صمود وانتصار

إحياء المولد النبوي الشريف وعلاقته بالوعي والبصيرة

الصمود|| مقالات|| د. محمد الشامي

تسع سنوات كانت الأكثر تأثيرا في المجتمع اليمني والأكثر صعوبة لدى صناع القرار والقيادة الحكيمة ممثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله حيث تحمل مسؤوليات متعددة كان أهمها المسؤولية الثقافية التنويرية التي شملت كافة القطاعات الرسمية وغير الرسمية باعتبارها الأساس المتين الذي يُبنى عليه إعداد الفرد الصالح في المجتمع، والمجاهد المستنير بنور الثقافة القرآنية التي تُحصنه من الانزلاق في أُتون الثقافات المغلوطة والأفكار الهدامة للدين والمجتمع.

المولد من الممانعة .. إلى القناعة
عملت الأنظمة السابقة على إنتاج طوائف بديلة ودخيلة على المجتمع اليمني تنتهج الفكر الوهابي الممول سعودياً وبتواطئ تلك الأنظمة بهدف حرف وطمس الهوية الإيمانية الأصيلة، تلك الهوية المستمدة من هدي القران ومن روح الرسالة المحمدية والمعمدة بدماء آل البيت الكرام أعلام الهدى من قدموا التضحيات من أجل استقامة الدين وسلامة النهج الذي يتولى الله ورسوله ويعمل بتوجيهات الله ‘ ومن نعمة الله علينا أن هدانا للإسلام واختص اليمانيون بالشرف العظيم، شرف الريادة والصدارة في الإسلام، إذ ناصروا الرسول عندما تخلت عنه قريش وخسرت ذلك الشرف وآووه عندما حاولت قريش اغتياله، وآمنوا به برسالته عبر مبعوثه إلى اليمن ابن عمه الإمام علي بن أبي طالب.

كل ذلك يُبين مدى ارتباط اليمنيين برسولنا الكريم وآل بيته الكرام، فمهما كانت هناك من عوامل مؤثرة في تاريخ اليمن الإسلامي وطغيان ولاته من الأمويين والعباسيين إلا أن يمن الإيمان والحكمة بشعبه العظيم الذي اختصه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بقوله” الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية” تجسدت من خلال مناصرتهم للرسول وآل بيته وإتباع نهج الحق وطريق الهدى إلى يومنا هذا.

يتضح أن لذكري المولد النبوي في اليمن نكهته الخاصة في كل مناطق اليمن التي لا تجدها في أي دولة عربية أو إسلامية، وتتمثل في إحياء الذكرى بإقامة الموالد والمديح وعرض سيرة المصطفى وإقامة الولائم في بعض المناطق للتعبير عن الرحمة المهداة للأُمة من أخرج الناس من الظلمات إلى النور ومن عبادة الأوثان والأصنام إلى عبادة الله ومن عبادة البشر إلى عبادة رب البشر.

في صنعاء… من البدعة إلى الإبداع
ورغم ممانعة الأنظمة السياسية اليمنية التي كانت تعمل تحت وصاية وتأثير المملكة السعودية ودعمها للمعاهد الوهابية في كل أرجاء اليمن لنشر الوهابية إلا أن اليمنيين استطاعوا كسر تلك الحواجز والقيود والحد منها بتمسكهم بالنهج المحمدي الأصيل وارتووا من منهل علوم وفكر وإرشادات أعلام الهدى إلى أن تولدت القناعة وترسخت المفاهيم الأصيلة بالوعي والإيمان والهوية الإيمانية التي لطالما عملت الصهيونية على طمسها.

كان المولد النبوي في نظر النظام السابق قبل ثورة 21 سبتمبر 2014م يمثل بدعة تم تجنيد الإعلام الوهابي لترويج ذلك على المستوى المحلي والإقليمي، وبتمويل تلك الأنظمة التي رضخت للتوجهات المنحرفة التكفيرية التي كانت تمهد لطمس الهوية والعقيدة الإسلامية الصحيحة خدمة للصهيونية والماسونية بقيادة أمريكا رائدة المثلية( الشواذ) في العالم.

