اليمن: معادلة “الحصار مقابل الحصار” تنجح في خنق الاقتصاد الإسرائيلي
حميل الحاج
نجحت القوات المسلحة اليمنية في فرض حصار اقتصادي محكم على الكيان الصهيوني من خلال تنفيذ سلسلة من العمليات العسكرية على مدى أشهر العدوان على غزة، التي استهدفت السفن الإسرائيلية والمرتبطة بها والمتوجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة. ومع تدخل الولايات المتحدة وبريطانيا لحماية الكيان الصهيوني عبر شن عدوان على اليمن، وسعت القوات اليمنية نطاق عملياتها لتشمل السفن التابعة لهاتين الدولتين، مما أدى إلى تصعيد الوضع العسكري والاقتصادي في المنطقة.
وويرى خبراء ومراقبون أن القوات المسلحة اليمنية أثبتت قدرتها على فرض حصار اقتصادي خانق على الكيان الصهيوني من خلال عمليات عسكرية محكمة ومتصاعدة. وأن هذا الحصار لم يقتصر تأثيره على الجانب العسكري فحسب، بل أثر بشكل جوهري على الاقتصاد الإسرائيلي، مما أدى إلى تراجع النشاط الصناعي وزيادة الإنفاق الحكومي.. بفضل هذه الاستراتيجية، تمكنت القوات اليمنية من تشتيت القوة الاقتصادية للكيان الصهيوني وإثبات قدرتها على التأثير في الصراع الإقليمي.
الحصار الاقتصادي وتطوره
استهداف السفن الإسرائيلية وحلفائها
بدأت القوات المسلحة اليمنية عملياتها العسكرية باستهداف السفن الإسرائيلية والمرتبطة بها، مما أثر بشكل كبير على حركة الشحن إلى موانئ فلسطين المحتلة. ومع تصاعد العدوان الأمريكي والبريطاني لحماية الكيان الصهيوني، وسعت القوات اليمنية عملياتها لتشمل السفن التابعة لهذين البلدين، وكذلك السفن المرتبطة بالشركات التي تتعامل مع الكيان الإسرائيلي.
مراحل التصعيد: من الإعاقة إلى الإغراق
مرت العمليات العسكرية اليمنية بعدة مراحل تصعيدية. في البداية، تم إعاقة مرور السفن وتعطيل حركة التجارة البحرية للكيان الصهيوني.. لكن مع استمرار العدوان الإسرائيلي وتزايد الجرائم التي يرتكبها بحق العوائل الفلسطينية في قطاع غزة .. تطورت العمليات العسكرية اليمنية إلى إغراق السفن وإحراقها، مما أضاف بعداً جديداً للحصار الاقتصادي المفروض على الكيان الصهيوني.
امتداد العمليات العسكرية
امتدت العمليات العسكرية اليمنية من البحر الأحمر، مروراً بالبحر العربي والمحيط الهندي، وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط. هذا التصعيد العسكري اليمني والانتشار الواسع للعمليات جعل من الصعب على الكيان الصهيوني وحلفائه تأمين طرق الشحن البحري المرتبطة بثلاثي الشر، مما أسهم بشكل كبير في تشتيت القوة الاقتصادية للكيان .
تأثير الحصار على الاقتصاد الإسرائيلي
افلاس ميناء (إيلات) والتداعيات
نشر موقع “وورلد كارغو نيوز” المتخصص في الملاحة البحرية “ميناء إيلات يعلن إفلاسه”، قال فيه إن ميناء إيلات أعلن إفلاسه بسبب انخفاض النشاط بنسبة 85% بسبب هجمات من أسماهم “الحوثيين” على السفن في البحر الأحمر، وطلب المساعدة من الحكومة الإسرائيلية.
وكان تقرير نشره موقع “سي ترايد ماريتايم” المتخصص في الملاحة البحرية، أكد أن التأثيرات الاقتصادية للضربات الحوثية في البحر الأحمر باتت واضحة مع طلب ميناء إيلات المساعدة المالية من الحكومة الإسرائيلية بعد انخفاض أحجام الشحن بنسبة 85%.
