صمود وانتصار

“الهدهد 3”.. إنجاز يؤكد امتلاك حزب الله قوة ردع استخبارية لا يمكن تجاوزها

حمل الفيديو الأخير الذي نشره الإعلام الحربي لحزب الله اللبناني تحت عنوان “الهدهد 3” وأظهر مشاهد ولقطات لقاعدة “رامات دافيد” الجوية الصهيونية في شمال فلسطين المحتلة، مضامين ورسائل كثيرة، أهمها أنه كشف ضمنًا، عن حجم القدرات الدقيقة التي تمتلكها المقاومة اللبنانية بما يجعلها قادرة على استهداف كل منشآت العدو الاستراتيجية على كامل أراضي فلسطين المحتلة، وعلى تجاوز كل منظوماته الاعتراضية.

واليوم الأربعاء نشر الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان- حزب الله- مشاهد جويّة التقطها المقاومة شمال فلسطين المحتلة، الثلاثاء، ومثّلت الحلقة الثالثة ضمن سلسلة “ما رجع به الهدهد”.

وأظهر مقطع الفيديو الذي كان مدته ثمان دقائق ونصف، مشاهد القاعدة الجوية الوحيدة لجيش العدو الصهيوني شمال فلسطين المحتلة، والتي تبعد 46 كيلومتراً عن الحدود مع لبنان، وهي قاعدة “رامات دافيد”.

وبذلك أضافت المقاومة قاعدة “رامات دافيد” الجوية التابعة لجيش العدو الصهيوني، بكل ما تتضمّنه، إلى بنك أهدافها.

وتظهر المقاطع المصوّرة عبر طائرة “هدهد”، والتي نجحت للمرة الثالثة في اختراق منظومات الرصد والاعتراض لجيش العدو، جميع المرافق التابعة للقاعدة الجوية.

وقد قدّمت المقاومة معلومات تفصيلية عن “رامات دافيد”، ولا سيما ما تتضمّته من اختصاصات جوية وتشكيلات عسكرية.

اللافت، أن “ما رجع به الهدهد”، أمس، كشف مبنى قيادة القاعدة والمسؤولين فيها، بينهم قائدها الحالي، العقيد أساف إيشد، إضافة إلى مساكن الضباط، ومبنى القيادة المحصّن، ومركز القيادة والسيطرة.

ومن بين أبرز ما كشفته مشاهد “الهدهد”، تحديد مواقع منصات القبة الحديدية داخل القاعدة، مخازن الذخيرة، مراكز قيادة ومرآب الأسراب ومراكز تجهيزها وأقسامها التقنية، مواقع رادرات الملاحة الجوية، أقسام الصيانة وكبسولات الوقود.

المشاهد التي صوّرتها المقاومة أظهرت أيضاً مسحاً ليلياً، في وقتٍ سابق، للقاعدة الجوية التابعة لجيش العدو الصهيوني، بينما كانت مشاهد أخرى خلال ساعات النهار.

وأشار مصدر في حزب الله، لـ”الجزيرة”، اليوم الأربعاء، إلى أن “المقاومة تمكنت من تضليل الدفاعات الجوية وأجهزة الرصد والاستطلاع والعودة بالصور المطلوبة للقاعدة الجوية”.

وأكد أنه “على الرغم من الاستنفار العالي داخل جيش العدو الصهيوني وتوقعه هجمات من اليمن تمكنت المقاومة من إرسال الطائرة”.

واعتبر المصدر، أنه “ربما تكون هذه المرة الأولى في تاريخ الكيان الصهيوني التي يجري فيها اختراق المجال الجوي لقاعدة جوية صهيونية”.

ولفت، إلى أنه “بعد العدوان الصهيوني على ميناء الحديدة فإن رسالة اليوم هي التشديد على وحدة جبهات الإسناد للشعب الفلسطيني”.

وقال المصدر: “التوقيت مرتبط بزيارة نتنياهو لواشنطن وهو رسالة واضحة الدلالات”.. موضحاً أن “الشريط المصور جرى تصويره كلياً يوم أمس أي في الـ23 من يوليو الحالي”.

ومن الرسائل التي يبعثها الحزب من خلال هذا الفيديو المصور يرى الخبير العسكري والإستراتيجي العميد المتقاعد أمين حطيط في حديثٍ لموقع “ليبانون ديبايت”، أن طائرة “الهدهد 3″ أوصلت رسائل متعدّدة الجهات وهي عملية مهمة بتوقيتها وبطبيعتها، وبالتالي الرسالة الأساسية هي للكيان الصهيوني، مفادها أن الذي يهدّد بشنّ عمليات عسكرية وحرب واسعة على لبنان ويراهن على سلاح الطيران يمكن أن تخرج قواعده عن الخدمة في الساعات الأولى للمواجهة”.

