صمود وانتصار

مجزرة الفجر .. صواريخ أمريكية تحيل جثامين الفلسطينيين إلى أشلاء متفحمة

الصمود||

في مشاهد صادمة ومروعة فاقت كل التصورات والخيال، تناثرت أشلاء جثامين الشهداء في أرجاء المكان، بعد أن مزقتها صواريخ العدو الإسرائيلي، وأشعلت النيران فيها، حتى عجزت طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن انتشالها، والتعرف على هويتها.
“مجزرة الفجر” المروعة، التي ارتكبها جيش الاحتلال، فجر السبت، في مدرسة التابعين التي تؤي آلاف النازحين بحي الدرج في مدينة غزة، أثارت حالة من الذهول والغضب الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي، من هول المجزرة ومدى بشاعتها.
وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو التي بثتها وسائل الإعلام مشاهد مروعة لأطفال وشباب وشيوخ غابت ملامحهم، بفعل ما أصاب أجسادهم من حروق كامله، وتحولها لأشلاء متفحمة، بفعل شدة القصف.

تفاصيل مؤلمة
ويتحدث الطفل عمر الجعبري (10 سنوات) عن تفاصيل المجزرة، قائلًا: ” استيقظت من النوم فجرًا على صوت انفجار ونيران مشتعلة، أدت لاشتعال ملابسه وحرق جسمه”.
ويضيف “مشينا فوق الحجارة والردم والركام حتى وصلنا سيارة الإسعاف التي نقلتني إلى مستشفى المعمداني”.
وأما المواطن عبد الكريم الجعبري فيقول بألم وحسرة: “ساعة إقامة صلاة الفجر تم قصف المصلى بشكل همجي وصعب، واستشهد سبعة من أفراد عائلته أثناء أدائهم الصلاة”.
ويضيف وعيناه تذرفان الدموع “كلهم أناس آمنين، كانوا يتواجدون في منطقة آمنة ووقت الصلاة والعبادة، وكانت شقيقتي متواجدة في الطابق الثاني مع النساء، وجراء القصف أصيبت بحروق في جسدها، وابنها في رأسه ووضعه خطير وصعب، كما استشهدت ابنتها”.
ومن أصعب المشاهد الدامية والمروعة التي مرت على الأطباء في مستشفى المعمداني، بعد مجزرة التابعين، يقول مدير المستشفى فضل نعيم، “كانت لشاب صغير يبلغ من العمر (16 عامًا) وصل إلينا وجزئه السفلي مفتت ومهشم، ويده اليسرى مبتورة، وجروح غائرة وحروق في أنحاء جسده”.
ويضيف عبر حسابه على منصة “إكس”، “وأثناء إجراء الجراحة الطارئة صُدمت عندما وجدت رأس شخص آخر محطم بين عظام ساقيه المفتت، لم أتمكن من التعرف عليه إلا من خلال الفم والذقن، كان مشهدًا يفوق قدرة القلب والعقل على التحمل”.
ويتابع “رغم كل جهودنا لإنقاذه لكنه فارق الحياة على سرير العمليات، بعد نزيف شديد لم يتوقف”.
و”للأسف هناك عشرات الإصابات المشابهة خطورة ترقد الآن بين أروقة المشفى، وفي كل لحظة تمر نفقد روح جديدة”. يتابع نعيم
ويشير إلى أن أغلب حالات جرحى مجزرة مدرسة التابعين في حي الدرج التي استقبلناها مصابة بحروق كاملة وبتر في الأعضاء.
ويوضح أن هناك جرحى استشهدوا على طاولات الجراحة بسبب نقص التجهيزات الطبية.
ويضيف “نحن نفتقد لأبسط الإمكانات الطبية ووحدات الدم للحفاظ على حياة الجرحى”.

