«إعلان بكين» ليس عصا سحرية .. صنعاء لـ الرياض: هذه خريطة الحلّ
«إعلان بكين» ليس عصا سحرية .. صنعاء لـ الرياض: هذه خريطة الحلّ
الصمود../
في ظلّ استمرار المفاوضات الجارية بين صنعاء والرياض بوساطة عُمانية، عزّز الاتفاق السعودي ــ الإيراني المعلَن الجمعة، حالة التفاؤل لدى الشارع اليمني بإمكانية حدوث اختراقٍ قريب في جدار السلام، وسط محاولات سعودية لتصوير الاتفاق بوصفه «مخرجاً سحرياً» من مأزقها في هذا البلد.
لكنّ مصادر في صنعاء أكدت، لـ«الأخبار»، أن «الحلّ ليس في طهران، ولو كان بيدها لكانت نجحت مساعيها السابقة في وقْف العدوان ورفْع الحصار، وخاصة أن الرياض سبق لها أن استنجدت بطهران أكثر من مرّة للتوسّط لدى صنعاء لوقف الهجمات على شركة أرامكو العام الماضي».
وتضيف المصادر أن «حلّ الأزمة في اليمن يكمن في الموافقة على مطالب صنعاء، وإبداء حُسن النيّة عبر تنفيذ المطالب المتّصلة بالملفّ الإنساني من دون مماطلة أو تهرّب من الالتزامات».
وكانت حركة «أنصار الله» رحّبت بالاتفاق، وعدّته على لسان عضو وفدها المفاوض، عبد الملك العجري، «فاتحة خير نحو تبريد الصراعات الإقليمية»، معتبرةً أنه «أَسقط مزاعم الخطر الإيراني الذي اتّخذته السعودية حجر الزاوية في عدوانها على اليمن»، وأنه «يتوجّب على الرياض بعد هذا التقارب الاعتذار إلى اليمن وتسريع إنهاء العدوان والحصار وإعادة الإعمار».
ورأى عضو المكتب السياسي لـ«أنصار الله»، محمد البخيتي، بدوره، أن «عودة العلاقة ما بين الرياض وطهران قبل عودتها ما بين صنعاء والرياض، تؤكد أن معركتنا مع دول العدوان معركة مستقلّة، ولن تنتهي إلّا باستعادة سيادة واستقلال اليمن».
ومع هذا، توقّع البخيتي أن «ينعكس ذلك التطوّر بشكل إيجابي، ليس فقط على العلاقات اليمنية – السعودية، بل على مجمل علاقات الدول العربية والإسلامية، نظراً إلى الثقل الذي تمثّله كلّ من السعودية وإيران»، مضيفاً أن «أيّ تقارب بين الدول الإسلامية يصبّ في صالحها ويزعج أميركا وإسرائيل».
من جهته، رأى «المؤتمر الشعبي العام» في صنعاء، في بيان، أن «الاتفاق من شأنه الإسهام في تعزيز تلاحم وتضامن العالم الإسلامي، وتجنيب المنطقة الصراعات والتدخّلات الأجنبية»، وأعرب عن أمله في أن «يسهم تحمّل السعودية وإيران مسؤوليتهما، في إنهاء جميع المشاكل والصراعات التي حدثت في المنطقة خلال السنوات الماضية، بما يحقّق الأمن والاستقرار ويلبّي طموحات شعوب المنطقة في التعاون والتكامل بين دول الجوار في مختلف المجالات».
انقسمت مواقف القوى اليمنية من الإعلان السعودي – الإيراني وفقاً لحسابات الربح والخسارة
في المقابل، رَاوحت ردود فعل القوى والشخصيات الموالية لـ«التحالف»، ما بين الترحيب بالاتفاق، والإعراب عن مخاوفها من تداعياته على مصالحها بوصفه بداية النهاية للحرب التي استمرّت ثماني سنوات. وبينما أيّد «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات الإعلان، عبّرت حكومة المرتزقة عن أملها في أن يسهم الاتفاق في إيقاف التدخلات الخارجية في اليمن.
هكذا، انقسمت مواقف القوى اليمنية من الإعلان السعودي – الإيراني وفقاً لحسابات الربح والخسارة، في حين رأى سياسيون في صنعاء أن الاتفاق شأن سعودي ـ إيراني يهمّ مصلحة البلدَين، وأن الملفّ اليمني له وضعه الخاص، مستبعدين أيّ أثر إيجابي عليه على المدى القريب.
لكنّ مراقبين يعتقدون أن استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما ستكون له انعكاسات إيجابية على الوضع في اليمن حيث تدْخل الحرب بعد أيام عامها التاسع في حالة حرب، وأشاروا إلى أن البعد الإقليمي والدولي في الأزمة تجلّى بوضوح خلال السنوات الماضية، وزاد من تعقيداتها، ومثّل تحدّياً كبيراً لمسار السلام.
وفي هذا الإطار، يَعتبر الخبير العسكري في صنعاء، العميد عبد الغني الزبيدي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «اليمن معنيّ بالاتفاق السعودي ـ الإيراني»، متمنّياً أن «تشهد المنطقة مصالحات متعدّدة تنهي حالة التوتّر وتعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل القطيعة بين طهران والرياض»، مضيفاً أن «الاتفاق مقدّمة للمصالحة مع صنعاء، وإيقاف الحرب والحصار هو أهمّ ثمرة من ثماره»، مضيفاً أن «الرياض بهذه الخطوة أرادت أن تستبق إعلان الاتفاق مع صنعاء وأن تمهّد له»، متوقّعاً أن «يَجري التوقيع على اتفاق السلام بوساطة عمانية في الأيام المقبلة أو في رمضان إنْ تأخّر، حتى تقول الرياض إن تفاهمنا مع طهران أثمر عن اتفاقنا مع صنعاء».
ويَستبعد أن «تُقدم أنصار الله على ضرب السعودية في الوقت الراهن»، مرجعاً ذلك إلى أن الحركة «ستحصل على تنازلات تشمل الملفّات الإنسانية ومنها قضية المرتّبات، ورفع الحصار بشكل كامل ووقف العدوان».
*جريدة الأخبار اللبنانية – رشيد الحداد