أيضا أراد الحزب من هذا الفيديو بحسب حطيط توجيه رسائل عديدة موجّهة إلى نتنياهو شخصيًا وهو على أعتاب دخوله إلى البيت الأبيض لإلقاء خطاب أمام الكونغرس الأمريكي، لا سيما أنه يريد إعلان النصر كما يروج في الإعلام، فتأتي رسالة “الهدهد 3″ لكشف الوهن في البنية الدفاعية الصهيونية التي لم تستطع أن تعترض طائرة مسيّرة وتمنعها من تنفيذ عمليتها الخطيرة التي تناولت قاعدة عسكرية أساسية وهي القاعدة الأكبر في شمال فلسطين المحتلة”.

ويلفت إلى أن “الرسالة العامّة من “الهدهد 3″ إلى جميع المعنيين فيما يجري في فلسطين، التي تؤكّد إثبات القدرات الإستعلامية التي يملكها حزب الله ويستطيع أن يحولها إلى معطيات نارية وبنك أهداف، وهذا ما يشجّع بيئة الردع التي يقودها الحزب لمنع الحرب الشاملة والحرب الإقليمية التي ليس للمقاومة مصلحة في شنّها الآن، لأنها ستحجب القضية الفلسطينية وتبرز قضايا جانبية كبرى”.

ومن التداعيات المهمة والاستراتيجية وغير المسبوقة لهذا الفيديو يقول حطيط: إن “المعلومات التي عرضها شريط الفيديو مهمة جدًا، فهناك نقطة بارزة يجب أن يلتفت إليها الخبراء وهي أن المسألة ليست صورًا فوتوغرافية وجوية تأخذها الطائرة بل أخطر من ذلك، لا سيما أن المقاومة تملك معطيات تحول الصور الفوتوغرافية إلى جزئيات في بنك أهداف المقاومة، وهذا أمر خطير جدًا خصوصًا لناحية التفاصيل الدقيقة التي كشفتها “الهدهد 3″ عن قاعدة راميت دافيد العسكرية الصهيونية”.

وفي هذه المسألة الاستخباراتية تحديدا أكد المتحدث باسم جيش العدو الصهيوني، صحة الفيديو الذي نشره حزب الله.. مشيرا إلى أن الطائرة بدون طيار كانت للتصوير، والجيش يعمل على تعزيز منظومة الدفاع الجوي.

وقابلت وسائل إعلام صهيونية تعقيب المتحدث باسم الجيش الصهيوني على نشر فيديو حزب الله بالغضب والاستغراب، واعتبرته رد مخزي وغير مقنع.

وأكدت وسائلُ إعلامِ العدو أن هذه المشاهد الجديدة لهدهد المقاومة اللبنانية توضح مدى ضعف الكيان الصهيوني وأن ذلك يشكلُ وصمة عارٍ للصهاينة.

وأضافت وسائل الإعلام الصهيونية: “السؤال هو كيف لم يتم إعتراض هذه المسيرة خلال تحليقها؟ ما هي الذريعة هذه المرة؟” .

وقالت: “أكثر من ثمان دقائق من فيديو لحزب الله يُوضح مدى ضعفنا وهذه وصمة عار”.

ولفتت إلى أنّ “فيديو حزب الله مثير للقلق بحيث يمكنك رؤية مواقع حساسة للغاية في “إسرائيل”.

وتابعت وسائل الإعلام الصهيوني: “يحلّقون فوق قاعدة “رامات دافيد” من دون عائق ويسجّلون ما يريدون ولا توجد محاولة لاعتراض طائرتهم”.

وختمت بالقول إنّ “فيديو حزب الله خطير جداً، إنهم يقرأوننا كالكتاب المفتوح”.

وبنشر المقاومة اللبنانية هذه المشاهد فإنها بلا شك تكشف مجددًا التطوّر المعلوماتي، الذي شهدته أسلحتها وغرف عملياتها وتجهيزاتها الخاصة بالحرب الالكترونية، والتي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك انتصار حزب الله في حرب الأدمغة، وأنه بات يملك قوة ردع استخبارية لا يمكن تجاوزها.

بإيجاز، يمكن القول: إن وسائط الحرب الإلكترونية، التي تمتلكها المقاومة اللبنانية، أثبتت معنى العجز الاستراتيجي لجيش العدو الصهيوني على إزالة الأخطار التي تهدّد كيانه المؤقت على المدى البعيد، حيث يتجلى ذلك في استمرار وجود وتصاعد مصادر التهديد وازدياد قوتها كماً ونوعاً بشكل لم يسبق له مثيل، بل أكثر وأبعد من ذلك فقد نجح حزب الله في هذه الحرب في قلب كل الحسابات والتقديرات العسكرية.. وفي اسقاط النظريات والمفاهيم الحربية الصهيونية.