صمود وانتصار

إحتفالات الهالوين تظهر عمق التوتر السعودي الإماراتي من جديد

إحتفالات الهالوين تظهر عمق التوتر السعودي الإماراتي من جديد

الصمود../

احتفالات شيطانية، هكذا وصف الفريق ضاحي خلفان نائب رئيس شرطة دبي الاحتفال بالهالويين في بلاد المسلمين في إشارة إلى الاحتفالات الواسعة التي أقيمت بهذه المناسبة في بلاد الحرمين.

جاء ذلك في سلسلة تغريدات لخلفان على صفحته الرسمية على تويتر، حيث قال: “السماح للمسلمين باحتفالات الهالوين كارثة أخلاقية تضرب في صميم قيمنا العربية والإسلامية.. إنها احتفالات شيطانية بكل ما تعني هذه الكلمة من خروج عن المألوف”.

و أضاف: “في ظل هذه الهجمة الشرسة على القيم والأخلاق الرصينة علينا أن نشكل جدارا منيعا عصيا على المخربين اختراقه قائم على إعلاء أوامر الله بالمعروف ونواهيه عن المنكر…وأي تخاذل في عزيمتنا سيكون سببا لدمار قيمنا ومجتمعاتنا”.

واستطرد قائلا: “الله الله في ابناء المسلمين يا عباد الله.. علينا أن نعلن جهاد القيم حتى لا يصيبنا الندم.. والله سنسأل يوم لا ظل إلا ظله ماذا كان موقفنا من التصدي للمنكر عندما رأيناه.. من رأي منكم منكرا فليغيره.. بيده.. وإن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.. علينا أن لا نتقهقر امام الحملات الشيطانية الهدامة للأخلاق.. قيمنا الإسلامية مضرب فخر لنا فلا نتهاون فيها”.

و طالب أبناء المسلمين بعدم الانجرار وراء حضارة الغرب المزعومة قائلاً : “لا يغركم الغرب بمزاعم حضارته.. انه يموت موتا بطيئا وستذكرون ما أقوله لكم.. علينا ان ننعت الغلط بأنه غلط ولا نخشى في الحق لومة لائم.. اللهم اجعلني وذريتي ممن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يا رب العالمين.. انها مرتبة شرف لا ينالها الا من أكرمه الله”.

وقوبلت انتقادات خلفان بهجوم واسع من رواد مواقع التواصل، الذين انهالوا بالرد والسخرية على انتقاداته وتجاهله لما يجري في أرض الإمارات من افتتاح للمعابد الهندوسية واليهودية والسماح بالمجون والفسوق في فنادق دبي. واستغرب الناشط والكتاب والصحفي السعودي تركي الشلهوب من التغريد هذا قائلا: (الحليف) ضاحي خلفان ينتقد رعاية نظام ابن سلمان للهالوين، ويتهم النظام بالسعي لضرب القيم العربية والإسلامية، ويصف الاحتفالات بالشيطانية.. ننتظر رد الذباب والوطنجية، وسعوديو الإمارات.

و تأتي انتقادات الفريق ضاحي خلفان، بالتزامن مع حالة من الجدل المتواصل في السعودية بشأن إقامة فعالية “ويكند الرعب”، أي نهاية أسبوع الرعب، بارتداء أزياء تنكرية مرعبة. حيث اعتبرها البعض احتفالا بعيد الهالوين، خاصة أنها جاءت قبل يومين من الاحتفال بالهالوين في الغرب.

فيما قالت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية إن السعودية لم تكن لتحتفل بمناسبة الهالوين خلال العام 2022 لولا موافقة ولي العهد محمد ابن سلمان.

وذكرت الصحيفة في تقرير أن ولي العهد سمح للحكومة السعودية برعاية الحدث، لأنها تخدم خطتهُ في تغيير البلاد.

وأشارت إلى أن الحكومة السعودية نظمت احتفالات الهالوين في الرياض، وجاب المحتفلون الشوارع بأقنعة وأزياء تقشعر لها الأبدان، للاحتفال بـ”ويكند الرعب”

العلاقات السعودية الإماراتية

يبدو أن الخلافات السعودية الإماراتية والتي يبدو انها تدور خلف الكواليس ولم تنته كما يعتقد الكثيرون.

من الجدير بالذكرأنه غالباً ما يشار إلى منطقة الخليج الفارسي باسم «منطقة أفضل أعداء» حيث مرت العلاقة بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بمراحل عديدة.

وبناء على العلاقة الأمنية غير المتوازنة – لصالح السعودية إلى حد كبير، تمكنت دولة الإمارات، من خلال التنمية المتسارعة، من إعادة التوازن إلى قدراتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية وموقعها كشريك للمملكة.

تحالفهم، المختوم من الربيع العربي لعام 2011، هو في قلب العديد من مسارح الاشتباكات الإقليمية، مثل سوريا وليبيا وعلى وجه الخصوص في اليمن.

بينما يبدو أن الرياض وأبوظبي تنتهجان سياسة خارجية منسجمة، فإن مصالح الدولتين تميل إلى التوترات والتي يمكن أن تتحدى بشكل أكثر ديمومة، شراكتهما الاستراتيجية. علاوة على ذلك، يبدو أن تسريع سياسة التنويع الاقتصادي من قبل النظامين الملكيين يؤدي كذلك إلى مرحلة تنافسية جديدة. وفي خضم سعيهما لتطوير شراكات جديدة، تتنافس الدولتان على «نفس حصة السوق الدبلوماسية والاقتصادية».بالإضافة إلى ما أفضت إليه المواقف المختلفة للبلدين تجاه الحرب على اليمن و إنتاج النفط و حسابات جيوسياسية ظهرت بشكل واضح بعد تولي بايدن سدة الحكم في أمريكا.

