صمود وانتصار

“الغابون”.. 6 عقود من التحكم الفرنسي ونهب الثروة

الصمود||

تمتلك “الغابون” الواقعة على الشواطئ الغربية لوسط أفريقيا ثروات نفطية ومعدنية كبيرة، في حين ترزح كما غيرها من شعوب أفريقيا تحت الفقر، فلم يتغير شيء في واقع المستعمرات الفرنسية السابقة منذ استقلالها قبل عقود، فقد بقيت ثرواتها تصب في خزائن المحتلين السابقين، وبقيت فرنسا هي المتحكم في اقتصاد وقرار البلاد.

ثلاث حكومات مولية لفرنسا في 63 عاما

حصلت الغابون عام 1960 على استقلال شكلي وكانت المصالح الفرنسية العنصر الحاسم في تحديد رئيس البلاد ونظام الحكم، ففي عام 1961 انتخب أول رئيس للغابون ليون إمبا بعد تدخل قوي من باريس وتدفق الأموال الفرنسية لدعم انتخابه.

وصف عهد إمبا بالدكتاتوري و”المصالح الفرنسية”، فقد غير الدستور ليتماشى مع مصالح المستعمر السابق، وحظر الأحزاب وفرض حكم الحزب الواحد، وحل البرلمان حتى مع قيام ثورة شعبية دعمها الجيش عام 1964 في محاولة لاستعادة البرلمان والديموقراطية فقد تدخلت الجيش الفرنسي لإعادته إلى السلطة، وبقيت القوات الفرنسية قرب العاصمة ليبرفيل.

وعندما توفي إمبا عام 1967 حلَّ مكانه نائبة عمر بونغو أونديمبا مكانه واستمر في منصب رئيس الدولة 41 عاما حتى وفاته عام 2009 ليخلفه ابنه علي بونغو البلاد منذ 14 عاما.

ثروات الغابون الضائعة

تُعَد الغابون واحدة من بين أكبر 5 منتجين للنفط في الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، بحسب البيانات، التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة، ويوجد لدى الدولة البالغة مساحتها 268 ألف كيلومتر مربع- نحو 2 مليار برميل من احتياطيات النفط الخام المؤكدة، سواء في البر أو البحر.

وعلى الرغم من ارتفاع عائدات النفط الذي تستخرجه الشركات الفرنسية وقلة عدد السكان البلغ عددهم 2.3 مليون نسمة فإن أكثر من ثلث السكان يرزح تحت خط الفقر.

هذا بالإضافة إلى امتلاك البلاد ثروات معدنية كبيرة أهما الذهب واليورانيوم والماغنسيوم والفوسفات والأخشاب والحديد.

الحراك غرب أفريقيا

يبدوا أن الحراك الشعبي الذي ضاق ذرعا بالسياسات الفرنسية في دول المنطقة وكذلك الإطاحة بثمان حكومات تابعة لباريس خلال ثلاث سنوات غرب إفريقيا أبرزها تشاد ومالي وبوركينا فاسو، كان حافزا إضافيا للغابون للتحرر من قيود الاستعمال التي استباحت الدول والشعوب وثروتها، وهذا ما يفسر خروج مسيرات اليوم الأربعاء 30 أغسطس 2023 في البلاد فرحا بالإطاحة بحكم رعته فرنسا طيلة ستة عقود ونيف.

على الضفة الأخرى، لم ترق هذه التطورات على الساحة الأفريقية للقارة العجوز، معبرة عن قلقها على لسان مسؤول خارجيتها جوزيب بوريل حين قال “إن ما يحدث ما يحدث في غرب أفريقيا مشكلة كبيرة لأوروبا”، لكن هذا القلق يبدو انه سيزداد في القادم القريب وستتساقط الحكومات الإفريقية التي مهمتها تمرير مصالح الأوروبيين كأحجار الدومينو، لصالح صوت الشعوب الرافضة للاستعمار الخارجي وإن كان مرتديا زي حكومات محلية.