أستعاد اليمن الأصيل حقه في تأصيل الهوية الإيمانية من خلال الأنشطة والفعاليات والندوات للتذكير بأهمية الحفاظ على الموروث الاسلامي الحقيقي في إحياء المناسبات الدينية ومنها المولد النبوي الشريف على المستوى الجماهيري والأول في صنعاء الذي اقيم في شارع الرسول الأعظم جنوب العاصمة عام 1434هـ’ والذي كان له الأثر الكبير في زيادة الوعي لدى اليمنيين بأهمية إقامة الفعاليات الكبرى لذكرى المولد النبوي وبثها إعلاميا ما أثار حفيظة اليهود وأمريكا وعملائهم، وكشف زيف الأحزاب والأنظمة العميلة للصهيونية والتي كانت تتستر بقناع الدين وهي أداة من أدوات أمريكا وإسرائيل تمثَّل ذلك في جُنونها الهستيري عندما شاهدوا ذلك التجمع الكبير والمنظم والإبداع والذي يعود إلي تنامي الوعي بشكل أوسع’، يليه في ملعب كرة القدم مدينة الثورة الرياضية بالعاصمة صنعاء 1435هـ .

وتخطى اليمنيون حواجز الخوف في الأعوام اللاحقة حيث تم الاحتفاء بذكرى المولد النبوي 1436هـ في مقر الفرقة الأولي مدرع آنذاك وكر الإرهاب والعمالة، حيث كانت القاعدة تهدد في استهداف الجموع’، وهكذا كان كل عام يتزايد بزيادة وعي وبصيرة المجتمع اليمني في كل المديريات والمحافظات، وأصبح يمثل خطراً كبيراً لدى تحالفِ العدوان وحدثاً هاماً تتناوله وسائل إعلام العدو الصهيوني بأنه يمثل تهديداً لإسرائيل كونه يرفع من شأن النبي محمد ويجدد الولاء لله وللرسول ويُبصر العالم بفضائل ونهج نبينا الكريم وآله، حيث كانت الوهابية والصهيونية قد عملوا على تغييبه وإخفاء مآثر الرسول وسيرته ونهجه وجهاده وعلمه وعمله وقدموا الدين الإسلامي.

مشوهاً كي يسهل للصهيونية القضاء عليه
والعمل على حرف بوصلة العداء عن العدو الحقيقي للإسلام وهم اليهود والماسونية برعاية الشيطان الأكبر راعية الإرهاب الدولي أمريكا واسرائيل.
وعود على ذي بدء:
إن تنامي وعي اليمنيين لتلك المخاطر وتحصينهم بالثقافة القرآنية كان مبكراً بقيادة شهيد الأمة السيد / حسين بدر الدين الحوثي ومن بعده السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي كانت وما زالت محاضراتهم تمثل صمام أمان لحفظ الوطن وتبصير الأمة وتنويرها وتنمية وعيها الثقافي والإيماني’، كل ذلك ولَّد القناعة التامة بالتمسك بهدى الله وبنهج الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونهج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآل بيته وأعلام الهدى سفن النجاة إلى بر الأمان.

اليمنيون وآل البيت …ارتباط إيماني
هم من ناصروا الحق وأختارهم الله لاحتضان رسوله الكريم عندما هاجر إلى المدينة بأمر إلهي فكسب الأنصار شرف الريادة في الإسلام.
وهم من آمن برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم عبر مبعوثه إلى اليمن الإمام علي بن ابي طالب في جمعة رجب السنة التاسعة للهجرة, وهم من ناصروا الإمام علي بن بي طالب وأركان دولته وقادة جيشه’، وهم من قدموا التضحيات مع الإمام الحسين بن علي بن ابي طالب في كربلاء.
وهم من جاهدوا ووقفوا مع الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين وأسسوا الدولة الاسلامية العادلة.
وكذلك كانوا مع الإمام القاسم بن محمد واولاده في تحرير اليمن من الغزو العثماني وجعلوا من اليمن مقبرة للغزاة.
وهم اليوم مع حفيد رسول الله مجاهدين يقدمون التضحيات في سبيل الله وفي سبيل الوطن، ضد تحالف العدوان السعودي الإماراتي الصهيو امريكي، وعلى مدار تسعة أعوام من الجهاد المقدس حفاظا على الدين والأرض والعرض والكرامة والعزة والشرف.

 

*مدير التربية بمديرية الوحدةـ امانة العاصمة صنعاء