عمليات النهب الواسعة للثروة النفطية، وعدم تحصيصها لصرف المرتبات وتحسين الجوانب الخدمية لأبناء الشعب اليمني، وهنا رسالة ربما وصلت للشركات النفطية خصوصا والرسالة ستنقل عبر سفينة وطاقم كان قريبا من النار على المياه اليمنية، وهنا ما يضرب العلاقة الخيانية بين المرتزقة والشركات النفطية، ويضمن الحقوق السيادية لليمنيين حتى تستكمل القوات المسلحة مهمة انتزاع الحقوق من بين أشداق التحالف العدواني، وذكرنا سابقا كيف سارعت السعودية ومن ورائها أمريكا إلى القبول بالهدنة بعد عملية “كسر الحصار الثالثة”، لما لذلك من أثر كبير على سوق النفط العالمي، بالتزامن مع الحرب الروسية الأوكرانية، وعلى خلفية الخلاف الأخير بين السعودية وأمريكا، بخصوص تخفيض إنتاج النفط، وهنا تقف السعودية بانتظار ضربات قد تمنع تماما إنتاج النفط لا التخفيض منه فقط.
وبالعودة إلى تفاصيل العملية التحذيرية النوعية فقد خاطبت الجهات المختصة السفينة وأبلغتها بقرار المنع استناداً إلى القوانين اليمنية النافذة والدولية ذات الصلة أيضاً، وحرصاً على سلامة وأمن البنية التحتية لليمن، وأمن السفينة وطاقمها، جرى التعامل بإجراءات تحذيرية، وهنا ما يشير إلى الاحترافية العالية في التخطيط والتنفيذ دون الإضرار بأي منهما، ثم أجبرت السفينة على المغادرة دون أن تنهب لتراً واحدا من النفط اليمني الخام، حيث أصبح الأمر مختلفاً، فما بعد ٢١ أكتوبر ليس كما قبله، والنفط اليمني أصبح محرما على الشركات الأجنبية والمحلية، خصوصاً بعد أن أكدت القوات المسلحة على لسان ناطقها أنها لن تتردد في القيام بواجبها في إيقاف ومنع أي سفينة تحاول نهب ثروات الشعب اليمني، وهي هنا لم تدلي بهذه التصريحات إلا بعد تنفيذها للعملية التحذيرية، مؤكدةً قدرتها على شن العديد من العمليات التحذيرية دفاعا عن الشعب اليمني وحماية لثرواته من النهب والعبث، وهنا تذكر المصادر أن المبعوث الأمريكي ظل منذ حوالي أسبوعين يعمل من أجل السماح للسفينة للوصول إلى ميناء الضبة لنهب مليوني برميل، إلى أن جاء الرد عليه بهذه العملية التحذيرية الناجحة.
أن تجدد القوات المسلحة التحذير لكافة الشركات المحلية والأجنبية، بالامتثال الكامل لقرارات السلطة في العاصمة اليمنية صنعاء، بالابتعاد عن أي مساهمة في نهب الثروة اليمنية، فإن ذلك يعني أن شرارة معركة استعادة الثروات اليمنية قد اندلعت، وأن القوات المسلحة بدأت في خوض غمارها بإمكانيات عالية ونوعية ودقيقة ظهرت خلال العروض العسكرية، وتشهد سنوات العدوان الثمان بذلك على مختلف الأصعدة، وبالرغم من أن العملية تبدو بسيطة إلا أنها تحمل في طياتها العديد من الرسائل والدلالات المحورية التي تتشكل على ضوئها ملامح المرحلة القادمة، وليس ذلك فحسب، فتهديدات القوات المسلحة وتحذيراتها قد امتدت نحو الشركات الأجنبية العاملة في دول العدوان، معلنة تلك المناطق مناطق غير آمنة للاستثمار، وبقدرما أسعدت العملية اليمنيين وزفت لهم البشرى ببدء عودة حقوقهم المنهوبة، فإنها أحدثت حالة من القلق والرعب لدى المرتزقة وأسيادهم من قوى العدوان، وحتى عند الأمريكي نفسه، فمن يمتلك القوة الرادعة التي سبق وأثبتت جدوائيتها في عمق دول العدوان بأكثر من عملية نوعية، هو ذاته من يقاتل لنيل حقوق شعبه، وتشرفت الطائرات المسيّرة بحسب الأنباء بإيصال رسائل النار التحذيرية للسفينة اللصوص التي جاءت لتنهب النفط اليمني، في الحين الذي يحتجز تحالف العدوان السفن النفطية الواحدة تلو الأخرى، وما هذه العملية إلا القاعدة التي ينبني عليها انقلاب موازين المواجهة بالردع الكبير، في ما يتعلق بحماية السيادة اليمنية براً وبحراً وجواً، بعد أن وصلت المفاوضات مع المعتدين إلى طريقٍ مسدود.
*الثورة / عبدالجليل الموشكي