صاروخ “فلسطين 2” الفرط صوتي .. تحول استراتيجي يغير قواعد الاشتباك
صاروخ “فلسطين 2” الفرط صوتي .. تحول استراتيجي يغير قواعد الاشتباك
الصمود||تقرير||
في صبيحة السادس عشر من سبتمبر 2024م شهد العالم مفاجأة مدوية، بعد إعلان القوات المسلحة اليمنية إطلاق صاروخ فرط صوتي جديد أطلق عليه “فلسطين 2″، مستهدفًا موقعا استراتيجيا للعدو الإسرائيلي في يافا المحتلة “تل أبيب”.
هذا التطور العسكري اليمني غير المتوقع صدم الدوائر السياسية والعسكرية للعدو، إذ أثبتت اليمن قدرتها على تجاوز أنظمة الدفاع الأكثر تقدمًا، مثل (مقلاع داوود، حيتس، القبة الحديدية) وغيرها من المنظومات الحديثة والمتطورة. كما شكّل الإعلان عن العملية صدمة عالمية، خاصة بعد أن تم تنفيذها بسرعة ودقة عاليتين، ليكشف بذلك عن تحول جذري في ميزان القوى الإقليمي، ويثير تساؤلات حول مستقبل المواجهة العسكرية مع كيان العدو الإسرائيلي والتحالف الدولي الأمريكي البريطاني المساند له.
قدرات استثنائية
الصاروخ اليمني “فلسطين 2” صاروخ فرط صوتي تم تطويره من قبل القوات المسلحة اليمنية ويتميز بقدرات عالية تجعله أبرز الأسلحة في المنطقة. يصل مدى هذا الصاروخ إلى 2150 كم، وتبلغ سرعته نحو 16 ماخ، أي ما يعادل 16 ضعف سرعة الصوت، يعمل بالوقود الصلب على مرحلتين، ما يمنحه القدرة على المناورة وتجنب أنظمة الدفاع الجوي الأكثر تقدمًا.
أظهرت التحليلات العسكرية الدولية المتابعة للحدث، أن الصاروخ اليمني “فلسطين 2” اتبع مسارًا طويلًا ماراً عبر الأجواء الدولية قبل أن يصل إلى هدفه بدقة عالية. ما يؤكد أن هذا الصاروخ يمثل إضافة مهمة لترسانة الصواريخ اليمنية، ويجسد تطور القدرات العسكرية للقوات المسلحة في تنفيذ ضربات بعيدة المدى على أهداف حساسة للعدو في المنطقة، متجاوزًا كل منظومات الدفاع المتقدمة.
زلزال يهز الكيان
في يوم الأحد 16 من سبتمبر 2024، وفي زخم احتفالات الشعب اليمني بمولد الرسول الأعظم “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، أعلن المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، عن خطوة نوعية في ميزان معركة المواجهة مع كيان العدو الإسرائيلي والاسناد والدعم للشعب الفلسطيني، حيث تم إطلاق الصاروخ الباليستي الفرط صوتي “فلسطين 2” باتجاه هدف استراتيجي للعدو في يافا المحتلة (تل أبيب).
العميد سريع، وصف هذه العملية بأنها جزء من المرحلة الخامسة من التصعيد العسكري، مؤكدًا أن الصاروخ أصاب هدفا حساسا للعدو بدقة متناهية، ومتجاوزًا كل أنظمة الدفاع المتطورة مثل “القبة الحديدية” وغيرها. كما أكد العميد سريع، أن الصاروخ قطع مسافة تزيد عن 2040 كم في 11 دقيقة ونصف الدقيقة، ما يُعد دليلًا على التقدم الكبير في القدرات الصاروخية اليمنية رغم الضغوط الدولية والعمليات العسكرية التي نفذها التحالف الأمريكي البريطاني الإسرائيلي ضد الشعب اليمني، محاولا الحد أو اضعاف قدرات اليمن عسكرياً لكن دون جدوى.
وجدد العميد سريع التأكيد، على أن هذه العملية تأتي كرد فعل مباشر على الاعتداءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، مشددًا على التزام اليمن بدعم القضية الفلسطينية حتى إيقاف العدوان وفك الحصار عن الشعب الفلسطيني في غزة.
تحدٍ كبير للمنظومات الاعتراضية
مثّل صاروخ “فلسطين 2” الفرط صوتي تطورًا استراتيجيًا في القدرات الصاروخية اليمنية، فهذا الصاروخ يتميز بالقدرة على التحليق عبر مسارات غير تقليدية والتخفي من أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة نظرًا لسرعته العالية التي تصل إلى 16 ماخ وقدرته على المناورة، مما يجعله صعب الاعتراض، كما مثل هذا الصاروخ تحولًا نوعيًا في ميزان القوى الإقليمي، حيث بات اليمن قادرًا على ضرب أهدافا استراتيجية معادية بعيدة المدى بدقة عالية في أي مكان تريده على مستوى المنطقة.
