القرار اليمني الإنساني والإرهاب الأمريكي المتنامي
الصمود||مقالات|| عبدالجبار الغراب
في ظل الأوضاع المتسارعة الحدوث، والمتغيرات الجارية المتصاعدة في كافة جوانبها التأثيرية، وفي أغلب دول العالم وبمنطقة الشرق الأوسط بالتحديد، فالمفارقات العجيبة والغريبة اتسعت في الظهور وأصبح التعامل مع البشرية على أَسَاس التفرقة والعنصرية، والازدواجية في المعايير والكيل بعدة مكاييل أصولها كبنود محدّدة تحت خدمة قوى الشر والهيمنة.
فعندما يتعلق الأمر بكيان الاحتلال الإسرائيلي انكشفت ادِّعاءاتهم الزائفة المتعلقة بحقوق الإنسان؛ فلا جعلوا للعدالة إنسانية حقها في الوجود، ولا العيش بأمان وسلام حقاً للجميع، ولا من القوانين جعلوها التزاماً للتطبيق، ولا لفصل النزاعات وإيقاف الحروب اتخذوها قرارات طالبت بها كُـلّ الشعوب، لكن تغيرت المصطلحات والمسميات بحسب الأجندة والأهداف، وهم المرتكبين للجرائم والانتهاكات والمتفردين بالقرارات والمتحكمين بالمنظمات والهيئات، فلا حقوق للإنسان موجودة في قواميس الغرب والأمريكان عندما يتعلق بممارساتهم الإجرامية التي شهدت على قذارة ارتكابها شعوبهم، فعندما تتعارض مصالح الصهيونية العالمية بحسب مخطّطاتهم الخاسرة ساروا وفق إنتاج مسارات جديدة لجعلها وقائع ونتائج قد تحقّق لهم الأهداف، هذه المسارات تنوعت في مستوياتها للتطبيق ضمن سياساتهم في منطقه الشرق الأوسط بالتحديد، فالإرهاب مصطلح موضوع وبمسميات عديدة استخدمتها أمريكا كأوراق وخيارات؛ فمن دعمهم للجماعات التكفيرية وإنشائهم للمعسكرات التدريبية وتغذيتهم للصراعات، كلها شواهد لها دلائلها الكاملة والملحوظة والمكشوفة وعلى مدار عقود سابقة شاهدة على ممارسات الولايات المتحدة الأمريكية من جعلها للإرهاب مسلسل أدوات لتغطية فشلها وعجزها في مواجهة قوى الحق والجهاد.
وعلى هذا المنوال فقد شكل القرار اليمني الإنساني والأخلاقي والمنطلق من موقف إيماني عظيم لمناصرة الشعب الفلسطيني فيما يتعرضون له من جرائم ممنهجة مشهودة وإبادة جماعية واضحة متعمدة وتطهير عرقي ممارس ومفتعل وتهجير قسري مخطّط ومدروس وفي قطاع غزة بالذات، تأثيره الفعال على سير مختلف الأحداث؛ فمن قيامهم بعشرات الضربات الصاروخية البالستية وبالطائرات المسيَّرة واستهدافها لمواقع داخل الأراضي المحتلّة، إلى فرضهم لمعادلات جديدة في البحرين الأحمر والعربي لردع الكيان الإسرائيلي وحصاره بمنع سفنه من المرور والذهاب إلى موانئه، ومع التأكيد على سلامة الملاحة البحرية لكل السفن لجميع أنحاء العالم، وهي كورقة ضغط لإيقاف عدوانه على الشعب الفلسطيني والتي أعطت نتائجَها الحاليةَ في إرباكها للمشهد الإسرائيلي وتصاعُدًا للخسائر الاقتصادية المتفاقمة عليه جراء الحصار المفروض عليه من قبل اليمنيين.
وعندما أخذت مختلف الأحداث تتصاعد في المنطقة وأصبحت مجملها مكشوفة وواضحة للعيان، وأخرجت لكامل الأسرار المخفية للصهاينة والأمريكان وبصورة رسمتها الوقائع والمعطيات على الأرض لهزيمتهم في مختلف الجبهات بقطاع غزة وفي عديد جبهات الإسناد لها في محور المقاومة، توسعت أمريكا في مدها لرقعة الخيارات، ومن ورقة الإرهاب مصطلح أمريكي متنامٍ كأُسلُـوب للأضرار بالشعوب والدول.
لتغوص أمريكا مجدّدًا في التراجع عن مخطّطاتها التي فشلت واندثرت سابقًا لإعادتها حَـاليًّا كأُسلُـوب فرض أَو ممارسة ضغط على اليمن واليمنيين لإدراجهم ضمن قوائمها الإرهابية، فالإرهاب صناعة أمريكية بامتيَاز ومتنامٍ بكافة المجالات والنواحي قد تحقّق من خلاله الأهداف، فإعادتها لتصنيف أنصار الله ضمن قائمة الإرهاب الأمريكي هي إعادة سابقة لتكرار فاشل واستمرار لتخبط سياسي لوضع حالي هش ضعيف تعيشه أمريكا ليس له تأثيره الفعال في إبعاد اليمن عن مناصرتها للقضية الفلسطينية، والتي تنظر إليه أمريكا بجعله سياسة للتأثير لفرض القرار بلغة السياسية والحصار، وهو أُسلُـوب شيطاني مبني على العلو والغرور والتكبر والتعالي يوضح إرهابهم المتنامي والاستعلاء في أخذهم للتفرد بالقرارات الأحادية الجانب، وهو قرار لدولة معروفة بانحيازها لإسرائيل ومشاركتها الكاملة في ارتكاب الجرائم الفظيعة بحق الشعب الفلسطيني؛ لأَنَّ القرار الأمريكي هذه المرة يختلف في الكيفية في الفرض وتأجيل دخوله حيز التنفيذ لمدة شهر من صدور الإعلان لإفساحه للمجال للمراجعة والتقدير من جانب اليمنيين وبحسب توقعاتهم للمراحل القادمة من تطورات العمليات العسكرية في قطاع غزة، وهو ما قابله اليمنيين وبصورة مباشرة باستهدافهم لسفينة تجارية أمريكية في خليج عدن، ليضيف هذا القرار لفشل عسكري أمريكي سابق ولتسعة أعوام من حربهم على اليمن، وحالي بالضربات العسكرية الأمريكية البريطانية والتي لم تحقّق لهم نتائج مرجوة لمحاولة ردع اليمن عن موقفه المساند للشعب الفلسطيني بمحاصرتهم للكيان الإسرائيلي في البحرين الأحمر والعربي، فالقرار اليمني الإنساني الأخلاقي لمساندة الشعب الفلسطيني قابله إرهاب أمريكي متنامٍ وفي كافة المجالات والنواحي عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا.