أطماع السعودية في حضرموت قديمة مستمرة .. لكن بأي ثمن!
الصمود|| مقالات|| عبدالرحمن الأهنومي
يوم أمس أشهرت السعودية مجلساً أسمته «المجلس الوطني لحضرموت»، يضم شخصيات من حضرموت أغلبها تحمل جنسيات سعودية، إعلان المجلس بمثابة إشهار للأطماع السعودية في محافظة حضرموت، وواجهة للترسانة العسكرية والأمنية التي تسعى السعودية لتشكيلها في المحافظة من قواتها التي تتمركز في مديريات المحافظة ومن المرتزقة المحليين الذين تقوم بتجنيدهم وتدريبهم ودفع رواتب وأجور شهرية لهم.
وكي لا نذهب بعيدا عن الحقيقة، من المهم الإشارة إلى أن الأطماع السعودية في حضرموت قديمة وهي مستمرة منذ عقود، ومنذ بدأت الاستكشافات النفطية التي قامت بها الشركات الأمريكية في ثمود وأماكن أخرى من حضرموت تؤكد بأن مخزونات نفطية هائلة تختزنها صحاري ورمال هذه المحافظة اليمنية المترامية، كشّرت مملكة آل سعود أنيابها تجاه حضرموت، وعملت بالتي واللتيا طيلة عقود للسيطرة عليها.
تتميز حضرموت بمساحتها الواسعة التي تقدر بثلث مساحة الجمهورية اليمنية حاليا، وبامتدادها الحدودي مع مملكة العدوان السعودية الذي يقدر بنصف الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية وبأكثر من 700 كم، ممتدا من الخراخير حتى شروره في نجران، علاوة على كونها محافظة نفطية فيها مخزونات نفطية كبيرة لم يتم ضخها بعد، ولهذا وذاك تسعى مملكة السعودية إلى السيطرة عليها.
في العام 1961م، قامت شركة «بان أميركان» باستكشافات نفطية في حضرموت، وأثبتت وجود كميات هائلة من النفط في منطقة الاستكشاف التي قامت بها الشركة شمال حضرموت وتحديدا في ثمود، ذلك أثار جشع مملكة آل سعود وحاولت احتلال ثمود وضمها إليها، وحاولت اختلاق خلافات مع اليمن على المنطقة، غير أن تلك المحاولات أحبطتها الجبهة القومية في العام 1967م، وأسقطتها، ومعها توقف الاستكشاف والتنقيب عن النفط وعملت السعودية على منع التنقيب والاستكشاف في تلك المناطق.
ظلت حضرموت منذ عقود في صلب خطط السعودية الطامعة في مناطق الثروات اليمنية، وخلال عقود ما فتئت مملكة آل سعود تفتعل الأحداث والمشاكل والأزمات في اليمن لتستثمرها في ابتلاع اليمن، وحضرموت على وجه أخص.
ومنذ بدأت عدوانها العسكري على اليمن كانت العين السعودية على حضرموت مفتوحة، ففي الأشهر الأولى للحرب العدوانية وفيما كانت طائراتها تعربد في سماء اليمن تقصف الجنوب والشمال وصعدة وعدن، كانت قواتها تجتاح حضرموت رغم بعدها عن المواجهات العسكرية مع الجيش واللجان الشعبية، وفيما كانت الجبهات مشتعلة في عدن ومارب والسواحل والحدود، كانت السعودية تتوغل في حضرموت بجحافل قواتها ومرتزقتها، وتتقدم نحو عيقان وثمود والمكلا ووادي حضرموت وصحاريها، بالآليات والدبابات وتستقدم المرتزقة وتدربهم وتمولهم، ولمواجهة أسئلة من يسأل عن إعادة الشرعية في حضرموت، افتعلت أحداثا أمنية وعسكرية لتجعل منها عناوين تبرر احتلالها حضرموت، فعملت على ترويج القاعدة وتهريب المخدرات وغير ذلك، وكلها كانت أحداثا وظواهر تقف خلفها المخابرات السعودية.
