صمود وانتصار

النضال والكفاح ضد المحتل البريطاني

مقالات|| الصمود|| محمد صالح الزافني

إنه يومٌ من أَيَّـام المجدِ سجلهُ التاريخُ النضالي بأحرفٍ من نورٍ لشعبِنا العظيمِ، ورجالِهِ البواسلَ المخلصين، الذين قارعوا أعظم وأعتى الإمبراطوريات في العصرِ الحديثِ، الإمبراطورية التي لا تغيبُ عنها الشمسُ، واستطاعَ هزيمةَ أعتى قوةٍ استعماريةٍ، وإجبارها على الرحيلِ منهزمةً في الثلاثين من نوفمبر عام (1967م).

 

لقد أثبت في الثلاثين من نوفمبر بكفاحك ونضالك أن المستعمرين وعملاءَهم مهما كانت قوتُهم وغطرستُهم، فَـإنَّها تتحطم على صلبة كفيك المجيدتين، وصبرك اللا محدود، وأثبت يا شعبنا ولا تزال تثبتُ أنك وستظل مقبرةً للغزاةِ والطامعين، وأن الشعب اليمني الذي لا يُقهر، لقوةِ إيمَـانك بالله، وعظمة إرادتك الوطنية الحرة، وعدالة قضيتك التي تكافح وتناضلُ عنها، فأنتَ أنت الشعبُ الذي ضربَ ولا زال يضربُ أروعَ أمثلةِ العطاءِ، وأنصعَ أنواع التضحيةِ، وأجلَّ فنونِ الصمودِ في الدفاع عن كرامتكَ وأرضكَ واستقلالك.

 

إننا نحتفل اليوم بالذكرى الـ ٥٥ لعيد الاستقلال الـ ٣٠ من نوفمبر، في ظروفٍ ومتغيراتٍ صعبةٍ ومعقدةٍ، إذ يتعرض شعبُنا اليمني لأكبر هجمةٍ عدوانية تخريبيةٍ، استهدفت اليمنَ، إنساناً، وأرضًا وتراثًا، وبنيةً تحتية، ومكتسباتً ثورية، ودولةً ووحدةً وثورةً في واحدة من أكثر الحروبِ الانتقاميةِ، دمويةً، وهمجيةً، وعدوانيةً، وبأكثر الأساليب خسةٍ ونذالةٍ ووحشيةٍ.

 

إن مما يحزُّ في النفسِ أن نحتفلَ اليومَ بالذكرى الـ ٥٥ من نوفمبر المجيد، وأجزاء من وطنِنا الحبيبِ يدنسُها وكلاءُ الاستعمار القديم، من الأعراب الذي جندوا أنفسهم لخدمةِ أهداف دولِ العدوانِ، وأطماع الإمبرياليةِ الرأسماليةِ الحديثة، التي تسعى لتحويلِ المنطقة إلى دويلاتٍ متناحرةٍ، تغرقُ في الفوضى، والفتنِ، والتبعيةِ، للوصول إلى استنزافِ ثرواتِها، وضمانِ أمن واستقرار وتفوقِ الكيانِ الصهيوني على كُـلّ دولِ المنطقة.

 

ومما يحز في النفس أَيْـضاً أن أنظمة في عالمنا العربي ينفذ من خلالها الاستعمار الجديد، وعلى رأسها نظامُ آلِ سعود الذي يمثل أحد أهم البوابات التي ينفذُ منها الغربُ الاستعماري إلى العالمِ العربيِّ والإسلامي، بل أضحى يمثلُ رأسَ الحربةِ لمشاريعِهم الساعية لوأدِ وخنقِ أي مشروعٍ عربيٍّ أَو إسلاميٍّ يعيدُ للأُمَّـة العربيةِ والإسلاميةِ قيمتَهما، وينهضُ بهما من حالةِ الركودِ الشاملِ، ويحقّق لهما التكاملَ العربيِّ، والتضامنَ الإسلامي على جميع الأصعدة.

 

لكن رسالتك أيها الشعب اليمني العظيم، التي تبعثها شعباً وقيادةً في الزمن الذي نحتفل فيه بهذه المناسبة التحرّرية الثورية، وهي الرسالة التي يجبُ أن يسمعَها العالمُ أجمعَ: “أن اليمن أرضاً وإنساناً عصيٌّ على الظلمة والطغاة والمحتلّين والغزاة، وقد سطر التاريخ ذلك في كتبه الشهيرة أن اليمن مقبرة الغزاة، وسيظل التاريخ يردّدها أبد الوجودِ اليمني، على مسامع كُـلّ طامعٍ وغازٍ، ومجازفٍ، ومتهورٍ، لا يعرف ماذا يعني قولُ اللهِ العالمِ: “نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ”، ليعيَ أي معتدٍ أَو غازٍ مهما تطاول وتعجرف، ومهما حشد واستقوى، أن مصيرَه لن يختلفَ عن مصيرِ سابقيه من الغزاةِ والمحتلّين، وسيرحل ويرحل معه عملاؤه ومرتزِقته الذين سوَّلوا له بيع الوطن، وساعدوه لتدنيس ترابِ الوطنِ الذي لا يقبل تدنيسَ أي غازٍ ومرتزِق وعميل.

 

أنتم تعلمون أنه منذ دخول قوات الاحتلال إلى تلك المناطق لم يلمس المواطن أي تغيير، أَو تحسّن لأبسط مقومات الحياة، بل يلاحظ الغياب شبه التام لأبسط الخدمات التي تتمتع بها المناطق الواقعة تحت الحصار الاقتصادي البري والبحري والجوي الغاشم، ولم تستفد هذه المناطق من التحرير المزعوم غير قليل من الطلاء وأكياس الدفن، ورغم أن الجو والبحر والبر تحت سيطرة أغنى دول في العالم، فلا كهرباء ولا مياه، ولا مشتقات نفطية، ولا رواتب ولا أمن، ولا صحة بل أغلقت عشرات المشافي، وتعطلت الدراسة، وتهدّدت الجامعات بالإغلاق والنسف من قبل عناصر القاعدة بحجّـة منع الاختلاط.

 

أتوجّـه بتحية وتهنئة تليق بعظمة الشعب اليمني الصامد والصابر الذي ضرب بصموده في مواجهة العدوان الغاشم والحصار الجائر أروع الأمثلة في التضحية والفداء.. كما أتوجّـه بالتحية الخالصة إلى كُـلّ فردٍ من أفراد قواتنا المسلحة والأمن واللجان الشعبيّة وأبناء القبائل في مختلف الجبهات ممن يسطرون أروع الملاحم البطولية في مواجهة الاحتلال وغطرسة العدوان والتصدي ببسالة وإقدام لكل المؤامرات التي تستهدف اليمن ووحدته وسيادته واستقلاله.