كما عكس نجاح القوات المسلحة اليمنية في تطوير هذا السلاح فشل المحاولات الدولية لإضعاف قدرات اليمن عسكرياً عبر مختلف التحالفات التي قادتها أمريكا والعمليات العسكرية التي نفذتها داخل اليمن، ما قد يغير الحسابات العسكرية والسياسية في المنطقة والعالم ككل.
الخبير العسكري المصري اللواء هشام الحلبي أكد أن إطلاق صاروخ “فلسطين 2” يمثل تحدياً كبيراً لـ “إسرائيل”، موضحًا أن التصدي لهذا النوع من الصواريخ يتطلب أنظمة دفاعية متقدمة جدًا، وهي غير متوفرة لدى “إسرائيل” حاليًا.
كما أشار الخبير العسكري المصري، إلى أن سرعة الصاروخ التي تجاوزت 8 مرات سرعة الصوت مكنت من وصوله إلى هدفه في “تل أبيب” يافا المحتلة في وقت قياسي.. مؤكداً أن الصاروخ من الصواريخ الفرط صوتية، التي تستخدم لأول مرة في “الشرق الأوسط”، ما يشير إلى تطور ملحوظ في القدرات العسكرية اليمنية.
واختتم الحلبي تحليله بالإشارة إلى “أن “إسرائيل” تجد نفسها في “ورطة” نتيجة عدم امتلاكها دفاعات فعالة ضد هذه الصواريخ، ومن غير المرجح أن تتمكن من تطوير أنظمة مناسبة للتصدي لها في المستقبل القريب”.
اكتمال دائرة النار حول “تل أبيب”
كما نجحت طائرة يافا في الوصول إلى عمق الكيان وأدخلته في حالة من التخبط حول المسار الذي قطعته الطائرة، اليوم يأتي نفس الحديث عن المسار الذي قطعه الصاروخ اليمني رغم أن الحديث عن الصواريخ الباليستية لا يحتاج للحديث عن المسارات لأن مسار الصواريخ الباليستية معروفة وإذا كان من حديث للعدو الصهيوني فعليه التركيز في أن نجاح القوات اليمنية في إطلاق صاروخ واحد على هدف يبعد 2040 كم في غضون 11 دقيقة ونصف الدقيقة وبسرعة 16 ماخ وأصاب الهدف بدقة، وبالتالي فإن على العدو استشعار الخطر المحدق به من اليمن فمن استطاع إطلاق هذا الصاروخ يستطيع أن يرسل عشرات الصواريخ ومن استطاع أن يرسل طائرة مسيرة يستطيع أن يرسل عشرات الطائرات ومن عجز عن اعتراض صاروخ سيعجز عن اعتراض عشرات الصواريخ وبالتالي كل الأهداف الحساسة في الكيان الصهيوني باتت تحت مرمى النيران اليمنية التي لا تتقيد بضوابط ولا سقوف سياسية أو قوانين دولية خاصة عندما يتعلق الأمر بالعدو الصهيوني.
العدو الصهيوني اعترف بوصول الصاروخ اليمني إلى “تل أبيب” و فتح تحقيقا عن تمكن الصاروخ من التخفي عن الدفاعات الجوية، والوصول إلى هدفه، فيما تحدثت وسائل إعلام العدو عن جزء بسيط من حيثيات المعركة مع الصاروخ اليمني، موضحة أن منظومات(حيتس، ومقلاع داوود والقبة الحديدة) أطلقت ما يزيد عن 20 صاروخا دون أن تتمكن من إسقاطه. إلا أن المضحك في الأمر ما نشرته إذاعة جيش العدو الإسرائيلي فيما قالت إن نتائج التحقيق الأولى بأن دفاعاتهم الصاروخية تمكنت من إصابة الصاروخ لكنها لم تتمكن من إسقاطه كاملا وإنما جزء منه، وهو ما يثير الشفقة فالحديث هو في إطار التحليل العسكري وليس برنامجا لتعليم الطبخ.
