مدارس شهيد القرآن.. البناء الأمثل للجيل المسلم
مدارس شهيد القرآن.. البناء الأمثل للجيل المسلم
الصمود../
انتشرت خلال هذا العام الدراسي في أمانة العاصمة وعدد من محافظات الجمهورية ما بات يعرف بمدارس “شهيد القرآن”، في أسلوب تعليمي جديد مغاير للمدارس الأخرى.
وتقدم هذه المدارس واقعا تعليميا متكاملا لا يهتم فقط بالتحصيل العلمي المعرفي، بل يسعى للمزج بين حاجة التعليم واكتساب المعرفة وبين حاجة الأجيال للجوانب الروحية والقيمية الإيمانية السوية، وُصُـولاً إلى توعية الأجيال وتبصيرها بأساليب الأعداء ومخطّطاتهم لاستهداف الأُمَّــة.. إنها نموذج تعليم يسعى للسمو بمقام العقل والروح معاً.
وتنتشر مدارس “شهيد القرآن” بكل المحافظات الحرة بواقع مدرسة في كُـلّ محافظة، مع أمل التوسع في المستقبل بانتشار هذا النموذج المتكامل وما سيتركه من أثر عميق وراسخ في حياة المجتمع والأمة ككل.
في أمانة العاصمة مديرية السبعين تمثل مدارس “شهيد القرآن” حصة العاصمة باستيعابها لما يناهز ٢٠٠ طالب في المراحل الدراسية الثانوية القابلة للتوسع مستقبلاً.
وبحسب مدير مدرسة “شهيد القرآن” بالعاصمة عبد الله سمينة فَـإنَّ هذه المدرسة تطبق نموذجَ المدرسة الداخلية، فإلى جانب تعليمِها للمواد الدراسية المعتمدة من قبل وزارة التربية والتعليم كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء واللغة الإنجليزية واللغة العربية تهتم أَيْـضاً بجوانبِ التنمية الروحية والإيمَـانية للطلاب.
ويضيف سمينة: المدرسة تهتم بإتقان القرآن الكريم حفظاً وتلاوة وتجويداً في عامين دراسيين يقسم فيها حفظ وتجويد المصحف الشريف كاملاً على أربعة فصول دراسية، كُـلُّ فصل يختم فيه الطالب سبعة أجزاء ونصف الجزء من المصحف، حَيثُ يحصل المتخرج نهاية المرحلة الثانوية على شهادة الثانوية العامة.
هذا ليس إلا جانبٌ واحدٌ، فمدارس شهيد القرآن تهتم بالجوانب التربوية والأخلاقية والثقافية والدينية والمهارية على حَــدٍّ سواء.
وتعمل المدرسة على إبراز المواهب وتشجيعها عند الطلاب في جوانب الإبداع والابتكار والرسم والخط والتمثيل والزراعة والإنشاد وتقسيم الطلاب إلى مجموعات مختلفة، فهناك مجموعة القرآن الكريم ومجموعة النظام والصحة والإعلام المدرسي والصحافة والإنشاد والمسرح وأصدقاء المكتبة ونجوم العلوم وأصدقاء البيئة والفرق الرياضية الخَاصَّة بكل لعبة كذلك مجموعة الأنشطة الاجتماعية، وقد شاركت مدارس شهيد القرآن في مسابقات على مستوى المديرية وحاز طلابها على درجات أولى ومتقدمة بحسب قول مدير المدرسة.
تطبيق جماعي للدروس
ويتناول المسؤول الثقافي لمدارس شهيد القرآن أحمد الكرشمي الأُسلُـوب الدراسي والتعليمي في هذه المدرسة فيشير إلى أن التطبيق العملي والجماعي للدروس والأنشطة خَاصَّة ما يتعلق بالعبادات كالصلاة وإمامة المصلين والخطابة والخواطر والإحسان وغيرها كجوانب ثقافية مأخوذ من الثقافة القرآنية وسير أهل البيت عليهم السلام.
وكحال اليوم الدراسي في المدارس المختلفة الحكومية والخَاصَّة هناك حصص دراسية تبدأ من الثامنة صباحا وحتى الظهيرة لكن ما تتفوق به مدارس شهيد القرآن أن هناك دروساً وأنشطةً ثقافيةً ورياضيةً في فترة المساء وحتى موعد النوم.