مجازر مقصودة
وتفاعل نشطاء فلسطينيون وعرب على مواقع التواصل الاجتماعي عبر التغريد على وسم “#مجزرة_الفجر” الذي تصدر منصة “إكس”، تنديدًا بالمجزرة التي ارتكبها الاحتلال في مدرسة التابعين أثناء أداء المواطنين صلاة الفجر، ما أدى لاستشهاد نحو 100 مواطن، وإصابة آخرين بجراح مختلفة.
الكاتب ياسر الزعاترة يقول في تغريدة على منصة”إكس”: إن “جيش الغزاة مطمئنًا إلى الصمت العربي الرسمي، وتراجع مستوى الإدانات الدولية مع الدعم الأمريكي الكامل، وما زال العدو يوغل في دماء الأبرياء، ودائمًا بذات التبرير الحقير”.
ويضيف أن “القصة باختصار لخّصها صحفي إسرائيلي بأن معايير نتنياهو باتت ترى إمكانية قتل مئة من الأطفال والنساء والأبرياء، من أجل إخبارية عن وجود شخص ما من عناصر حماس من الجيّد قتله، سواءّ كان من الجهاز العسكري أو المدني”.
ويتابع “الحقيقة أن القصة محض كذب من أصلها، لأن ما يجري هو مجازر مقصودة لذاتها وبهدف واضح هو فرض الاستسلام على شعبنا، ودفعه إلى التخلّّي عن المقاومة”.
ويردف قائلًا: “عارٌ، بل جريمة كبرى ألا تثير هذه الدماء والأشلاء بعض حميّة النظام العربي الرسمي، فيذهب نحو موقف جماعي حقيقي يضغط على الغزاة وداعميهم لوقف حرب الإبادة المستمرة منذ 10 شهور”.
وأما الناشطة آيات عرابي فغردت قائلة: “مجزرة جديدة مروعة يرتكبها الجيش الصهيوني المجرم في مدرسة التابعين بحي الدرج خلال صلاة الفجر، إجرام ليس بعده إجرام”.
وتضيف “كما قلت من قبل إنه من أمن العقوبة أساء الأدب، وهذا النتن (بنيامين نتنياهو) يعلم تمامًا أنه محاط بمجموعة من الحكام العملاء الخونة الذين يساندونه ويقمعون شعوبهم لحمايته هو ودولته اللقيطة”.
وكتب خليل العناني: “مجزرة صهيونية جديدة في صلاة الفجر تقتل ما لا يقل عن 100 شخص، دماء هؤلاء الأبرياء في رقبة بايدن وبلينكن وكيربي والمتواطئين معهم من العرب”.
وأما الناشط مرتضى فرج فكتب في تغريدته: “مجزرة مدرسة التابعين بحي الدرج في غزة، التي سفكت بها دماء الناس عند صلاة الفجر، مروعة ومؤلمة جدًا”.
ويضيف “هذه الدماء لا قيمة لها عند الغرب، لكن سنرى لها انتقامًا سماويًا وأرضيًا، وستعود كفة الميزان لصالح المظلومين المستضعفين قريبًا”.
من جهته، غرد الداعية الكويتي الشيخ أحمد بن عبدالعزيز النفيس قائلًا: “أكثر من 100 شهيد في مجزرة استهدفت النازحين في مدرسة خلال تأديتهم صلاة الفجر، يُذبحون الناس وهم بين يدي الله عز وجل، ولا يأبهون لشرع ولا دين ولا عرف ولا قانون، والعالم الظالم يشهد على هذا القتل ويتجاهله”.

مصير مجهول
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني بقطاع غزة محمد بصل إن طواقمنا تفاجأت بحجم المجزرة المخيف، بفعل العدد الكبير من الشهداء والجرحى، بينهم نساء وأطفال.
وأوضح أن جزءًا منهم عبارة عن أشلاء، وجزءًا آخر كانت جثامين تشتعل فيها النيران، في مشهد مخيف لم يراعي أدنى الاعتبارات الإنسانية.
وبين أن الاحتلال استهدف في هذه المدرسة طابقين، أحدهما يؤوي نساء وأطفال، والطابق الأرضي استخدمه النازحون كمصلى، إذ تم قصف المكان بشكل مباشر.
وارتقى في مجزرة مدرسة التابعين 93 شهيدًا بينهم أشلاء ومفقودين مجهول مصيرهم حتى اللحظة. والعديد من الجرحى وصفت جراحهم بالخطيرة.
وأشار بصل إلى أن كثير من المواطنين ما زالوا يبحثون عن أبنائهم داخل المسجد، وأن ما حدث لا يمكن للعقل أن يتخيله.
وأضاف. “تعاملنا مع مشاهد مأساوية، وأشبه هذه المجزرة بمجزرة المعمداني”.
ولم تكن هذه المجزرة الوحيدة التي يرتكبها الاحتلال بحق المواطنين الفلسطينيين، ومراكز الإيواء التي تؤي آلاف النازحين، منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، بل ارتكب عشرات المجازر التي أدت لاستشهاد المئات، أغلبهم من النساء والأطفال.