خلاصة الحديث، فإن اليمن تمكنت من انتاج صواريخ فرط صوتية قادرة على اختراق الدفاعات الجوية وقبل ذلك انتاج طائرة مسيرة وكلاهما قادران على إصابة أهدافهما في “تل أبيب” وهذا يعني اكتمال القوة النارية من صواريخ باليستية وصواريخ مجنحة فرط صوتية وطائرات مسيرة مشكلة بذلك الزخم الناري اللازم للبدء بالمعركة الأساسية التي تحضر لها القوات المسلحة اليمنية خاصة وأن صنعاء تنظر إلى المعركة مع العدو الصهيوني كمعركة استراتيجية بالنسبة لها لذلك كل ما يتم اليوم هو تحضير لهذه المعركة على مستوى القوة والزخم الناري الذي سيستخدم في مواجهة أساليب القوة التي يمتلكها العدو.
معركة استراتيجية
القراءة لواقع المعركة من حيث التحديات والعوائق والمنظومات التي تقف في مواجهة الصاروخ اليمني محاولة اعتراضه بدءً من المنظومات الرادارية أو التنبؤ والانذار المبكر الذي كان للأسف بالتوافق مع دول عربية كالسعودية والإمارات ومصر والأردن وكانت أبرز العوائق ولكن من خلال التجربة الحية والعمليات الحية استفادت القوات المسلحة اليمنية والتصنيع الحربي في تجاوز تلك العوائق للوصول للحلول المناسبة وكان هذا الصاروخ أحد تلك الردود التي قرأت بشكل صحيح وتم تطويره وإطلاقه ما يعني تجاوز كل الم التقنيات.
وبعد أن تمكن اليمن من تجاوز العوائق وكسر جدار الحماية الخارجي اليوم باتت مروحة الأهداف كلها مكشوفة أمام القوات المسلحة اليمنية سواء في يافا أو في حيفا أو في أبعد نقطة في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة.
يعرف الجميع أن صنعاء كلما أرادت أن تنفذ عمليات هي تغطيها بزخم ناري واسع لذلك كل هذه العمليات التي تتم اليوم هي جزء من التحضير للمعركة الأساسية في اختبار أسلحتها التي وصلت إليها وطورتها لكنها بحاجة الى الاختبار من واقع الميدان وواقع التجربة لذلك وصلت القوات المسلحة اليمنية إلى هذه النتائج واستطاعت أن تتجاوز المنظومات الدفاعية والاعتراضية المتعددة.
هذه المعطيات عندما تتراكم كان حديث وزير الدفاع اليمني بأننا نمتلك من القدرات والامكانيات ما يمكن أن نغطي به كافة مروحة الأهداف داخل العمق الصهيوني وأن الجيش اليمني أعد العدة لمواجهة كويلة الأمد مع الكيان الصهيوني، ومثل هذا الحديث الصادر عن أعلى سلطة عسكرية في اليمن هي صادرة من رجل قول وفعل وهم لديهم القدرة والامكانيات من واقع التجربة وليس من واقع الخطاب والتنظير لذلك يتم الاعداد بكل ما أوتي اليمنيون من قوة على مستوى التصنيع والتخطيط والإنتاج وكذلك على مستوى التنفيذ في معركة هي بالنسبة للشعب اليمني معركة مصيرية وهي بالنسبة للكيان الصهيوني معركة وجودية .
تطوير القدرات
يطور اليمن تكتيكاته العسكرية وقدراته ويوسع بنك الأهداف ويقوم من التجربة الحية والعملية في تطوير تلك القدرات كما حصل تماما في البحر الأحمر فعندما بدأ اليمن المعركة مع الأمريكي والبريطاني كانت هناك صعوبات كثيرة كانت تواجهها القوات المسلحة اليمنية فيما يتعلق بالوصول إلى السفن الامريكية سواء الحربية أو التجارية ولكن استطاعت القوات المسلحة اليمنية أن تتجاوز تلك العوائق والوصول إلى نقطة أجبرت فيها حاملات الطائرات والقطع العسكرية الأمريكية على الهروب من ميدان المعركة تجر أذيال الخيبة والهزيمة بعد استخدام تكتيكات نوعية وأسلحة متطورة من طائرات مسيرة وصواريخ باليستية استخدمت لأول مرة في تاريخ المعارك البحرية كماأكد ذلك السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي.
ومن هذا المنطلق نحن أمام معطى ورسائل أكثر عمقا إلى الكيان الصهيوني عليه أن ينتظر إليها بأن رد اليمنيين آت لأن هذه العملية التي حرص السيد القائد بأن يقول بانها جزء من المرحلة الخامسة وليست جزءا من الرد على العدوان الإسرائيلي على ميناء الحديدة لأن الرد اليمني لم يأتي بعد ، ولكن كل التجهيزات قائمة على قدم وساق وبانتظار اللحظة المناسبة حتى يكون التأثير كبيرا جدا . وكما مضى ومن خلال الشواهد السابقة بأن القوات المسلحة اليمنية لديها كرم كبير في التعامل مع الكيان الصهيوني و لن ترسل صارخا أو صاروخين أو طائرة أو طائرتين بل لديها الكم الكبير الذي يمكن أن تغطي به بنك الأهداف الواسعة داخل عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة بحسب ما تقيمه من حيث مستوى الهدف وأهميته وحساسيته بالنسبة للكيان الصهيوني.
