السيد حسن نصر الله .. مرعب الصهاينة حياً وشهيداً
الصمود||تقرير||يحيى الربيعي||
لحظة ارتقاء سيد المقاومة، العبد الصالح حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، شهيدًا على طريق القدس وفلسطين، ملتحقًا برفاقه الشهداء الذين خاضوا مسيرة نحو ثلاثين عامًا من النضال. قادهم نصر الله من نصر إلى نصر، منذ توليه قيادة المقاومة الإسلامية عام 1992 حتى تحرير لبنان في عام 2000، مرورًا بانتصار 2006 ونتائج معارك الشرف والفداء، وصولًا إلى معركة المساندة والدعم لفلسطين وغزة والشعب الفلسطيني المظلوم. كان استشهاده نتيجة غارة صهيونية غادرة استهدفت الضاحية الجنوبية من بيروت اعادت إلى الأذهان، ذكرى العديد من القامات المجاهدة التي تنتمي إلى مسيرة الجهاد والمقاومة، وأحد أبرزها كان السيد حسن نصر الله، الذي تمثل حياته وجهاده نموذجًا متفردًا من العطاء والإخلاص في سبيل الله. كما عبر قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي عن عمق الخسارة الذي شعرت به الأمة الإسلامية برحيل السيد نصر الله، حاملاً بشارات الشهادة والختام المبارك في طريق الحق.
لقد كان السيد حسن نصر الله نجماً مضيئاً في سماء المجاهدين، وأصبح رمزًا للعز والشموخ، يجسد قيم الإسلام وأخلاقه السامية. استطاع من خلال قيادته الحكيمة أن يحقق انتصارات كبيرة عبر مسيرته الحافلة، مما جعله رمز المقاومة الأول.
وكما أكد قائد الثورة، فإن مسيرة الجهاد هي مسيرة شهادة، والتضحيات لهذه الغايات السامية هي جزء من العطاء الرفيع لله العظيم. إن الفخر والاعتزاز بما قدمه حزب الله من تضحيات وكفاءات في معركة الحق يجعل من واجبنا الاحتفاء بمسيرته وتخليد ذكرى قادته، ومواصلة الجهاد بروح إيمانية تتسم بالصبر والثبات.
في هذا السياق، تبرز أهمية الاستمرار في مواجهة التحديات ومواجهة المخططات التي تهدف لكسر الروح المعنوية، مما يتطلب منا تصميمًا وعزيمة لا تلين في سبيل تحقيق النصر. علينا أن نؤكد الثقة بالله وبأن العدالة ستتحقق، وأن المظلومية لن تبقى دون حساب.
فلتكن اللحظة بمثابة استذكار لجهود هذا القائد العظيم، وتجديد للعهد بأن تداعيات استشهاده لابد أن تنطلق من القيم والمبادئ غرسها هذا القائد في صدور المجاهدين فأحيا فيهم أملاً في الانتصار للمظلومية الفلسطينية لن ينتهي إلا بتحقيقه مهما كانت التضحيات.
“القائد ما زال بيننا بفكره وروحه”. هذا ما وجه بيان الحزب في رسالته إلى المجاهدين وأبطال المقاومة، وهو ما شدد عليه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، معاهدا روح الشهيد على الوفاء والالتزام بمواصلة التضحيات حتى تحقيق الانتصار. فمن المؤكد أن هذا الاغتيال الغادر سيترك تداعيات هامة، وأن يُحدث تغييرات في خارطة الصراع مع العدو الإسرائيلي، وربما يسهم في إعادة ترتيب الصف الاسلامي المقاوم في مواجهة هذا العدو الذي يُعد من الأكثر دموية في التاريخ الإنساني.
الديناميات العسكرية في تلاحم المحور
تتعدد التداعيات المحتملة لاستشهاد شهيد الأمة السيد حسن نصر الله، حيث من المؤكد أن يشهد المواجهة مع العدو الإسرائيلي تصعيدًا كبيرًا. كما يقول السيد القائد بأن هناك ترتيبات عملية لتصعيد أوسع سيترك الحديث لوقت آخر مما يشير أن على الكيان الصهيوني الاستعداد لمحطة جديدة من الصراع يتجرع فيها مرارة الهزائم والإذلال وقد فتح على نفسه أبواب الجحيم بسفكه الدم الطاهر الذي يمثل بركانا سيجرف حصون الأعداء.
