صمود وانتصار

أمريكا تفتح باب الجحيم على نفسها بتورطها المباشر مع القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر

الصمود|

انساقت الولايات المتحدة الأمريكية، وراء أطماعها الخبيثة ومخططاتها الإجرامية، وأوهمت نفسها بأنها القوة العظمى والسلطة الحاكمة في الأرض، تأمر وتنهي وتحكم وترسم لا يخالفها أي نظام ولا تقف ضدها أي دولة، كما صورها الإعلام على مدى العقود الماضية وترسّخت في أذهان الشعوب.

انحازت أمريكا ونظامها العنصري للكيان الصهيوني المؤقت الذي ما فتئ يقتل أبناء الشعب الفلسطيني منذ سبعة عقود ويدمر مساكنهم ويستولي على أراضيهم ويشرد مئات آلاف من الفلسطينيين وتهجيرهم قسرياً من بلادهم وإحلال المستوطنين الصهاينة على أرض فلسطين، فضلاً عن اغتيال قادة المقاومة في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية.

جاءت عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر المنصرم، لتعيد القضية الفلسطينية إلى الواجهة وإحياء روح العمل الجهادي ضد كيان عنصري متعجرف، انتهك العرض واستباح الأرض وقتل المدنيين واغتال الطفولة، وسعى بكل إمكانياته بدعم أمريكي وأوروبي لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني واحتلال الأرض.

اتخذ العدو الصهيوني معركة “طوفان الأقصى” فرصة لإعلان الحرب على غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة برعاية ودعم وتمويل أمريكي أوروبي وتواطؤ الأنظمة العربية العميلة للعدو الأمريكي الصهيوني، في إطار سعيه لتصفية المقاومة الفلسطينية، خاصة وأنها أصبحت شوكة في حلقوم الكيان الغاصب.

استغلت قوى الهيمنة والاستكبار العالمي بقيادة أمريكا ضعف وهشاشة الأنظمة العربية والإسلامية، وتخاذل الأمة عن نصرة قضاياها المركزية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ونصّبت نفسها حاكماً للعالم، فداست على القوانين والأنظمة والمواثيق الدولية والإنسانية، وأعطت الكيان الصهيوني الضوء الأخضر لتصفية ما يقارب من مليونين ونصف من سكان غزة، وتهجيرهم واحتلال أرضهم وإنهاء المقاومة الفلسطينية.

وفي حين وقفت الأنظمة العربية والإسلامية، إزاء عملية “طوفان الأقصى”، موقف المتفرج والصامت، ولم تتخذ أي خطوات لنصرة الشعب الفلسطيني، ومقاومته، أعلن الشعب اليمني عبر قائد ثورة 21 من سبتمبر 2014م السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني .. مخاطباً أبناء فلسطين بالقول “لستم وحدكم”.

ومنذ اللحظة الأولى اشترك العدو الأمريكي بصورة مباشرة إلى جانب الكيان الصهيوني في العدوان على غزة، من خلال دعمه بالسلاح والمال والخبراء والمستشارين العسكريين، إلى جانب الإشراف والتنفيذ المباشر على العمليات الصهيونية في قتل الفلسطينيين وتدمير مساكنهم ومقدراتهم والمنشآت الحيوية والمدنية.

لم يكتف العدو الأمريكي عند هذا الحد، لكنه َزَوَّد العدو الصهيوني بآلاف القنابل، المدمرة، والأسلحة المحرمة دولياً، ومنها قنابل الفسفور الأبيض، التي تُستخدم لاستهداف الأطفال والنساء والمدنيين عامة والأحياء السكنية.

وقال قائد الثورة في خطابه الأخير بشأن المستجدات في فلسطين “إن العدو الأمريكي زود الكيان الصهيوني بقنابل محرمة دولياً لقتل الأطفال والنساء في فلسطين، ومنها الأسلحة المحرمة دولياً، وقدَّم له الدعم المادي، بالمليارات من الدولارات؛ لتمويل العمليات العسكرية الصهيونية، وأرسل الطائرات المسيرة وطائرات الاستطلاع والرصد فوق غزة؛ ليساهم على مستوى المعلومات المباشرة، فَقَدَّم كل أشكال التعاون، التي هو بها شريك فيما يحصل في فلسطين، من جرائم وانتهاكات رهيبة وفظيعة ضد الشعب الفلسطيني”.

وأضاف “قدّمت أمريكا الدعم السياسي للكيان الصهيوني، وَقَدَّمت الحماية في المحيط لفلسطين، المحيط الإقليمي، ووَجَّه التهديد لكل الدول في المنطقة من أي تعاونٍ وأي مساندة للشعب الفلسطيني؛ لأن الأمريكي يريد أن يُؤَمِّن للإسرائيلي الظروف الكافية لارتكاب ما يشاء من المجازر والجرائم الفظيعة جداً، دون اعتراض أو إعاقة من أحد، وحتى إزعاج من أحد”.

وقاحة أمريكا وصلت حد التهديد للدول المجاورة للشعب الفلسطيني بعدم تقديم أي مساندة أو إعانة ومساعدات إنسانية، على مستوى دخول الغذاء والدواء، لسد رمق الأهالي في قطاع غزة، وإتاحة الفرصة للكيان الصهيوني لارتكاب الجرائم المروعة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والأراضي المحتلة.