رعب وقلق وتوتر
لا تزال ارتدادات الصاروخ اليمني تسمع في الإعلام العبري ويكفي الإشارة في ذلك إلى الصراخ الواضح في الكيان الصهيوني وسؤال الصهاينة بصوت عال عن: “ماذا يحدث لنا وما الذي يحدث بالضبط” ما يعني أن هناك ارتباك كبير وانعدام ثقة في القدرات العسكرية الصهيونية وبالتالي فإن محاولات التكتيم على ما جرى هي محاولات لتجميل المشهد المعتم في الكيان الصهيوني خاصة وأن الكيان الصهيوني استهدف في مقتل إثر إحراج أسلحة يعتبرها الكيان الإسرائيلي أهم دعامات بقائه وفي المقدمة الدفاعات الجوية، خاصة وأن الصاروخ اليمني ضرب كل مستوياتها(حيتس، مقلاع داوود، القبة الحديدة) وجاء الفشل في قلب الكيان “تل أبيب” التي يعتبرها العدو الصهيوني من المحرمات التي لن يسمح باستهدافها.
ما يزيد المشهد تعقيدا أن الاستهداف اليمني جاء في ذروة الاستنفار الصهيوني عقب توعد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بتوجيه ضربات موجعة جدا في الكيان الإسرائيلي. ومن هنا فإن السؤال الأهم الذي يتم تداوله في أوساط الصهاينة هو أين الدفاعات الجوية وكيف وصل الصاروخ اليمني إلى “تل أبيب” وهذا يعيدنا إلى عملية التشكيك في مسيرة يافا التي أطلقها الجيش اليمني في 19 يوليو الماضي وضربت “تل أبيب” فهل سيواصل العدو الإسرائيلي الخطأ في التقدير للموقف أم أنه سيتكتم عن فشله، كما يعمل في الشمال مع حزب الله وكذلك في جبهات القتال في غزة. وبالتالي فإن على المنظومة الحاكمة في الكيان الصهيوني الإجابة عن التساؤلات خاصة وأن النتائج في مثل هذه الحالة لا تقاس بحجم الإصابات والخسائر، فالأهم من ذلك هو فشل الاعتراض للصاروخ في ظل حالة الانتظار والتأهب.
حقيقة الموقف أن هذا الفشل الذريع للعدو الإسرائيلي يضاف إلى الفشل العسكري والاستخباراتي للعدو الإسرائيلي في الـ7 من أكتوبر من العام الماضي. وبالتالي يمكن القول أن فشل منظومة (حيتس ومقاع داوود والقبة الحديدية) وأنظمة الدفاع الجوية التي يتباها بها العدو الصهيوني يؤثر أيضا على الصناعات العسكرية من ناحية التسويق والتصدير بمعنى أن الدول التي تفكر في شراء هذه المنظومات ستعيد التفكير مرة أخرى، ما يشكل عبئا إضافية يضيق الخناق على الصهاينة ويوسع الفجوة بين ” حكومة” الكيان والمستوطنين.
كما أن من المهم التذكير بأن التوقيت في الاستهداف اليمني جاء مع قرار نتنياهو بتوسيع الحرب مع لبنان ما يعني أنها رسالة من اليمن بأن أي محاولة لتوسيع العدوان على لبنان سيكون هناك توسيع من قبل جبهات الاسناد وهذا يؤكد على وحدة الساحات وليس باستطاعة العدو الاستئثار بجبهة دون أخرى.
ما يعزز الفشل الصهيوني في تبرير عجز منظوماته الاعتراضية هو الكم الهائل من عمليات التوثيق لعملية وصول الصاروخ اليمني والمحاولات المستميتة من الدفاعات الجوية لاعتراضه، وكذلك إدخال أكثر من مليني مستوطن إلى الملاجئ كلها عجز العدو الصهيوني عن إعطاء تفسير يوضح كل هذا الإخفاق وبالتالي فإن العدو الصهيوني في موقف حرج للغاية.
وعلى ذات الصعيد وفي ظل الفشل والتخبط الصهيوني فإن العملية اليمنية كان لها تبعات إيجابية على محور الجهاد والمقاومة، وعند قراءة البيانات الصادرة عن المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية، نجد مدى التقارب الكبير والاجماع على وحدة الهدف والمصير وهو ما يعمق العجز الصهيوني.