(فلسطين 2) ومشهدية التحول الاستراتيجي اليمني
الصمود||مقالات||عبدالقوي السباعي||
يشهدُ العالَــمُ تحوُّلًا لافتاً من نظام أُحادي القطب تهيمن عليه أمريكا إلى نظام متعدد الأقطاب مع صعود قوى جديدة مثل الصين وروسيا، وهذا التحول ما زال يعيد تشكيل العلاقات والتحالفات الدولية ويؤثر على الاستراتيجيات العسكرية فيها.
ومع التقدم البشري في مجالات مثل: “الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية، والأسلحة الفرط صوتية، واستكشاف الفضاء”؛ أَدَّت إلى تغيير في طبيعة الحروب وطمس الخطوط الفاصلة بين التطبيقات العسكرية والمدنية، وهذه التطورات فرضت تحدياتٍ جديدةً في إطار التنافس والسباق المحموم، لكنها حتى الآن لم تظهر بشكلٍ فعلي وملموس.
غير أن ثمة تغيُّرًا في التحالفات التقليدية طرأ مع دخول لاعبين جدد إلى الساحة الدولية، أكثر جرأة وتصميمًا، حتى من أصحاب نظرية تعدد الأقطاب أنفسهم، والمتمثل باليمن؛ إذ يُعد إعلانه امتلاك صاروخ فرط صوتي جديد، مثل صاروخ “فلسطين2″، تطوراً كَبيراً في القدرات العسكرية له.
وبغض النظر على أن صاروخ “فلسطين 2” يمتلك مواصفات تقنية متقدمة للغاية، ويتمتع بمدى طويل يصل إلى 2150 كيلومترًا، ويعمل بالوقود الصلب على مرحلتين؛ ما يعزز من كفاءته وقدرته على الوصول إلى أهداف بعيدة.
ولديه تقنية التخفي والسرعة الفائقة التي تصل إلى 16 ماخ تجعله صعب الاكتشاف والتصدي، خَاصَّة القدرة العالية على المناورة، التي تم تجربتها بنجاح، صباح الأحد، على هدف عسكري صهيوني في الأراضي المحتلّة، وهذه المواصفات جعلت من الصاروخ تحدياً كَبيراً لأحدث منظومات الدفاع الجوي الأمريكية والغربية، بما في ذلك القبة الحديدية.
ما يهمنا أن الكشفَ عن صاروخ “فلسطين 2” الفرط صوتي من قبل قواتنا المسلحة حمل عدة رسائل ومعادلات استراتيجية، وعزّز من قدرة اليمن العسكرية، فصنعاء تهدف إلى تحقيق توازن قوى في المنطقة، خَاصَّةً مع الدول المعادية التي تمتلك تقنيات عسكرية متقدمة، وهذا يعزز من موقفها في أية صراعات مستقبلية أَو مفاوضات قادمة.
ولعل الكشف عن الصاروخ في هذا التوقيت يظهر التقدم التقني والعلمي الذي حقّقته اليمن في مجال تصنيع الأسلحة؛ ما يعزز من مكانتها العسكرية، ويمكن أن يستخدم كوسيلةٍ للرد على أية تهديدات محتملة، وهذا يزيد من قدرة اليمن على الدفاع عن نفسها وحماية مصالحها.
البعد الاستراتيجي الأهم هو تعزيز معادلة الردع اليمني، ويقلل من احتمالية تعرضه لهجمات أَو تهديدات من قبل دول أُخرى، وتحقيق التوازن الإقليمي كبعدٍ استراتيجي مهم، من خلال امتلاك مثل هذه التقنيات العسكرية المتقدمة، التي تأكّـد للأعداء أنها ذاتية ومحلية الصنع.
والكشف عن هذا الإنجاز يرسل رسالة دعم لفلسطين شعباً ومقاومةً، كما يزيد من الضغط على الكيان وداعميه وحماته؛ ما يؤدي إلى تغييرات في الديناميكيات الإقليمية والدولية، التي قد تؤثر على كيفية تعامل كُـلّ الأطراف المختلفة مع الوضع في غزة.
وعليه؛ فَــإنَّ امتلاك هذا النوع من الصواريخ يعزز من قوة الردع العسكري لليمن ويزيد من تأثيرها الاستراتيجي في المنطقة والعالم، بل ويعزز من تحالفات تعدد الأقطاب وانتهاء مرحلة القطب الواحد.