وكما أثبتت المعارك السابقة فإن محور الجهاد والمقاومة طالما حولوا التحديات إلى فرص فإن جريمة اغتيال شهيد الأمة ستوفر فرصة لإعادة توزيع القدرات العسكرية والأدوار ضمن محور المقاومة، مما يضاعف الثأر ضد الكيان الصهيوني. وعلى وجه الخصوص فإن العدو الصهيوني في ثأر كبير مع الشعب اللبناني بكل أطيافه، وبشكل خاص مجاهدو حزب الله وكتائبه العسكرية المجهزة بترسانة عسكرية لم يتمكن العدو الصهيوني الوصول إليها ولا تزال تحتفظ بالعديد من المفاجآت.
لا شك أن جريمة العدو الصهيوني سيعزز دور حزب الله في المعركة الدائرة مع العدو الصهيوني وسيزيد من حجم التنسيق مع بقية محور المقاومة وفي جبهة غزة على وجه الخصوص وهو ما يعني أن الأهداف الاستراتيجية التي وضعها المجرم نتنياهو الساعية للاستفراد بغزة قد بائت بالفشل، أما ما يتعلق بعودة المستوطنين الصهاينة إلى الشمال المحتل فقد باتت من المستحيل فرحيل واضع المعادلة يعني استحالة تغييرها وعشرات الآلاف من المجاهدين في حزب الله أخذوا العهد على أنفسهم بالسير نحو تنفيذ وعود القائد والانتصار للقضية الفلسطينية هما عظمت التحديات وبلغت التضحيات.
بالتأكيد، ستزيد هذه الحادثة من الدعم اللوجستي والعسكري الذي يقدمه حزب الله للفصائل الفلسطينية، مثل حماس والجهاد الإسلامي، وتعزيز التنسيق بين هذه الفصائل ومؤسسة الحزب في مواجهة العدو، مما يعتبر توحيدًا للجهود ضد عدو مشترك. هذا من شأنه أن يزيد من العمليات العسكرية ضد العدو الإسرائيلي، حيث يشعر أعضاء حزب الله بواجب الرد الفوري، مما يزيد من مستوى توتر أطراف محور المقاومة ضد الكيان الغاصب. ستساهم ما تشهده الساحة الداخلية للمحور من التعبئة الجماهيرية في تعزيز الدعم والتفويض لقيادات المحور لمواصلة تعزيز وتوسيع نطاق المواجهة مع هذا العدو الغاصب.
كما أكد بيان النعي الذي أصدره الحزب، “إن قيادة حزب الله تعاهد الشهيد الأغلى في مسيرتنا المليئة بالتضحيات والشهداء على مواصلة جهادها في مواجهة العدو ودعمًا لغزة وفلسطين، ودفاعًا عن لبنان وشعبه الصامد”. وأكد الحزب أيضًا، في رسالته إلى أعضائه، أن “المجاهدين الشرفاء وأبطال المقاومة الإسلامية هم أمانة الشهيد، وأن قائدنا ما زال بيننا بفكره وروحه”.
ويتجلى التلاحم القوي بين قوى محور المقاومة من خلال بيانات النعي الصادرة، حيث أكد المجلس السياسي لأنصار الله أن الجريمة لن تمر دون عقاب فهذا الفقد الكبير في هذا الظرف العصيب والتوقيت الدقيق يفرض على كل محور المقاومة المزيد من الصلابة والتلاحم والتنسيق.. أما المجلس السياسي الأعلى فأكد أن هذه الجريمة الكبيرة لن تمر دون عقاب وأنها برغم قساوتها لن تحول دون تماسك حزب الله واستمراره في المواجهة مضيفا أنه “مهما بلغت التضحيات فإن استشهاد سماحة السيد القائد حسن نصر الله لن يزيد الأمر إلا تأكيدًا على جذوة التضحية وحرارة الاندفاع وقوة العزيمة على الاستمرارية، والعاقبة المحتومة هي النصر وزوال العدو الإسرائيلي وكيانه المؤقت”.
