قادمون.. وهذا الشعب لا تهزه العواصف

اختتم قائد الثورة المباركة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حفظه الله، خطابه في يوم الصمود الوطني للعام الثامن من الصمود في مواجهة العدوان ، برسم معادلة العام التاسع، عام الانتصار والحسم وانتزاع الحقوق كاملة.

وكعادته في اختتام خطاباته السنوية بهذه المناسبة ، لكن هذا العام ربط معادلة قادمون بتحقيق الانتصار الشامل والكامل لهذا الشعب العظيم والمجاهد ، على أننا ونحن نطوي سنوات الحرب الثمان التي فشل فيها تحالف العدوان وانكسرت جيوشه وحروبه في تحقيق أهدافها ، فإن العام التاسع سيتحقق فيه النصر العظيم والكبير للشعب اليمني بإذن الله وعونه ، بتحرير اليمن من الغزاة ، ووقف العدوان ورفع الحصار ، واستعادة اليمنيين كل حقوقهم بإذن الله.

حين بدأ العدوان التحالفي من 17 دولة بقيادة أمريكا، الحرب الإجرامية الغادرة على اليمن ، لم يكن اليمن بقدراته وإمكانياتها المادية يستطيع أن يصمد في مواجهة حرب متكافئة مع مملكة السعودية وحدها ، أما وأن تحتشد 17 دولة فيها أمريكا وبريطانيا والدول الخليجية وتسخر كل إمكانياتها العسكرية والمالية والنفطية والسياسية والأمنية في الحرب على اليمن ، وتعجز عن تحقيق أهدافها وتستطيل بها الحرب- التي ظنتها ثلاثة أسابيع- إلى ثمانية أعوم ، نالت فيها الفشل والهزائم ، فإن المعجزة قد حدثت.

حين شنوا الحرب على اليمن قبل ثمانية أعوام ، كان الجيش مفككا، وكان الأمن منهارا ، والدولة شبه موجودة ، والوضع قاتم ومشتت ، وقد ركزت دول العدوان في الحرب على كثافة القصف الجوي وعلى القوة النارية الغاشمة فما تركت أثرا في الأرض إلا وقصفته ، وما تركت سلاحا إلا واستخدمته على رؤوس اليمنيين ، فاستهدفت الأسواق والمدن والسكان والأعراس والمستشفيات والمدارس والطرق والجسور ومخازن الغذاء ومحطات الكهرباء..قصفت كل شيء بلا هوادة ، ولو كانت الحرب على أقوى الدول لانهارت في الأيام الأولى، ولو كان هذا التحالف على أقوى الجيوش لاستسلم ، لكن الشعب اليمني بالتوكل على الله والثقة به صنع المعجزة.

وفيما كانت الغارات تقصف البلاد شرقا وغربا وتستهدف كل شيء ، خرج الشعب اليمني إلى الساحات معلنا التعبئة والتحدي ، وفيما كانت الجيوش المأجورة تتقاطر على اليمن من كل أطرافها ، كان الشعب يحشد المقاتلين إلى الجبهات وبدأت قوافل المجاهدين تتدفق إلى الثغور زمرا ومواكب جماعية تطوعا واستجابة لنداء الجهاد ، حتى صرنا بعد ثمانية أعوام جيشاً قوياً مؤمناً منظماً وقادراً وكبيراً بحمد الله.

لقد حدثت المعجزة ، ومعاجز التصنيع الحربي الجهادي أنجزت ما أنجزت من العدد والذخائر والصواريخ والمسيرات والقذائف والمدافع والصناعات المتطورة المختلفة ، ولقد امتلأت جبهاتنا بما صنعه المجاهدون بتوكلهم على الله واكتفت بذلك ، علاوة على تكريس معادلات الردع الكبيرة بالصواريخ والطائرات التي مثلت فارقا ليس في المعركة فحسب بل وفي الحروب كلها صارت استراتيجية جديدة لم تكن معروفة من قبل ، فيما كانت الحاملات البحرية والجوية تتقاطر إلى السعودية والإمارات محملة بالحمولات الهائلة من الأسلحة والقنابل والصواريخ والذخائر الأمريكية والغربية ، والتي بلغت قيمتها تريليونات الدولارات.

المعجزات حدثت وهي كثيرة في هذه الحرب ، حينما سطر اليمانيون بطولات صارت أمثلة للأحرار في العالم ، والمعجزة حدثت حينما تحولت الحرب وارتدت على مشعليها نارا ونيرانا وعنفوانا.

في الأيام الأولى للحرب العدوانية كنا نتحدث عن مدى ما يمكن للذخائر المخزنة في بعض المعسكرات أن تكفي للحرب والمواجهة ، كانت التوقعات محبطة حينها ، فمن أين لخمسين جبهة حربية مشتعلة على الدوام من الذخائر ما يغطيها.. أما الصواريخ والطائرات فمن أين سنحصل على ذلك ، وأما الأسلحة البحرية فلا سبيل إلى ذلك والبحر محاط بالأساطيل والثكنات العسكرية الأمريكية وغيرها..وحتى التصنيع كنا نعتبره مستحيلاً فأن ترسل خبيرا واحدا ليتعلم صناعة عسكرية يحتاج إلى سنوات ربما تزيد عن ثمانية أعوام ، لكننا رأينا رجال التصنيع وهم يملأون الجبهات ذخائر ورأينا الصواريخ والطائرات التي صنعوها ورأينا الأسلحة البحرية التي أنتجوها والدفاعات الجوية وغيرها وهي تحارب وتقصف وتنكل بالأعداء بل وتشعل النيران في أبو ظبي والرياض ورابغ والدمام ورأس تنورة وجدة وغيرها..لقد وفق الله، وبغير توفيق الله لما استطعنا أن نرى طلقة مسدس واحدة من إنتاج اليمن ورجاله ، لكننا رأينا المعجزات الكبيرة.

في الأيام الأولى للحرب احتشد العالم كله ضد اليمن ، وصار الجميع بوقا واحدا مع عاصفة الحزم وضد الشعب اليمني ، إلا قلة من الأحرار وقفوا، وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله الذي قالها مدوية في اليوم الأول «سينتصر الشعب اليمني ، وسيمرغ أنف آل سعود في التراب» ، وها قد انتصر الشعب اليمني أيها السيد الجليل.

في هذه الحرب تجسدت حقيقة “إن ينصركم الله فلا غالب لكم” ، ذلك لأن هذا الشعب صادق الانتماء ، ومخلص الاستجابة لله سبحانه ، وواثق في السيد القائد حفظه الله، الذي ما راهن على شيء منذ اليوم الأول إلا على الله تعالى وعلى توفيقه.

في هذه الحرب ، تجسدت حقائق وتبدلت معادلات ، وفيها مضى الشهداء إلى الله قوافل متتالية ، في هذه الحرب صنع الشعب اليمني أعظم معجزات التاريخ باستعانته بالله وتوكله عليه ، وفي هذه الحرب أدركنا قيمة وعظمة القائد القرآني وحكمته واقتداره وقوته المستمدة من الله ومن عون الله وتوفيقه ، وشهدنا صدق القائد مع الله وصدقه مع الشعب ، ولابد أن نتذكر أن رهانه كان منذ الخطاب الأول هو على الله وحده دون سواه ، ولقد ربحنا الرهان مع الله ، وخسروا الرهان على أمريكا..والله غالب على أمره.