وألقت تداعيات إفلاس ميناء إيلات بتداعياته القاسية على الاقتصاد الإسرائيلي، وذلك بعد ثمانية أشهر من توقفه عن العمل بسبب العمليات التي نفذتها القوات المسلحة اليمني أسناداً لـ غزة في البحر الأحمر. وفقاً لما نشرته وسائل إعلام غربية وعبرية.
ويعتبر الميناء الوحيد الأقرب من نقطة الوصول الساحلية الوحيدة للأردن في العقبة شمالي البحر الأحمر، ويوفر لـ (إسرائيل) بوابة إلى الشرق، يواجه حظراً شاملا للملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر الذي تمر عبره 30% من تجارة (إسرائيل).
تراجع النشاط الصناعي
أدى الحصار الاقتصادي الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية إلى تراجع كبير في النشاط الصناعي الإسرائيلي. تعطلت سلاسل الإمداد، وتقلصت القدرة على استيراد المواد الخام وتصدير المنتجات، مما أثر سلباً على الصناعات الرئيسية في إسرائيل.
ويتكبد كيان العدو الصهيوني خسائر اقتصادية شهرية باهظة تُقدر بنحو أربعة مليارات دولار جراء الحصار اليمني الكامل المُطبق على إمداداته في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط.. بحسب ما يؤكده خبراء الاقتصاد.
هذا وكشفت صحيفة “معاريف” العبرية، أن 46 ألف شركة إسرائيلية أغلقت أبوابها منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر الماضي، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 60 ألف شركة بحلول نهاية العام الجاري.
وتواجه الشركات الإسرائيلية “تحديات صعبة للغاية تتمثل في نقص العمالة، وتراجع المبيعات، وبيئة أسعار الفائدة المرتفعة وارتفاع تكاليف التمويل، ومشاكل النقل والخدمات اللوجستية، ونقص المواد الخام، وعدم إمكانية الوصول إلى الأراضي الزراعية في مناطق القتال”، فضلا عن “عدم توفر العملاء المشاركين في القتال، وصعوبات التدفق، والزيادات في تكاليف الشراء”.
وبحسب تقرير صادر عن الكيان الإسرائيلي، تكبد الاقتصاد خسائر كبيرة نتيجة للحصار. ارتفعت تكاليف التأمين على السفن والبضائع، وزادت أسعار المنتجات بسبب نقص المعروض، مما أدى إلى تضخم اقتصادي وتراجع القدرة الشرائية.
ارتفاع الإنفاق الحكومي
زادت العمليات العسكرية التي شنتها القوات اليمنية من الأعباء المالية على الحكومة الإسرائيلية. اضطرت الحكومة إلى زيادة الإنفاق العسكري لتعزيز الدفاعات البحرية، وتقديم التعويضات للشركات المتضررة والمستوطنين الذين تأثرت مصالحهم الاقتصادية. هذا الإنفاق الإضافي زاد من الضغط على الميزانية العامة للدولة، وأدى إلى تفاقم العجز المالي.
ويواصل اقتصاد الكيان الصهيوني نزيفه حتى مع مرور الشهر العاشر من العدوان على قطاع غزة، مع توقعات بأداء أكثر قتامة جراء توسع الصراع إلى جبهات إيران ولبنان واليمن.
ويعاني اقتصاد الكيان من خسائر متواصلة جراء حربها المتواصلة على قطاع غزة، والتي أدت إلى زيادة الإنفاق العام وتراجع التصنيف الائتماني ومعاناة الشركات وتضرر القطاعات الاقتصادية المختلفة، وهذه أبرز الخسائر على صعيد الاقتصاد الكلي والجزئي:
وارتفع عجز الموازنة الإسرائيلية إلى مستوى قياسي جديد، بلغت نسبته 8.1% من إجمالي الناتج المحلي، بسبب زيادة الإنفاق الحكومي، وفقا لما أوردته صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.
وبلغ عجز الموازنة نحو (40.3 مليار دولار) خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، مع إضافة (2.2 مليار دولار) في شهر يوليو الماضي وحده.