صمود وانتصار

غزة كربلاء اليوم

الصمود||مقالات|| مرتضى الجرموزي ||

ونحن إذ نعيش ذكرى عاشوراء الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- لنا وقفة نقارن بينها والأحداث الراهنة والدامية بحق أبناء غزة.

فما بين كربلاء الحسين، كربلاء عاشوراء وكربلاء غزة هاشم نجد الأحداث والمظلومية واحدة تتحدث عن نفسها وتصف ذات المشاهد، وإن اختلف الاسم والمكان فالقضية وذات الهدف والمظلومية جمعت بينهما.

التاريخ يعيد نفسه ما بين ذكرى كربلاء وواقع غزة اليوم؛ فهي مظلومية كبيرة لم تضاهِها مظلوميةٌ على مدى التاريخ، كما فعل بالحسين وأهله في كربلاء العراق في السنة الـ61 للهجرة ها هو اليوم يُفعل بغزة.

قُتل الحسين وأهله وأصحابه في ساحة عربية وبسيف محسوب على الإسلام بعد أن مُنع عنهم الماء والدواء وأَسَاسيات الحياة.

اليوم نرى قطاع غزة وأهله وفي ساحة ومحيط عربي وإسلامي يُقتلون ويُرتكب بحقهم كُـلّ الجرائم، مُنع عنهم الماء والدواء والغذاء وحُوصروا في كُـلّ شيء، وبوقود وأموال محسوبة على الإسلام والعروبة يُقتلون.

في كربلاء عاشوراء قُتل الحسين، وكم ألف حسين قُتل ويُقتل اليوم في عاشوراء غزة.

في كربلاء الحسين قتل أهل الحسين، وكم ألف من الأسر والأهالي قتلوا اليوم في كربلاء غزة.

في كربلاء الحسين أُحرقت الخيام وأحرق من فيها من المسلمين، وكم ألف منزل نُسفت ودمّـرت اليوم في عاشوراء غزة هاشم.

في كربلاء الحسين قُتلت النساء ومزقت الجثث، وكم ألف من النساء قُتلن اليوم في غزة عاشوراء، وكم ألف أحرقت وتفحمت الجثث ودُفنت تحت الأنقاض.

في كربلاء الحسين قُتلت رقية ومن معها من الأطفال، وكم ألف رقية قُتلت اليوم في عاشوراء غزة.

في كربلاء الحسين قُتل عبدالله الرضيع وعلي الأكبر، وكم ألف رضيع وعلي قتلوا اليوم في عاشوراء غزة.

في كربلاء الحسين سُيقت زينب وأخواتها أسيرات وسبايا من كربلاء العراق مُرورًا بمناطق وأراضٍ عربية ومسلمة إلى الشام، وكم ألف زينب وأخواتها أُسرت وسيقت إلى الأراضي الفلسطينية المحتلّة مُرورًا بمناطق وأراض عربية وأمام أنظار زعامات وشعوب عربية وإسلامية لم تحَرّك ساكناً تجاه هكذا جرائم.

في كربلاء خُذل الحسين وأهله وأصحابه، وفي كربلاء فلسطين خُذلت غزة وأهلها وأبنائها.

في كربلاء عاشوراء قُتل الحسين وأصحابه بتهم الردة والخروج عن ولي الأمر، وفي كربلاء فلسطين قُتلت غزة وأهلها بتهم الإرهاب والخروج عن الإجماع العربي.

في كربلاء الحسين حُوصر الحسين وأصحابه ومنع الماء رغم جريان الماء أنهاراً، وفي كربلاء فلسطين حُوصرت غزة وأهلها ومنع عنهم الماء والأنهار محيطة بها.

بين غزة والحسين المقارنة كبيرة والروابط واقعية والجريمة بحقهما مدونة، ولا زالت غزة تعاني ويلات الجريمة والعقاب الجماعي تحيط بها أنظمة ودويلات عربية وإسلامية هي شريك أَسَاسي في الجرائم المرتكبة بحق أبناء وأهالي غزة.

لتبدو غزة وكأنها كربلاء اليوم بالموقف والكلمة والتوجّـه ومقارعة البغي والاستكبار وقوى العدوان.

فإذا كان يزيد هو من قتل الحسين وأصحابه وأهل بيته واستباح وعاث الفساد بحقهم محسوباً على الإسلام؛ فغزة اليوم تواجه حرباً عربية خبيثة قبل بأيادٍ يهودية أفظع خبثاً.

ومع انتصار الدم على السيف في كربلاء، نرى الدم والمظلومية الغزية تنتصر على الصواريخ والقنابل الفتاكة، وسنتنصر بإذن الله، وسيعلم الذين ظلموا وخانوا وخنعوا وصمتوا وطبّعوا أيّ منقلب ينقلبون، وسيُرمى بهم إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليهم، وستبقى غزة هاشم ما بقي التاريخ.