صمود وانتصار

فارس الكلمة إلى مثواه الأخير.. وداعاً إبراهيم سنجاب

الصمود||مقالات||أحمد داوود||

بعد حياة حافلة بالعطاء والعمل الجاد رحل عن دنيانا الزميل إبراهيم بدوي سنجاب مدير التحرير بصحيفة الأهرام المصرية عن عمر يناهز 61 عاماً، بعد صراع مع المرض.  لقد أفجعنا خبر وفاته، وهو في ريعان العطاء، فكان خبراً صاعقاً خففه علينا ذكراه الطيبة.

اليوم، نودع فارس الكلمة، الإعلامي الكبير إبراهيم سنجاب، بقلوب مكلومة، وأحزان لا نهاية لها، بفعل المآسي والآلام، والآهات في غزة، والأوجاع الكبيرة في منطقتنا وعالمنا الصامت.

كان -رحمه الله- من أبرز المتخصصين في الشؤون اليمنية والسورية، وقد زار البلدين للاطلاع عن كثب حول ما يدور من أحداث فيهما، فزار العاصمة صنعاء في ذروة العدوان الأمريكي السعودي على اليمن في العام 2016م، ليتعرف على الحقيقة، بعيداً عن ضجيج البروبوغندا والدعايات السوداء التي صنعها اعلام التحالف والمرتزقة، والإعلام الموالي لهم عن اليمن، وما يدور فيه، وجاءت هذه الزيارة لتعزز القناعة لديه بمظلومية الشعب اليمني، وما يعانيه من عدوان وحصار سعودي أمريكي خانق.

وعلى مدى السنوات الماضية، سخر الأستاذ إبراهيم سنجاب قلمه، ليكون مناصراً للحق، فكتب مئات المقالات تحت عنوان “عبد الملك الحوثي والذين معه”، فكانت قراءته ناقدة، وعميقة، ومخلصة، وصادقة، وكان ينشرها في مختلف وسائل الإعلام، حتى ضاقت به الإمارات ذرعاً، وشكاه المرتزقة إلى الرئيس السيسي، ومع كل التهديدات ظل المرحوم محافظاً على نهجه، مقارعاً الظالمين بقلمه، وكان خير سند لليمن واليمنيين، وكان كما يقول من التقاه يحث اليمنيين على الصبر والصمود، والوقوف خلف السيد القائد، وعدم خذلانه، مؤمن بأن السيد عبد الملك قائد استثنائي لا نظير له في هذا الزمن المليء بالمتاعب والمنغصات.

عرفناه -رحمه الله- محباً لليمن، ولليمنيين، وكان بحق فارس الكلمة، وصوتها، فقد أعطى للحروف وزنها، وحولها إلى قوافي تخلد ذكراه، ويحق لنا أن نحزن على رحيله، فهو عظيم، وصاحب مبدأ، وصوت إعلامي لامع في سماء الحق، والوقوف مع المظلومين ضد الطغاة المستكبرين، وبقاؤه معنا كان سيزيدنا دفعة كبيرة في مقارعة الطغاة والمستكبرين، ولا سيما وأن المنطقة تمر اليوم بمحنة عظيمة، جراء الطغيان الأمريكي الإسرائيلي، وارتكاب جرائم الإبادة في غزة، ومحاولة هؤلاء المجرمين نقل المشهد إلى بقية الدول العربية المقاومة للهيمنة الأمريكية الصهيونية.

المفارقة أننا اليوم نبكي علماً من أعلام الصحافة إبراهيم سنجاب، وهو كاتب مصري، يعمل في صحيفة مصرية رسمية بلغت شهرتها الأفاق، ومع ذلك فقد عرف الحق، ووقف إلى جانبه، وكتب عن اليمن ومظلومية اليمن، الكثير والكثير، في حين أن صحفيين يمنيين كبار من الجيل الأول فضلوا خيانة بلدهم ووطنهم، وارتموا في أحضان الإماراتي والسعودي، لتكون كلماتهم ومقالاتهم، وتغطيتهم الصحفية سوطاً يجلدون به ظهر شعبهم وأبناء جلدتهم.

سيظل الصحفي المصري الكبير إبراهيم سنجاب، خالداً في قلوبنا، عالقاً في أذهاننا، وهو من الأصوات العربية الإعلامية القليلة التي وقفت إلى جانب الشعب اليمني، ونقلت مظلوميته، وكان صوتاً هادراً في وجه الطغاة الظالمين.. نسأل الله أن يرحمه، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يحشره مع اليمنيين المظلومين إلى رضوان الله وجنات النعيم.