وأكد قائد الثورة أن أمريكا ساندت الكيان الصهيوني بالدعم السياسي، في مجلس الأمن، من خلال اعتراضها على أي قرار لوقف العدوان الهمجي الإسرائيلي على قطاع غزة .. وقال “كل قرار تحت عنوان وقف إطلاق النار في فلسطين، يعترض الأمريكي عليه ويصر على استمرار القتل، والجرائم، والحرب، والعدوان”.

وأضاف “الأمريكي الذي قدَّم نفسه تحت عنوان أنه الراعي للسلام في الشرق الأوسط، هو من يعترض على أي قرار لوقف إطلاق النار، ويصر على استمرار قتل المدنيين للفلسطينيين، للأطفال والنساء بشكلٍ يومي، وهذا واضح، ومعلن، وبَيّن”.

أمعن العدو الأمريكي الصهيوني الغربي في الإجرام بقتل المدنيين واستهدف أبناء الشعب الفلسطيني في منازلهم وقصف المستشفيات والمدارس والمنشآت، وأوغل في سفك الدم الفلسطيني أمام مرأى ومسمع العالم أجمع الذي لم يحرك ساكناً لإيقاف المجازر الصهيونية.

على ضوء ذلك، أعلنت القوات المسلحة اليمنية دخول المعركة المقدسة مع كيان العدو الصهيوني، نصرة للشعب الفلسطيني وإسناداً للمقاومة ودعماً للقضية الفلسطينية، باعتبار ذلك واجباً دينياً وإنسانياً وأخلاقياً ونابعاً من الهوية الإيمانية.

جن جنون أمريكا ودول الغرب، بدخول القوات المسلحة اليمنية، المعركة واستهداف عمق العدو الصهيوني في الأراضي المحتلة، وقصف السفن الإسرائيلية ومنع مرور السفن المتجهة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة، وحشدت أمريكا وسائل إعلامها وأبواق عملائها باتجاه إبعاد اليمن عن هذه المعركة وتخليه عن القضية الفلسطينية ومساندة غزة.

شكلت أمريكا ودول أوروبية وأخرى لم تسمها تحالفاً عالمياً تحت مسمى “حارس الازدهار” في البحر الأحمر وباب المندب، تحالفاً في ظاهره حماية الملاحة الدولية وفي باطنه حماية السفن الإسرائيلية، في محاولة لمنع اليمن من الاضطلاع بدوره الإنساني والديني والأخلاقي مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع عدوان أمريكي صهيوني غربي.

تلاشى التحالف الأمريكي، بعد أيام من إعلانه، نظراً لجدية صنعاء في فرض السيادة اليمنية الكاملة على البحرين الأحمر والعربي وباب المندب، فعمدت إلى عسكرة البحر الأحمر في محاولة منها لتمرير سفن الكيان الصهيوني ومده بالسلاح والغذاء، خاصة بعد تحدّث تقارير اقتصادية عن توقف ميناء أم الرشراش “إيلات” بصورة شبه كلية وبنسبة 85 بالمائة.

صعّد العدو الأمريكي تدخلاته في البحر الأحمر بالاحتكاك المباشر مع القوات البحرية اليمنية وارتكب حماقة باستهداف ثلاثة زوارق، اعترضت سفينة كانت متجهة للكيان الصهيوني، واستشهد على إثرها عشرة من أفراد قوات البحرية اليمنية، ليفتح بذلك باب الجحيم على نفسه وبارجاته وأساطيله وقواعده العسكرية في المنطقة.

وبهذا الصدد قال قائد الثورة “إذا كان لدى الأمريكي توجه أن يُصَعِّد أكثر، وأن يُوَرِّط نفسه أكثر، أو أن يرتكب حماقة، بالاستهداف لبلدنا، أو بالحرب على بلدنا، فلن نقف مكتوفي الأيدي سنستهدفه هو، سنجعل البارجات الأمريكية، والمصالح الأمريكية، وكذلك الحركة الملاحية الأمريكية، هدفاً لصواريخنا، وطائراتنا المسيرة، وعملياتنا العسكرية”.

وأضاف “نحن لسنا ممن يقف مكتوف الأيدي والعدو يضربه، نحن شعب نأبى الضيم، نتوكل على الله َتَعَالَى، لا يمكن أن نخاف من التهديد الأمريكي، ولا حتى إذا أراد الأمريكي أن يدخل في حربٍ مباشرة، وعدوانٍ مباشرٍ على بلدنا، لسنا ممن يتراجع عن مواقفه لأجل ذلك، لسنا ممن يخضع، أو يستسلم من أجل ذلك”.

وبفتح أمريكا جبهة مباشرة مع صنعاء، عليها أن تتحمل تبعات ذلك، كما جاء في بيان القوات المسلحة اليمنية التي أكدت أن العدو الأمريكي يتحمل تبعات هذه الجريمة وتداعياتها، وأن تحركات الأمريكي العسكرية في البحرِ الأحمرِ لحماية السفن الإسرائيلية لن تمنع اليمن من تأدية واجبِه الديني والأخلاقي والإنساني دعماً ونصرة للمظلومين في فلسطين وغزة.