الحكومة اليمنية الجديدة ما بين أرث الماضي وطموحات التغيير والبناء
تقرير ـ جميل الحاج
في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها اليمن، تجد الحكومة اليمنية الجديدة نفسها أمام مسؤولية جسيمة لتصحيح المسار وإعادة بناء ما دمرته سنوات الحرب والعدوان. التحديات التي تواجه هذه الحكومة ليست بالهينة؛ إذ تأتي بعد سنوات من الصراع الذي ترك ندوباً عميقة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وتسبب في تدمير البنية التحتية وخلق أزمات اقتصادية خانقة.
لحظة تاريخية نحو التغيير والبناء
شهد اليمن مؤخراً لحظة تاريخية في مسار التغيير الشامل، مع الإعلان عن تشكيل حكومة “التغيير والبناء” برئاسة أحمد غالب ناصر الرهوي، وذلك بقرار من رئيس المجلس السياسي الأعلى.. هذه الحكومة تأتي كخطوة أولى في مشروع الإصلاح الجذري للدولة، في ظل رؤية جديدة تتطلع لبناء يمن مستقل وقوي.
لقد كانت الساحة اليمنية على موعد مع تحول حقيقي في مؤسسات الدولة، عبر تشكيل حكومة جديدة تضم 19 وزيراً فقط، مقارنة بالهيكلية السابقة التي كانت تتألف من أكثر من 32 وزارة.
هذه الحكومة الجديدة تمثل تحالفاً وطنياً متيناً، بعيداً عن المحاصصة والمحسوبيات، وتهدف إلى إصلاح الجهاز الإداري للدولة، وترشيد الإيرادات المحدودة، بما يخدم مصالح الشعب اليمني.
دمج وزارات لتقليص التضخم
وجاء هذه الخطوة الحاسمة بتشكيل حكومة التغيير والبناء بعد عام كامل من تقييم شامل أجرته لجان متخصصة، لدراسة الاختلالات والتحديات التي تواجه الدولة. وقدمت تلك اللجان توصيات لتصحيح مواطن الضعف، مما أتاح تشكيل حكومة جديدة قائمة على الكفاءة والشراكة الوطنية.. وتضمنت تغييراً في هياكل الوزارات وستحدث التغيير في مؤسساتها
وعلى الرغم أن الكثير من التفاصيل حول هيكلة الوزارات المدمجة لم تُفصح بعد، إلا أن الاتجاه العام يشير إلى تقليص حجم المؤسسات وإلغاء الهيئات الزائدة، بما يعزز من الكفاءة ويعيد توجيه الموارد لخدمة الشعب وتحقيق التنمية. والأهم من ذلك، أن هذه الحكومة تبعث برسالة واضحة للشعب بأن الإصلاح الحقيقي قد بدأ، وأن اليمن يتجه نحو مستقبل أكثر ازدهاراً.
تطلعات المواطنين
إن التشكيلة الحكومية التي تضم كفاءات من مختلف مناطق اليمن تعكس شراكة وطنية حقيقية، وهذا التنوع هو عامل قوة في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد. ووجود دماء شابة وكفاءات مؤهلة يعزز من فرص نجاح الحكومة في ترتيب الأوضاع الداخلية، ومواجهة العدوان سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي أو العسكري.
إن الآمال المعلقة على هذه الحكومة كبيرة، والمواطنون يتطلعون إلى أن تشكل بداية جديدة نحو الاستقرار والبناء، معتمدين على قيادتها لتحقيق التغيير المنشود وتحويل التحديات إلى فرص للنهوض بالوطن، وتخطي آثار العدوان لتحقيق السلام والازدهار المستدام.
كما إن هذه الخطوة الحاسمة تأتي في وقت يثق فيه الملايين من اليمنيين بقيادتهم وبقدرتها على إحداث التحوّل المنشود، والذي سيقود اليمن من مرحلة الثورة إلى بناء الدولة، ومن المواجهة إلى التغيير الجذري.. ومع التمسك بالمعادلة الذهبية: القيادة، والمنهج، والجيش، والشعب، يخطو اليمن نحو بناء نموذج للدولة القوية والمستقلة، متحدياً كل العقبات التي حاول العدوان فرضها.
وفي ظل الوضع الصعب الذي يعيشه اليمن، يضع الشعب آمالاً كبيرة على هذه الحكومة في تقديم نتائج ملموسة تُحسن من أوضاعهم المعيشية وتحقق العدالة. وفي الوقت نفسه.
الصعوبات والتحديات
إن إعادة البناء لا تعني فقط إعادة إعمار المباني والمنشآت المدمرة، بل تعني أيضاً إعادة بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين من خلال تحسين الحياة اليومية، وتوفير فرص العمل، ودفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام.
أمام الحكومة اليمنية الجديدة، تقف تحديات جسيمة تتطلب منها التعامل بحكمة ورؤية استراتيجية لتحقيق التغيير الجذري الذي يتطلع إليه المواطنون، خاصة بعد سنوات من العدوان الذي ترك آثاراً عميقة على كافة الأصعدة. أهم هذه التحديات هو إعادة البناء وتجاوز آثار الدمار الذي لحق بالبنية التحتية والمقومات الاقتصادية.
إن التركة الثقيلة التي ورثتها الحكومة الجديدة تفرض عليها وضع خارطة طريق واضحة تتضمن الأولويات العاجلة، بدءاً من تشخيص الواقع الحالي ومعرفة مواطن الخلل التي يجب معالجتها.
إعادة بناء الاقتصاد
فلا شك أن إعادة بناء الاقتصاد يعتبر أولوية قصوى، كونه يمثل عصب الحياة ويؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين اليومية. إن النجاح في التعامل مع التحديات الاقتصادية سيمثل نقطة تحول في جهود الحكومة الجديدة نحو تحقيق الاستقرار والتنمية.
إضافة إلى الاقتصاد، تحتاج الحكومة إلى التركيز على إعادة تأهيل البنية التحتية التي دمرتها الحرب، وذلك لتحقيق التنمية المستدامة والنهوض بالبلاد. وستكون المهمة أمامها أيضاً إعادة الثقة للمواطنين من خلال تحسين الخدمات الأساسية وتعزيز الأمن الغذائي، وتنفيذ مشاريع تساهم في توفير فرص العمل والحد من البطالة.