الزعيم الفرعون الراقص على رؤوس الثعابين!
الصمود|| الصمود|| عبد القوي السباعي
39 عاماً هي أطول مدة قضاها حاكم يمني على مدى التاريخ، 39 عاماً ظل الزعيم الفرعون علي عبدالله صالح متربعاً على كُرسي الحكم في اليمن، منها 33 عاماً بشكلٍ مباشر، وستة أعوام من خلف ستارٍ يمثلهُ طابور طويل من عناصر الدولة العميقة التي نشأت وترعرعت في كنفه طوال فترة حكمه وربما إلى اليوم، ولم يكن الزعيم الفرعون يترك مناسبة إلا ويتحدث تصريحاً أَو تلميحاً عن حكاية رقصه فوق رؤوس الثعابين.
39 عاماً ظل الشعب اليمني يرزح بين مطرقة الخارج المتمثلة بالزعيم الفرعون وبين سندان الداخل الملتهب والمتمثل بثعابين سحرة وسدنة “الكابتول” البيت الأبيض العتيق.
39 عاماً حصدت من أرواح اليمنيين أكثر من 23 ألف نسمة ما بين قتيلٍ ودائم الإعاقة خلال وبعد معارك المناطق الوسطى من البلاد، كما حصدت أكثر من 30 ألف نسمة ما بين قتيلٍ ومعاق ودائم الإعاقة في معارك حرب صيف 94م، وبحسب الوثائق الرسمية آنذاك، فقد أعلن عن مقتل 1131 جندياً ومدنياً، و5000 جريح، وهو ادِّعاء طرف النزاع في صنعاء، فيما كان ادِّعاء طرف النزاع في عدن، عن مقتل 7000–10000 نسمة، 6000 قتيل عسكري و5130 قتيلاً مدنياً.
كما حصدت حروب معارك صعدة أكثر من5000 نسمة حتى بداية الحرب السادسة في أغسطُس 2009م، إلى فبراير 2010م)، ليضاف العدد فقط في صفوف المدنيين إلى 8263 قتيلاً، بزيادة 263 قتيلاً، لتكون مجموع الخسائر فيها نحو25.000 قتيل 10.000 معاق من الجيش ومن أبناء القبائل، ناهيك عن تشرد 250.000 نازح، يضاف إليه 2000 شخص دائم الإعاقة، كما حصدت الأعوام من (2006-2011م)، أكثر من 4 آلاف نسمة ما بين قتيلٍ ودائم الإعاقة في معارك سميت بــ “مكافحة الإرهاب”.
39 عاماً من الانبطاح والعمالة والتبعية المفرطة لممالك الخليج لا سيَّما السعوديّة وأمريكا، رهُن فيها القرار والسيادة الوطنية وتكللت بالتفريط حتى بالأرض التي كانت في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي والرئيس سالم ربيع علي، تبلغ مساحتها الإجمالية (913 ألف كم2) بدون الربع الخالي، لتتقلص إلى (555 ألف كم2) فقط، في إطار اتّفاقية جدة يونيو 2000م.
39 عاماً من الهندسة الاقتصادية والسياسية على قاعدة ترسيخ الفساد المالي والإداري في كُـلّ مفاصل الدولة، والتقسيم الانتقائي والتوجّـه الإقصائي، والاستحواذ على كافة مقومات الحياة، ومحاربة الاستثمار والمستثمرين من رؤوس الأموال اليمنية، بدوافع الحماية.
39 عاماً من الظلم والقمع، من الطغيان والاضطهاد والتسلط، ومن الهندسة الاجتماعية المتجهة نحو سياسة تفريق وتمزيق النسيج الاجتماعي، وإثارة النزعات وتغذية الحروب القبلية البينية، والتي لم تُخمد إلا بعد قيام ثورة الـ21 من سبتمبر 2014م، وسياسة ادعم هذا لضرب ذاك، ووفق إحصائيات رسمية العام 2009م، بلغ ضحايا الثأر القبلي والنزاع المغذى رسميًّا في اليمن نحو 30 ألف قتيل قبلي، منذُ العام 1980م، حتى 2009م.
39 عاماً لم يكن الزعيم الفرعون إلا واجهة صورية وظاهرة صوتية في حين تناوب سفراء القوى الاستكبارية الإقليمية والدولية السيطرة على مقاليد الحكم وتوجيه قراراته الرئاسية والحكومية، فتارة للسعوديّ وتارة أُخرى للأمريكي، حتى بات الجميع يعرف السفير الأمريكي بشيخ مشايخ اليمن.
39 عاماً، لا مجال فيها لليمني الأصيل، أَو الوطني النزيه، أَو الموظف الغيور والحر الشريف، في قائمة المناصب السياسية والحكومية ما لم يُجِدْ مبادئَ النفاق والتملق، وامتلاك النزعة القتالية في تسلق جدران المسؤولية مدبراً شؤونه وشؤون صانعيه المالية من عائداتها الربحية، بعيدًا عن الكفاءة والموضوعية.
39 عاماً، لم ينجز فيها الزعيم الراقص على رؤوس الثعابين، أي مشاريع إنمائية أَو بنى تحتية بقواعد يمنية خالصة، بل كُـلّ مشاريعنا عبارة عن هبات ومساعدات من الدول الصديقة أَو الشقيقة، لها دوافعها وخلفياتها.
39 عاماً لم يتمكّن الزعيم الفرعون أن ينشئ حتى مستشفى يثق بها في إجراء فحوصه الروتينية، وصدق المواطن الألماني الذي كان يتعالج في نفس القسم الذي كان يتعالج فيه الزعيم الفرعون في إحدى مستشفيات برلين، ولفت انتباهه الحركة غير العادية فسأل طبيبهُ عنها، فقال له: إن في الغرفة المجاورة يتعالج زعيم أعرق دولة عربية، وله في الحكم 33عاماً، فسخط المريض الألماني وقال: “هذا دكتاتور وفاسد”، دكتاتور؛ لأَنَّه ظل هذه المدة في الحكم، وفاسد؛ لأَنَّه وقد تهيأت له كُـلّ العوامل والإمْكَانات ولم يكلف نفسهُ ببناء مستشفى يثق هو بالعلاج فيه.
39 عاماً ولم يكن الفرعون إلا راقصاً مع رؤساء الثعابين الخَاصَّة بسحرة وسدنة معبد الكابتول الأمريكي المقدس، لذلك ظل يقول لشعبه: “أنا ومن ورائي الصومال”!، ومن “طاقة لا طاقة”، حتى تمكّنت عصا موسى من التهام الفرعون وثعابين سدنة الكابتول إلى الأبد.