مصير المنطقة يحدده المقاومة
من جانبه أكد قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي فأكد أن مصير هذه المنطقة سيحدد بواسطة قوى المقاومة، وعلى رأسها حزب الله، وأكد أن “ضربات جبهة المقاومة على الجسد المتهالك والمتآكل للكيان الصهيوني ستغدو بحول الله وقوّته أكثر دكًّا وتدميرًا.
حركة المقاومة الإسلامية حماس أكدت أنَّ هذه الدماء الطاهرة التي سالت على أرض لبنان في معركة إسناد شعبنا ومقاومتنا في ظلال طوفان الأقصى، وهي تمتزج مع دماء قوافل الشهداء في قطاع غزَّة العزَّة وفي ضفة الإباء والصمود والقدس، ستكون لعنة تطارد هذا العدو الصهيوني، وستعبّد بنورها وامتدادها طريق شعبنا ومقاومتنا، الذي لا يعرف الانكسار أو الاستسلام”.
أما حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين فأكدت أن قوى المقاومة في لبنان وفلسطين وعموم المنطقة ستجعل العدو يدفع ثمن جرائمه ويتجرع الهزيمة جراء ما اقترفت أياديه الآثمة، عاجلاً غير آجل.
نقطة تحول أم فصل جديد؟
تطرح الأحداث المتسارعة في المنطقة، وخاصة بعد طلب وزير الخارجية الإيراني “سيد عباس عراقجي” لعقد قمة إسلامية طارئة، تساؤلاً عميقًا حول الآثار المحتملة لجريمة اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله. هل يمكن أن يكون هذا الحدث نقطة تحول في مسار المقاومة الإسلامية، أم أنه مجرد فصل من فصول الأزمات المستمرة؟
يواجه الكيان الصهيوني، الذي يستخدم القوة المفرطة في الاعتداء على المناطق المدنية، ضغوطات دولية متزايدة، لكن الحساسية تجاه حقوق الإنسان تبدو غائبة أمام الدعم الأمريكي القوي له. هنا، يبرز التحذير الذي قدمه عراقجي بأن الهجوم الأخير، والذي أسفر عن خسائر في أرواح الأبرياء، يمثل نموذجًا صارخًا للجرائم ضد الإنسانية. تعكس تصريحات عراقجي ونداءات طه الحاجة الملحة لتحرك جماعي من الدول الإسلامية، وإلا فستبقى هذه المجازر بلا عقاب، مما يزيد من إحباط شعوب المنطقة.
لكن في خضم هذه الأزمات، يبدو أن هناك فرصة لتعزيز وحدة الصف الإسلامي والخروج من حالة الانقسام. فهل يمكن أن يتحول استشهاد نصر الله إلى حافز للقوى الإسلامية لتعزيز دفاعاتها؟ هل سيسهم ذلك في تقليص التوترات الطائفية، مما يؤدي إلى تحالفات جديدة لمواجهة الضغوط العديدة التي تواجهها الأنظمة العربية؟
بهذا، تبقى نتائج هذه التطورات مفتوحة على جميع الاحتمالات: فإما أن ينتهز القادة الإسلاميون الفرصة ليعيدوا صياغة الوحدة والاستقرار، أو أن تستمر الفوضى والتوترات في طغيانها، مما يؤدي إلى المزيد من الأزمات بين شعوب المنطقة.
إلى هنا تجسد شخصية نصر الله،
رمزا من رموز المقاومة ضد الاحتلال، وقد كانت قيادته قوة دافعة في مواجهة النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة. حتمًا، سيؤدي استشهاده إلى تغييرات نوعية في التوازنات الإقليمية، وتعزيز قوة حلفاء المقاومة ضد العدو الإسرائيلي، مما قد يفضي إلى توسيع نطاق المواجهة وزيادة الرغبة في الانتقام من الكيان الصهيوني في المنطقة.
مما سبق، يتضح أن الأحداث الأخيرة المتعلقة باستشهاد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، تمثل نقطة تحول حاسمة في الصراع القائم بين الكيان الصهيوني والمقاومة اللبنانية.
إن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار الأحداث، وقد تشهد تحولات جديدة في موازين القوى في المنطقة وربما يفتح المجال أمام حركات المقاومة لتعزيز موقفها، يما يؤدي إلى إعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية بشكل جذري.