تبدأ الأنشطة المختلفة -حسب مسؤول الأنشطة بالمدرسة نجيب بهرم- كروتين دائم فيقول: “ما قبل موعد الفجر، حَيثُ ينهض الطلاب للاستغفار عملاً بقوله تعالى “وبالأسحار هم يستغفرون” وبعد صلاة الفجر والتسبيح فَـإنَّ هناك حلقات القرآن التي تستمر إلى أن يحين موعدِ تمارين الصباح ثم تناول وجبة الإفطار تليها الإذاعة المدرسية، ثم تبدأ الحصص الدراسية عند الثامنة صباحاً لتستمر حتى 12:30 ظهراً.
وفي مدارس شهيد القرآن يؤدي الجميعُ الصلواتِ جماعةً، فعندما تحين صلاة الظهر تؤدَّى الصلاة ثم يستعد الطلاب لتناول وجبة الغداء وبعدها تبدأ فترةُ الراحة والمذاكرة لمن رغب، ومن الساعة 1:30 ظهراً حتى الثالثة عصراً تبدأ فترة البرنامج اليومي والملزمة الأسبوعية إلى أن يأتيَ موعد صلاة العصر، تليها الفترة الرياضية والثقافية من الرابعة عصراً، حَيثُ تشمل مباراةً رياضيةً في كرة القدم والطائرة والتنس، كما تشمل أَيْـضاً عرضَ أفلام ومسلسلات وثائقية ومحاضرات وتعليم للخطابة وكل يوم برنامج ثقافي مختلف.
يستمتع الطلابُ ببرامجَ متنوعةٍ وهادفة تجعل من هذا النموذج الدراسي الداخلي شيئاً مميزاً.
الطالب عبد الرحمن صائم الدهر يسرد بعضاً من تفاصيل اليوم الدراسي وكيفية قضائهم للوقت طوال اليوم.
ويقول عبدالرحمن: إن الأنشطة التي يتم تفعيلُها بشكل روتيني في الجانب الرياضي متنوعة، حَيثُ تقام المسابقاتُ الرياضية على مستوى دوريات كرة القدم وبطولات التنس والطائرة، وَأَيْـضاً المسابقات الرياضية الخارجية بين مدرسة شهيد القرآن وبعض المدارس الحكومية والخَاصَّة.. هذا ما يعني أن مدارسَ شهيد القرآن تحرص كَثيراً على تنميةِ الجانب البدني والجسدي للطلاب وليس فقط تنمية جوانب المعرفة والجوانب الروحية.
من يتحدث يقول الطالب نجم النمير، من الصف الثاني الثانوي بشغف عن مدارس شهيد القرآن، فيقول: وجدنا ما لم نجدْه في المدراسِ الأُخرى من تعليم، ففي مدرسة شهيد القرآن اهتمامٌ بتعليم وإتقانِ تلاوة القرآن الكريم وتجسيد المشروع القرآني والنهوض به.
ويضيف: لقد رأينا أهدافَها تترسَّخُ في بناء جيل قوي واعٍ متسلح بالإيمَـان والعلم والهُــوِيَّة الإيمانية مستعد وقادر على التعامل مع كُـلّ التحديات بوعي وبصيرة.
ويردف: نموذج شهيد القرآن يسعى إلى تحصين الطلاب من الثقافات المغلوطة والعقائد الباطلة التي يسعى العدوان جاهدا لنشرها في مجتمعنا.
وفي مدرستنا هناك اهتمام كبير بتنمية معارف الطلاب العلمية والثقافية والفكرية وإبراز مهاراتهم وإبداعاتهم في مختلف المجالات كحفظ القرآن والشعر والمسرح والرسم والخط والخطابة والإنشاد والقيادة وغيرها.
وفي مدارسنا تصحَّح العقائد الدينية والثقافية المغلوطة التي كنا نظنها صحيحةً.. لقد ساعدتنا مدرسةُ شهيد القرآن للرقي بحياتنا وأحداث نقلة كبيرة في واقعنَا، بل ساعدتنا على بناء أنفسنا وتوعيتنا بمسؤوليتنا تجاه أنفسنا والناس والمجتمع من حولنا، كما ساعدنا على تطبيق واجباتنا الدينية مثل الاستغفار وتطبيق البرنامج الإيمَـاني كما يجب مع حفظ القرآن وأداء الصلاة في أوقاتها.
ويتابع: في مدرسة شهيد القرآن وجدنا ما لم نجده في المدارس الأخرى التي تبني جيلاً غير متماسك غير واعٍ معرضاً للخطر ومعرضاً للاستهداف من قبل الشيطان وأعداء الأمــة، فأجيالنا للأسف لم تحصن من قبل كما يجب وليس لديهم وعي كافٍ لمحاربة ومجابهة قوى الضلال والشرك والعدوان؛ ولذا أدركنا هنا أننا في نعمة عظيمة تستحق شكر الله.
*المسيرة – إبراهيم العنسي