إحراق نسخ من المصحف الشريف يسلط الضوء على عقيدة “معاداة الإسلام” لدى الغرب الصهيوني
إحراق نسخ من المصحف الشريف يسلط الضوء على عقيدة “معاداة الإسلام” لدى الغرب الصهيوني
الصمود../
أعادت جريمةُ إحراق نسخ من المصحف الشريف في السويد تسليطَ الضوء على العِداءِ المُستمرّ الذي يحمله اللوبي الصهيوني المسيطر على الغرب نحو الدين الإسلامي ومقدساته والأمة الإسلامية، فالجريمة لم تكن مُجَـرّد حدثٍ فرديٍّ عشوائيٍّ؛ لأَنَّها تأتي ضمن سلسلة طويلة من الانتهاكات والاستفزازات التي طالت مقدسات ورموز الإسلام، وهي سلوكيات دعمتها القوى الاستعمارية الغربية المعادية للإسلام بشكل معلن وواضح، بل إنها أحاطتها بذرائع و”قوانين” تبرّرها وتحث عليها، ليصبح هذا العداء منهجا راسخا، خُصُوصاً في ظل غياب ردة الفعل المطلوبة من جانب أنظمة العالم الإسلامي التي أصبح معظمها يخضع للنفوذ الغربي الصهيوني.
عقيدة صهيونية راسخة
الجريمة التي حدثت في السويد ليست الأولى من نوعها، فالإساءَات للمقدسات الإسلامية تكرّرت كَثيراً في العديد من دول الغرب وبأكثر من شكل، بما في ذلك إحراق نسخ من المصحف الشريف، وهذه الإساءَات تترجم توجّـها واضحًا بل “عقيدة” راسخة لدى القوى المسيطرة على الغرب وعلى رأسها اللوبي الصهيوني، وهي عقيدة المعادَاة للإسلام وللعالم الإسلامي.
هذه العقيدة تبرز بشكل واضح في كُـلّ مواقف الغرب الصهيوني تجاه العالم الإسلامي، بدءا بالسياسات العدائية التي ترعى قتل وتجويع الشعوب الإسلامية والسيطرة على مقدراتها والوصاية على قرارها، وُصُـولاً إلى الاعتداء على مقدسات ورموز الدين الإسلامي، وبالتالي فالمسألة ليست حتى مسألة مبالغة في الخلاف أَو “تطرف” عشوائي، بل هي هجمة ممنهجة ومُستمرّة منذ فترة طويلة.
القرآن الكريم نفسه الذي يتعمد الغرب الصهيوني الإساءة إليه بشكل متكرّر، يتضمن تأكيدات واضحة على أن وجود هذه العقيدة العدوانية تجاه الإسلام لدى اللوبي اليهودي، وكل مجريات صراع الهُــوِيَّة بين العالم الإسلامي والقوى الصهيونية تصادق على هذه التأكيدات، بما في ذلك مجريات الصراع مع “إسرائيل” التي تعتبر ثمرة من ثمار العداء الكبير الذي يكنه الغرب الصهيوني للإسلام والأمة الإسلامية.
“حرية” الإساءة للإسلام!
ولترويج وتشجيع الإساءَات والتحريض ضد الإسلام والمقدسات الإسلامية يرفع الغرب الصهيوني دائماً دعاية “حرية التعبير” الخداعة التي ينكشف زيفها عند أقل انتقاد يتوجّـه نحو الكيان الصهيوني أَو اللوبي اليهودي، حَيثُ تجرّم القوى الغربية وبشكل صارم أي حديث عن جرائم وسلوكيات ومشاريع الصهيونية العالمية، وقد صممت لذلك تهمة خَاصَّة تدعى “معادَاة السامية” يتعامل معها الغرب كجريمة خطيرة يواجه مرتكبها أقسى العقوبات.
