صمود وانتصار

الأزمتين السورية واليمنية.. من يؤثر على الآخر؟

القاسم المشترك بين الأزمتين السورية واليمنية هو وجود عدو مشترك یقف وراء كثير من التطورات والإعتداءات في البلدين المتأزمين المتمثل في السعودية التي تحاول إسقاط الحكومة القائمة في سوريا برئاسة بشار الأسد والحيلولة دون تصاعد قوة التيار الثوري في اليمن أي حركة أنصار الله.
فعلى هذا الأساس تعمل رياض لإفشال أي حل سياسي للأزمتين السورية واليمنية و بينما عقدت لحد الآن عدة لقاءات سياسية بمشاركة القوى الإقليمية منها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في محاولة لتحقيق نفس الهدف وبذلت طهران بدورها كل جهودها لإيجاد مخرج مطلوب للأزمة في سوريا واليمن، لكن الرياض عرقلت هذه الحلول السياسية وافشلت كل المحاولات.
وفي ظل الظروف الراهنة، يمكن دراسة تأثيرات الأزمتين اليمنية والسورية على الآخر في ثلاثة أصعدة؛ الصعيد العسكري الأمني، والسياسي، والإجتماعي.
فعلى الصعيد العسكري الأمني، بما أن أحد طرفي الصراع على الجبهتين السورية واليمنية محسوب على محور المقاومة والجانب الآخر آلة بيد القوى الإستكبارية والإقليمية المرتبطة بها، فإنه كلما تأرجحت كفة الميزان على إحدى الجبهتين لصالح محور المقاومة، فسوف يترك ذلك تأثيرا ايجابيا على الجبهة الأخرى من حيث ميزان القوى والمعنويات القتالية.
وعلى الصعيد السياسي، هناك قوى معارضة في كل من سوريا واليمن ويعتبر الإخوان المسلمين من أهم اللاعبين على الجبهتين. ففي سوريا يعرف الإخوان كتيار تقليدي معارض للنظام السوري وفي اليمن يقف حزب الإصلاح الإخواني في الجبهة المقابلة لأنصار الله. من هنا فإن قوة حزب الإصلاح في اليمن أو ضعفه تؤثران بنفس الدرجة على التيار الإخواني في سوريا. أما اللاعب الآخر الذي ينشط في كلتي الجبهتين هو حزب البعث الذي يعتبر أحد التيارات الرئيسية في الیمن و يقف إلى جانب محور المقاومة وأنصار الله. لقد أعلن رئيس حزب البعث اليمني أن حزبه يقف دوما مدافعا ومساندا لأنصار الله. وعليه فإن وجود حزب البعث اليمني في الجبهة اليمنية إلى جانب محور المقاومة وأنصار الله ووجود حزب البعث السوري إلى جانب المقاومة يتركان تأثيرا ايجابيا في تعزيز محور المقاومة ويسبب تأرجح كفة الميزان على الجبهتين.
وأما على الصعيد الإجتماعي يجب الإنتباه إلى أن النسيج المجتمعي اليمني هو نسيج قومي و قبائلي وهذا ما يميزه عن المجتمع السوري. فمن الناحية الدينية يتمتع المجتمع السوري بتعددية دينيية فهذا ما يجعله متميزا عن المجتمع اليمني الموحد دينيا و المقتصرة مذاهبه على المذهبين الشيعي الزيدي والسني الشافعي، وعلى كل الحال، فإن وجود قاسم مشترك مذهبي في اليمن و سوريا أي وجود الشيعة الزيدية في اليمن والشيعة العلوية في سوريا والذي يستطيع أن يؤثر إيجابيا على مسار التحولات في سوريا.
رغم كل هذا، مهما حاول السعوديون تحقيق انتصارات في سوريا لكن احتمالات تاثير ذلك على الملف اليمني ضئيلة جدا، لكن في حالة الوصول إلى حل سياسي في الملف السوري والذي يعتبر هزيمة للسعودية في هذه الجبهة، سيؤثر هذا إلى حد كبير على حل الأزمة اليمنية ودفعها نحو التسوية السياسية.
ومن جهة أخرى، إذا فشلت السعودية في الجبهة اليمنية، لهذا أثر ايجابي على الجبهة السورية ويرفع من معنويات محور المقاومة ويضاعف فرصة إنتصار الحكومة السورية وجيشها. ولذلك، هزيمة السعودية في اليمن ستمس من دورها في سوريا، بل في المنطقة إلى حد كبير.

#الوقت