صمود وانتصار

ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر .. شُعلة أحرقت مشاريع الخارج

الصمود||تقرير||نوح جلاس||

يوقدُ الشعبُ اليمنيُّ الشُّعلةَ العاشرةَ لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر الفتية، وهي الشعلة التي أحرقت أوهام المستعمرين الجدد والأوصياء المجرمين الذين هيمنوا على البلاد طولاً وعرضاً.

 في حين أن الشعلة هذه المرة تزداد اشتعالاً بما تقدمه الثورة السبتمبرية الفتية من ملاحمَ بطولية إسناداً للشعب الفلسطيني في مواجهة رؤوس الإجرام والطغيان.

ومع تجدد ذكرى الثورة التحرّرية، تتقارع الأجراس لتذكر الجميع بنهاية زمن الوَصاية والهيمنة والضَّعف والاستسلام والتسليم لسفارات الخارج، وبدء زمن التحرّر والاستقلال والقوة والمواجهة ضد قوى الغطرسة والاستكبار والاستعمار، وما بين الـ21 من سبتمبر العام 2014 حتى اليوم ذاته من العام الجاري 2024 عقدٌ يشهدُ على الثورة التي أعادت رسم خارطة اليمن الجديد وقدراته التي تجاوزت الحدود والجغرافيا وأعادت كُـلّ المعادلات في المنطقة والعالم إلى حَيثُ يشتهي اليمن القاهر للمستكبرين.

وقبل الخوض في بعض جوانب حصاد الثورة الذي لا ينتهي ولا ينفد عطاؤه، نعرّج على أبسط الجوانب التي توضح للجميع ما تتميز به هذه الثورة عن غيرها؛ فثورة الـ21 من سبتمبر، هي ثورة شعبيّة وطنية يمنية خالصة، لم تشوبها أية شائبة قادمة من الخارج؛ فهي الثورة التي فجَّرها الشعبُ وقادها الشعب، وحماها الشعب ومولها الشعب، وأغاثها الشعب من أوساط بيوت الأحرار الثوار بقوافل العطاء، وليس من قصاصات بنوك الخارج وسفاراته، لتكون الثورة السبتمبرية الفتية نموذج للثورات الشعبيّة اليمنية الخالصة التي لم تلطخها أيادي الخارج أَو تتمكّن من حرف مسارها، حَيثُ وقد عززت استقلالية الثورة تمسك الشعب والثوار الأحرار بالمطالب المشروعة والمحقة، لتحقيق مصالح البلد على حساب المصالح غير المشروعة للخارج، وليس العكس الحاصل في غيرها من الثورات التي تم حرف مسارها لصالح الخارج وليس لصالح الشعب.

ولأنها ثورة شعبيّة وطنية يمنية نقية، فقد لفظت ونبذت كُـلّ ما يخص الخارج الطامع، وفضلاً عن كُـلّ ذلك أعادت تأديب كُـلّ المتطاولين المتمسكين بمشاريعهم الاستعمارية القديمة ونكلت بهم في البر وأغرقتهم في البحر وأسقطت فخر صناعاتهم في الجو، وما الحصيلة العسكرية خلال عشر سنوات من العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي وبعده العدوان الأمريكي البريطاني، والعمليات البطولية التاريخية في “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”، إلا خير شاهد على قوة الثورة وعِظَم مبادئها التي لا تقبل بالخارج أبداً، ولا تقبل بالجور والسكوت على الظلم والخنوع أمام المتغطرسين.

مقارعةُ الخارج منذ البداية وحتى الشُّعلة العاشرة:

خاضت الثورة السبتمبرية، وتخوض صراعاً محموماً ضد القوى الخارجية الاستعمارية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية؛ وذلكَ بسَببِ تمسك تلك القوى بأوهامها وأطماعها غير المشروعة والتي نسفتها ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.

البداية كانت من المواجهة المباشرة مع عملاء الخارج الذين استهدفوا الثورة منذ بواكير قيامها عبر التفجيرات وكذلك الاستهداف المباشر لساحات التجمهر، ثم حرّكت القوى الخارجية أدواتها التكفيرية في البيضاء وذمار ومناطقَ أُخرى لخلط الأوراق وإرباك المشهد أمام الثورة، غير أن الأخيرة كانت بالمرصاد وقضت على كُـلّ تلك التحَرّكات.

ومع تصاعد لهث الخارج المسعور، فقد حرَّكت القوى الظلامية أدواتها في الداخل لتفجير حرب داخلية عبر تهريب الفارّ هادي إلى عدن لبدء معركة أهلية، غير أن قوة الثورة سرعان ما بددت تلك الأوهام وأخمدت تلك النيران وضبطت العديد من محركيها وقياداتها بسرعة فائقة، وهو ما أثار جنون الخارج بقيادة أمريكا التي انتقلت من تحريك أدواتها المحلية إلى تحريك أدواتها الإقليمية والدولية في المنطقة، وأطلقت من واشنطن صافرةً نكراءَ لشنِّ عدوانٍ كبير على اليمن في الـ26 من مارس 2015 عبر تحالف مكون من 17 دولة، ليستمرَّ ديدنُ الثورة الصُّلبُ في مقارعة تلك القوى وتمريغ أنوفها التراب على مدار 9 أعوام ونيف.

وبعد صمود أُسطوري للثورة طيلة سنوات العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، وفوقه انتصارات ملحمية أجبرت التحالف العدواني على النزول من فوق الشجرة والاستجابة للمطالب اليمنية المحقة، واصلت الثورة عنفوانها ضد الظلم والطغيان، واتجهت إلى مقارعة رأس الشر المتمثل في العدوّ الصهيوني الوحشي المجرم؛ نصرةً للشعب الفلسطيني المظلوم في ظل صمت عالمي وتخاذل وتواطؤ عربي وإسلامي حيال ما يتعرض له من مجازر إبادة جماعية.

وإزاء هذا التحَرّك الكبير والفاعل في مقارعة العدوّ الصهيوني، انتقلت أمريكا من تحريك أدواتها الإقليمية إلى تحريك جيوشها وقواتها بصورة مباشرة، وأعلنت بدء عدوان جديد على اليمن في الـ12 من يناير 2024 بمشاركة بريطانيا ودول أُخرى “أستراليا والبحرين وكندا وهولندا”، ودعم غربي كبير وواسع، بالإضافة إلى أدوار إقليمية خفية، غير أن كُـلّ التحَرّكات كُتب لها الفشل كما سابقاتها، حَيثُ شردت أُسطورة الهيمنة البحرية الأمريكية “آيزنهاور” بعد استهدافها أربع مرات، ثم الإعلان الأُورُوبي الرسمي لهروب العديد من الفرقاطات والبارجات حذَرَ الغرق بصواريخ اليمن، لتختتم حاملة الطائرات “روزفلت” مسلسل الهزائم بهروب مخزٍ عبر ما بعد المحيط الهندي، وما بين كُـلّ ذلك اصطياد اليمن لأكثر 185 سفينة مرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي، وإسقاط عشر طائرات أمريكية متطورة.

ومع كُـلّ هذا ينطوي العقد الأول للثورة وهي في مواجهة مباشرة ضد رؤوس الشر في العالم “أمريكا، بريطانيا، كيان العدوّ الصهيوني”، وليس ذلك فحسب، بل إن هذا العقد التاريخي يشهدُ على سقوط أمريكا وحلفائها وأدواتها سقوطاً مدوياً غير مسبوق في التاريخ.