بعبارة أُخرى: إن “حرية التعبير” لدى الغرب الصهيوني مصممة فقط لتنفيذ سياسات اللوبي اليهود وخدمة معتقداته ومشاريعه ودعاياته، وحتى الآن تواجه أية محاولة موضوعية للتشكيك في صحة رواية “الهولوكوست” هجوما شرسا من قبل الأنظمة والقوانين الغربية، ولعل ما حدث للكاتب والمفكر الفرنسي روجيه غارودي برهانا واضحًا على أن شعار “حرية التعبير” يسقط بشكل فاضح عند أدنى انتقاد تواجهه الصهيونية.
رئيس الوزراء السويدي كان قد حاول قبل أَيَّـام تبرير جريمة إحراق نسخ من القرآن الكريم في بلاده برفع الشعار ذاته، حَيثُ علق قائلاً إن “حرية التعبير جزء أَسَاسي من الديمقراطية” مُشيراً إلى أن إحراق المصحف الشريف “أمر قانوني” في تصريح أقل ما يقال عنه أنه يشجع على الإساءَات إلى الإسلام والمقدسات الإسلامية.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان هو أَيْـضاً قد استخدم الأُسلُـوب نفسه لتبرير التطاول على النبي الأعظم صلوات الله عليه وآله، وهذا يؤكّـد بشكل جلي على أن حكومات الغرب الصهيوني تتبنى وتدعم التوجّـه العدائي ضد الإسلام والعالم الإسلامي.
غياب رد الفعل المطلوب يشجع على مواصلة الإساءَات
غياب رد الفعل المطلوب من جانب العالم الإسلامي على الإساءَات المتكرّرة للإسلام ومقدساته، كان وما يزال واحدا من الأمور التي تشجع الغرب الصهيوني على مواصلة هذا التوجّـه العدواني البغيض، فبرغم أن جزءاً مهمّاً من الجماهير الإسلامية تعبر دائماً عن غضبها إزاء الإساءَات والاستفزازات، إلا أن ذلك لا يكفي لردع الهجمة الغربية على الإسلام؛ لأَنَّ الصراع الذي تأتي في سياقه هذه الإساءَات يحتاج إلى مواقف أكثر حزما على مستوى الأنظمة والجماهير، ويتطلب سياسات رد واسعة ومؤثرة كالمقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية.
وغياب الرد المطلوب هو بطبيعة الحال نتيجة لخضوع معظم أنظمة العالم الإسلامي لنفوذ الغرب الصهيوني على كُـلّ المستويات، الأمر الذي انعكس حتى على ثقافة وتفكير جزء من الجماهير، بل إن بعض الأنظمة قد تجند نفسها ضد أي تحَرّك تحرّري يواجه العداء الغربي للإسلام كالأنظمة الخليجية.
وقد وضعت القيادة اليمنية ممثلة بالسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي هذا الأمر بعين الاعتبار، إذ تحرص دائماً على أن يكون رد الفعل من جانب جماهير الشعب اليمن واسعا ومدويا ومشجعا لبقية جماهير العالم الإسلامي للتحَرّك ضد الإساءَات المتكرّرة لمقدسات الإسلام، وهو موقف ينطلق من أَسَاسيات التوجّـه التحرّري الذي تقوده المسيرة القرآنية التي تتبنى مبدأ البراءة من القوى الصهيونية والعداء لها كما تتبنى توجّـه المقاطعة الاقتصادية كموقف ثابت ومُستمرّ.
ويحرص السيد القائد بشكل متواصل على التذكير بالصراع القائم الذي تفرضه حالة العداء الموجهة ضد الإسلام من جانب الغرب الصهيوني، كما يحرص على توجيه رسائل التحذير لقادة الغرب بالتوقف عن تبني هذا العداء وما ينتج عنه من إساءَات وانتهاكات، وآخر هذه الرسائل وجهها في خطابه بمناسبة المولد النبوي الشريف قبل أشهر.
(المسيرة)