وإذا كانت الإمارات تسعى إلى فصل اليمن إلى يمنين، اليمن في الشمال، والجنوب العربي الذي لا أساس له لا تسمية ولا حدودا ولا جغرافيا، فإن مملكة آل سعود تسعى إلى أن تجعله يمنات ممزقة، لتبتلع حضرموت وتسيطر على مارب، وتتحكم في الساحل، وتمزق اليمنيين شر ممزق، وحضرموت هدف أساسي في صلب مؤامرة التمزيق، وفي صلب أهداف الحرب العدوانية التي تشنها السعودية والإمارات وأمريكا والغرب.
طيلة سنوات العدوان والحرب على اليمن عمدت مملكة العدوان السعودية إلى وضع خطة خاصة بحضرموت، وأخرى للحرب والعدوان على اليمن خارج حضرموت، وفي خطتها الخاصة باحتلال حضرموت عملت على شراء ولاءات المشائخ والتيارات في حضرموت بالتجنيس وبالأموال، قامت بتدريب وتشكيل مليشيات عميلة من أبناء حضرموت لتجعل منهم ترسانة عسكرية وأمنية لفرض أجنداتها وأطماعها، كما قامت بزج قوات عسكرية من جيشها وضباطها إلى معسكرات عديدة في حضرموت وأنشأت قواعد عسكرية متعددة لها، في الوقت نفسه كان الأمريكيون وما زالوا يعملون على توطين وجودهم في حضرموت وما جاورها والبريطانيون كذلك، ليجعلوا من حضرموت منطقة تشبه شمال الفرات، خاضعة لقوات دولية متعددة، لهدف مشترك بين الجميع، ولتتحول إلى أرض سعودية في النتيجة.
وخلال العدوان على اليمن تقوم أجهزة المخابرات السعودية بجلب شخصيات حضرمية إلى الرياض لتشتريهم بالأموال، فعملت على تنظيم ما أسمي بمؤتمر حضرموت الجامع، ثم قامت باستدعاء مائة شيخ من حضرموت جلهم يحملون جنسيات سعودية للتوقيع على وثيقة تدعي فيها السعودية بأن حضرموت سعودية وليست يمنية، وتطالب باسم الموقعين ضمها إلى دولة محمد بن سلمان، وأخيرا أعلنت ما يسمى بمجلس حضرموت الوطني الذي شكلته في الرياض وتحت إشراف محمد آل جابر لتحقيق المهمة نفسها وللمخطط نفسه.
لا تكترث السعودية بمرتزقتها ولا بمصائرهم ولا بأحوالهم، هي تريد حضرموت فقط ويخيل لها أن تسيطر وتبتلع حضرموت اليمنية، وكي لا تذهب تفسيراتنا بعيدة عن الحقائق، أقولها بكل وضوح: إن السعودية تعمل وتعمل وتعمل لابتلاع حضرموت وضمها إليها، هي لا تريد الانفصال ولا تريد الوحدة، هي تريد حضرموت، هي لا تريد هادي ولا العليمي ولا أحد، هي تريد حضرموت.
السعودية التي تشكلت من سلطنة نجد، وإمارة حائل، ومملكة الحجاز، وإمارة الإدريسي، وابتلعت ممالك وإمارات عربية أخرى، وبلاد ومناطق يمنية منها نجران وجيزان وعسير والخراخير وشرورة وصولا إلى عروق الشيبة، ما زال نصف أراضيها يمنية، ومحاولات ابتلاع المزيد ستفكك الكيان القائم وتعيد كل شيء إلى أصله، وبالمناسبة نحن وطيلة حربنا ومواجهتنا لمملكة السعودية في حرب الأعوام الثمان لم نفتح ملف نجران وعسير وجيزان، رغم أن لدينا وثائق عثمانية وبريطانية ويمنية قبل ذلك تشهد بأن اليمن كانت حدوده ميناء جدة أيام المتوكل على الله اسماعيل بن القاسم بن محمد، وأن اليمن حده المحدود هو الركن اليماني، وإذا كان لمملكة العدون السعودية أطماع في حضرموت أو في الجوف ومارب، فإن لنا – أعني اليمنيين – حقوقاً في عسير وجيزان ونجران وشرورة والوديعة حتى عروق الشيبة..وحَسبٌنا حقنا وكفى، وحسب السعودية ما فعلت بنا من جرائم ومؤامرات ونهب واستيلاء على أراضينا ومناطقنا.