صمود وانتصار

قرار “سلطات الحرب” إلى الواجهة : صنعاء جادة في تهديداتها!

قرار “سلطات الحرب” إلى الواجهة : صنعاء جادة في تهديداتها!

الصمود../

لا تزال المواجهات بين القوات المسلحة اليمنية والميليشيات التابعة سعودياً، على غير جبهة، تخرق هدوء الهدنة غير المعلنة التي يلتزم بها كلا الطرفين افساحاً في المجال للمفاوضات القائمة برعاية عمانية. وفيما أكدت مصادر عديدة سقوط عدد من المواقع بيد قوات صنعاء، في منطقة البوارة في حريب، بعد صدها لهجوم معاكس في المنطقة، كانت الوساطات تحرص مرة أخرى، على ألا تُفسد تلك المواجهات مساعي الهدنة التي تريدها المملكة أولاً، دون ان تبادلها الولايات المتحدة الرأي نفسه.

في كانون الأول/ ديسمبر عام 2022، حاول السناتور الديموقراطي، بيرني ساندرز، استخدام قرار سلطات الحرب لمطالبة الإدارة بإنهاء دعم العمليات العسكرية السعودية في اليمن. رد فريق بايدن بالادعاء أن قرار سلطات الحرب، غير ضروري ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم الصراع.  حيث بررت الإدارة معارضتها لقرار سلطات الحرب -في مذكرة تم توزيعها على أعضاء الكونغرس- من خلال التأكيد على دورها في تسهيل الهدنة. وفي مواجهة علنية من البيت الأبيض، وافق السناتور ساندرز على سحب القرار مقابل وعد من بايدن بالعمل مع مكتبه، وبإعادة تقديم قرار سلطات الحرب إذا فشل مكتبه والإدارة في التوصل إلى اتفاق.

تجدد النقاش مرة أخرى داخل الكونغرس، حيث ان الهدنة التي لم تبصر النور مرة جديدة، كشفت عن نقاط عدة، عبّر عنها، معهد كوينسي الأميركي. حيث اعتبر أن توقيت تنفيذ الهدنة يعكس “قدرة الحوثيين على إلحاق أضرار كبيرة بأهداف سعودية وإماراتية، وبالتالي تغيير حساباتهم… كما يعكس إلحاح السعوديين لإحباط الهجمات المستقبلية”. بالمقابل، عكست شروط الهدنة حرص السعوديين على تلبية مطالب صنعاء كوسيلة لمنع هجمات الطائرات بدون طيار. وبحسب المحلل عبد الغني الإرياني، فإن الأهداف السعودية تغيرت بعد أن أظهرت قوات صنعاء أنه بإمكانها الحاق أضرارًا حقيقية بأهداف سعودية: “في المرة الأولى التي شعروا فيها بالألم بسبب الحرب، تغيروا وكانوا يتحدثون عن محاولة الخروج من الصراع وان يدعوا اليمنيين يواصلون القتال. زادت قدرات الحوثيين، وكانوا يضربون الرياض، والمطارات في الجنوب، وجدة، وذلك عندما تم اتخاذ قرار، [قالوا] لن ننجح، ومن الأفضل إنهاء الصراع… لقد أصبح الصراع مأزقًا مؤلماً”.

ويطرح المعهد في الدراسة التي أعدها، اشكالية استمرار الدعم الأميركي للحرب، لناحيتين: الأولى، جدوى تقديم الدعم للسعودية، خاصة مع عدم تحقيق الأهداف التي شنّت لأجلها الحرب. والثانية، سعي الادارة الأميركية الحالية إلى توريط الرياض لمدة أطول في الصراع كتصفية حسابات مع ولي العهد.

ويقول المعهد انه على الرغم من أن الولايات المتحدة ربما تكون قد ساهمت في تعزيز الدبلوماسية، إلا أن دورها لا يبدو أنه كان محوريًا للتوصل إلى الهدنة. يثير هذا تساؤلات حول حجة الإدارة بأن قرار سلطات الحرب من شأنه أن يعرض المفاوضات الدبلوماسية للخطر، حيث يبدو دور واشنطن أقل حسماً وتأثيراً بالنسبة للطرفين.

وفي قراءة لتبعات الحصار على اليمنيين، يتوقع المعهد، ان الاستمرار بعمليات تفتيش السفن، خاصة تلك المحملة بالبضائع، والتضييق على وصول الوقود إلى كافة المناطق، وتأزيم الأوضاع الاقتصادية، سيولد استياءً متزايدًا ومقاومة محتملة. وإذا تعرض “الحوثيون” لضغوط عامة، فقد يقررون استئناف القتال لمحاولة إجبار السعوديين والقوات التابعة لها على رفع قيود الاستيراد بالكامل. من الواضح أن صنعاء قد أظهرت استعداداً للمخاطرة بتقويض الهدنة من خلال مهاجمة منشآت تصدير النفط في اليمن.

إن حجة إدارة بايدن بأن قرار سلطات الحرب، من شأنه أن يقوّض الدبلوماسية، هي تجاهل بأن وضع قيود على الاستيراد بشكل مستمر، وعدم دفع الرواتب سيؤدي إلى تعقيد المفاوضات أو حتى إلى استئناف الأعمال القتالية.

ويتخوف المعهد، من ان استمرار الدعم العسكري الأميركي، سيزيد من حدة الأزمة. معتبراً، ان أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، يختلفون فيما بينهم، إلا ان تأسيس المجلس جاء نتيجة للقرار السعودي والإماراتي في إنهاء مشاركتهم المباشرة في اليمن.

فيما أعرب بعض الخبراء عن قلقهم من أن انتهاء التدخل العسكري الأميركي والسعودي والإماراتي من شأنه أن يقلب ميزان القوى بشكل قاطع لصالح صنعاء. ويعتبر الخبير اليمني في معهد الشرق الأوسط، إبراهيم جلال، أنه “إذا انسحب الفاعلون الإقليميون فإننا سنرى استئناف أعمال العنف وتنامي المواجهات الداخلية… السعودية والإمارات قد تقللان قريبًا من تدخلهما العسكري في اليمن، لكن خروجهما قد يكشف الانقسامات.

وعلى الرغم من الصراع المتأجج في دوائر القرار الأميركية التي تحمل رؤيتين مختلفتين، يبقى الثابت الوحيد، هو الرغبة في تثبيت الحضور العسكري الأميركي-الاسرائيلي في الاراضي اليمنية، خاصة الجزر. حيث تستمر عمليات تهجير سكان جزيرة عبد الكوري، واقصائهم إلى مدينة حديبو. في حين أكدت صنعاء على لسان وزير خارجيتها، ان هذا “التهجير القسري يأتي بعد أَيام من وصول ضباط صهاينة إلى سقطرى، وكذلك استحداث الإمارات ثكنات ومنشآت عسكرية في الجزيرة”، عادّةً “ما تقوم به القوات الإماراتية من تحركات عسكرية مشتركة مع الكيان الصهيوني في الأرخبيل والجزر اليمنية الاستراتيجية، تهديداً لسكّان هذه الجزر والملاحة الدولية وانتهاكاً لسيادة اليمن”. مطالبةً بـ”خروج قوات التحالف من كلّ الأراضي والجزر والسواحل اليمنية وإيقاف العبث بالأحياء البحرية والبيئة الطبيعية في سقطرى”.

الكاتب: مريم السبلاني

المصدر : موقع الخنادق اللبناني