اصلاحات بن سلمان مليئة بالتناقضات

حظيت احتفالات الحكومة السعودية بالهالوين بانتقادات شديدة داخل المجتمع المحلي. و أظهرت الوقائع سياسة “الكيل بمكيالين ”التي تتبعها سلطات آل سعود حيث أنها لم تسمح بوقت سابق بالاحتفال بذكرى المولد النبوي. فيما قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إن مشهد موسم الرياض كان علامة صارخة ومخيفة بعض الشيء على إثر التغييرات التي مزقت السعودية. وقالت الصحيفة  في تقرير لها إن “بن سلمان أشبه بمن يجر السعودية من شعرها”.

وأضافت “وهي تتلوى وتصرخ، لكي يقوم بإصلاحات مليئة بالتناقضات الصارخة، من خلال حملة مصحوبة بقمع عقابي ضد الليبراليين”.

فيما لفتت “واشنطن بوست” إلى أن ما يزيد الرعب هو تعذيب الناشطات أثناء الاحتجاز.

كما أكدت الصحيفة تصاعد الاستبداد الرقمي في السعودية باعتقال أو اختفاء المنتقدين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويتجاوزه إلى الحظر التعسفي على السفر، الذي غالبا ما يمتد حتى إلى أفراد عائلات المعتقلين.

وفي أغسطس الماضي، أكدت مجلة “ذا ويك” الأمريكية أن الإصلاحات التي يقوم بها ابن سلمان ليست سوى مجرد “دعاية”. وقالت المجلة في تقرير لها عن إصلاحات ابن سلمان “لا تمنح حقوق الإنسان بشكل حقيقي ولايزال هناك قمع لحرية الرأي”.

كما أكدت أن العديد من الناشطات في مجال حقوق المرأة يتعرضن للسجن في السعودية.

في حين تواجه بعض الناشطات قيودا على حرياتهنَّ حتى بعد إطلاق سراحهن، بحسب المجلة الأمريكية.

من جانبه سلط معهد “responsible statecraft” للدراسات في يونيو الماضي، الضوء على الإصلاحات التي أعلن ابن سلمان منذ وصول الرئيس جو بايدن لسدة الحكم.

وبحسب المعهد الشهير إن ابن سلمان يتحرك بخوف من العقوبات أمام ادارة بايدن بإعلان قيامه عن إصلاحات شكلية فحسب.

وأكد أنه يبدو بـ”الحقيقة أن الحكومة السعودية مستمرة بعملها المعتاد فيما يتعلق بسجلها الفظيع في انتهاك حقوق الإنسان رغم شكلية الإصلاحات”.

و في السياق ذاته قام 160 برلمانيا أوروبيا في يوم المرأة العالمي بدعوة السعودية إلى إنهاء مختلف أشكال التميز ضد المرأة والإفراج عن جميع معتقلات الرأي في سجونها. والنواب يمثلون برلمانات ألمانيا وبريطانيا وإيرلنديا وأوروبا ووقعوا على بيان مشترك يدعم المدافعات عن حقوق الإنسان في السعودية ونضالهن. وطالبوا بإفراج فوري وغير مشروط عن المعتقلات وإنهاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة وإلغاء نظام الولاية بشكل كامل. جاء البيان بمبادرة من منظمة القسط لحقوق الإنسان. غير أنه حظي على تأييد 70 عضوًا بالبرلمان الأوروبي و48 من الألماني و22 من البريطاني و21 إيرلنديًا. لكن أكد البيان إن إلغاء السعودية لقيود على حياة النساء تحت نظام الولاية جاورها إغفال لجوانب أخرى للنظام.

ولفت إلى أنه يعامل النساء كقاصرات ويقيد حرياتهن الأساسية في التعليم والتوظيف والصحة والزواج وحقوق الجنسية. ونبه البيان إلى أن الإصلاحات مؤخرًا لحماية النساء من التعنيف تفتقر للأدوات اللازمة لتطبيقها. وأشار إلى ذلك يترك النساء عالقات في أوضاع يشوبها التعنيف، وحيث “عقوق” ولي الأمر ما زال جريمة يعاقب عليها القانون.

ودان البيان معاملة السلطات للنساء الرائدات بالعمل لأجل حقوق النساء في السعودية واعتقالها عدد كبير منهن في 2018 واحتجازهن وتعذيبهن. وعدد مثل نسيمة السادة وسمر بدوي اللتين ما زلن في السجن ومحاكماتهن مستمرة. وأشار إلى أنه استمر ذلك حتى وقت الإفراج عنهن، إذ كان الإفراج مشروطًا ومقيدًا بقيود شديدة.

وبينت أن المدافعة عن حقوق الإنسان لجين الهذلول، مثلًا بعد أن أفرج عنها في 10 فبراير 2021 بعد قضاء 1,000 يوم سجن، فهي لا تعيش بحرية.

لكن مسؤولة المناصرة في القسط جوليا ليغنر قالت: “دعم هذا العدد الكبير يبين أن قطاعات دولية كبيرة لم تقنعها مزاعم السعودية بتحسينها حياة النساء”.

وأكدت أن السياسيات والسياسيون الأوروبيون مع النساء السعوديات اللاتي يواجهن التمييز الممنهج.

في الختام أشادت القسط بالبرلمانيين والبرلمانيات على الدعم، مكررة دعوتها لسلطات لإسقاط كافة الدعاوى الموجهة للمدافعات عن حقوق الإنسان.

المصدر : موقع الوقت التحليلي