التحولات في السياسة الخارجية اليمنية بعد ثورة “21 سبتمبر”
الصمود||مقالات||محمد الصالحي||
منذ قيام ثورة 21 سبتمبر اليمنية، شهدت السياسة الخارجية لليمن تحولات جذرية في التوجهات والأولويات. فقد تميزت تلك التحولات بأنها لم تكن مجرد تغيرات في الخطاب السياسي، بل تغييرات هيكلية أثرت على علاقات اليمن مع العالم الخارجي وعلى كيفية تعامله مع التحديات الداخلية والخارجية، جاء في مقدمة هذه التحولات وضح حد لتدخلات الخارج في الشؤون الداخلية اليمنية، من خلال السفارات خصوصاً السفارات الأمريكية والبريطانية والسعودية. فقد كان لهذه السفارات نفوذ واسع في تحديد مسار السياسات الداخلية والخارجية لليمن، ولكن بعد الثورة، تم تقليص هذا الدور بشكل كبير، كانت هذه الخطوة جزءاً من جهود الحكومة اليمنية لتعزيز استقلالية القرار السياسي والتخلص من التأثيرات الخارجية التي كانت تحول دون تحقيق السيادة الوطنية الكاملة.
علاوة على ذلك، كانت المنظمات الدولية تلعب دوراً كبيراً في المجتمع اليمني تحت غطاء تقديم المساعدات والمعونات الاقتصادية، ولكن غالباً ما كانت تستخدم كأدوات لاختراق المجتمع اليمني ومؤسساته، مما يؤدي إلى صنع سياسات تخدم مصالح الدول الغربية وحلفائها في المنطقة. نتيجة لذلك، عملت حكومة صنعاء بقيادة أنصار الله على تقليص دور هذه المنظمات بشكل كبير، وفرضت رقابة مشددة على أنشطتها لضمان أن تظل هذه الأنشطة في إطار تقديم المساعدات الحقيقية وليس التدخل في الشؤون الداخلية، إلى جانب ذلك، يعد الحد من التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي اليمني واحدة من أهم الإنجازات التي حققتها حكومة صنعاء بعد الثورة، إذ كانت تلك التدخلات تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الداخلي وتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية. ومن هنا، تمكنت الحكومة من فرض سيطرتها على العديد من المناطق وتوحيد الجبهة الداخلية، مما ساهم في تقليل فرص التدخل الخارجي بشكل كبير.
أيضاً، من أهم التحولات التي شهدتها اليمن بعد ثورة 21 سبتمبر كان إعادة بناء القوات العسكرية. فقد عملت الحكومة اليمنية على تأسيس قوات عسكرية قوية قادرة على حماية الأراضي اليمنية وصون استقلالها وسيادتها. وهذه الخطوة لم تكن سهلة، خاصة في ظل الحصار الاقتصادي والتحديات الداخلية، ولكنها كانت ضرورية لضمان استقرار البلاد وحمايتها من التهديدات الخارجية، على الرغم من الحصار الاقتصادي الذي فرض على اليمن، والذي أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، استطاعت حكومة صنعاء بقيادة أنصار الله الحفاظ على الاقتصاد من الانهيار. فقد كانت هناك جهود حثيثة لتعزيز الاقتصاد المحلي وتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي، تضمنت هذه الجهود تحسين الزراعة والصناعة، وتعزيز التجارة الداخلية، والتعاون مع دول صديقة لتجاوز آثار الحصار.
استراتيجية حكومة صنعاء في التعامل مع كافة الدول والمنظمات الدولية والإقليمية في العالم على أساس الندية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام حقوق الإنسان واحترام مواثيق الأمم المتحدة والمعاهدات والاتفاقات الدولية التي هي طرف فيها بما لا يضر بسيادة الجمهورية اليمنية واستقلالها وسلامة أراضيها وحقوق الشعب اليمني، كانت محوراً رئيسياً في السياسة الخارجية بعد الثورة، هذه الاستراتيجية تهدف إلى بناء علاقات متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة دون السماح بأي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية لليمن.
في الختام، شكلت الثورة اليمنية في 21 سبتمبر نقطة تحول في تاريخ اليمن الحديث، حيث تمكنت من تغيير مسار السياسة الخارجية لليمن وتقليص التأثيرات الخارجية على الشؤون الداخلية، وعلى الرغم من التحديات الكبيرة، وخاصة الحصار الاقتصادي، استطاعت حكومة صنعاء بقيادة أنصار الله أن تحافظ على استقرار البلاد وأن تبني أسساً قوية لاستقلال وسيادة اليمن. تبقى هذه التجربة نموذجاً للعديد من الدول التي تسعى لتحقيق استقلالها وسيادتها في وجه التدخلات الخارجية.