غزو لبنان المحتمل.. أهداف العدو وتحديات المحور
الصمود||مقالات||عبدالحميد الغرباني||
كيانُ العدوِّ يتابعُ بشكل مُكثَّـفٍ خَرْقَ قواعدِ الاشتباك، بل لم يعد يضرِبُ في مساحة الاشتباك الأصلية بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله القائد المجاهد الكبير سماحة السيد حسن نصر الله -رضوان الله عليه- وعدد من قادة الصف الأول للحزب، بالإضافة إلى زحف العدوّ باتّجاه لبنان، وهذه الخطوة الأخيرة لم تعد اليوم تحدياً في مساحة التكتيك فقط -خَاصَّة بعد اغتيال أمين عام المقاومة- إنما تهديد مُدمّـر لرأس حربة قوة المحور الهجومية وأحد خَطَّي الدفاع عن الأُمَّــة؛ ما يضع محور المقاومة أمام مفترق طرق يستوجب من الركائز الأَسَاسية في المحور اتِّخاذ قرارات كبرى لناحية ما يجب أن تصل إليه المواجهة مع العدوّ في شكلها وسقفها أَو حدودها، في مقابل ما شهدنا من عدوانية غير مسبوقة تُترجَمُ في لبنان بدرجة رئيسية كما سبق وتُرجمت في قطاع غزة، وفي ظل تطابق إسرائيلي أمريكي في شرق أوسط يظل فيه كيان العدوّ لاعباً مهيمناً بعد (طوفان الأقصى)!
وَهكذا لا يمكن أن تكون سياسة “الصبر الاستراتيجي” هي الحل؛ إنها مُغرية للعدو بشكل متزايد وشواهدها كثيرة ومزدحمة ومؤلمة، وَمخاطرها لا يمكن أن تكون أعلى مما هي عليه الآن في لبنان تحديداً، حَيثُ يمضي العدوّ لهجوم بري؛ بهَدفِ سقفه الأدنى هو فرض تراجع لمجاهدي المقاومة حتى ما وراء نهر الليطاني الممتد بموازاة الحدود اللبنانية الفلسطينية؛ بناء على ما حقّقه من نتائج تحييد وتغييب أصحاب القرارات الكبرى في هيكل حزب الله، وما شاهده من سياسة ضبط النفس، وها قد أتت فرصة قلّ نظيرها للتنكيل بالعدوّ من كُـلّ قوى المحور بأشكال مختلفة دون ترك الأمر فقط لحزب الله، بل يجب البناء على الأسوأ لنواحٍ عدة:
أولاً: لتجسيد وحدة الساحات بشكل متقدم وترجمة، وَ”قاتلوهم كافة كما يقاتلونكم كافة”؛ ليكون الهجوم البري على لبنان الكمين القاتل والمُدمّـر الذي شارك في نصبه للجنود والقوات الصهيونية المتأهبة مجرمو الحرب نتنياهو وغالانت وبايدن ولويد أستن ونشوة ما بعد الاغتيالات الأخيرة.
ثانياً: ترجمة وتنفيذاً لخطة وتهديدات سماحة الأمين العام لحزب الله المرتبطة بحالة فرض الحرب على لبنان والموجبة لقتال “بدون أية قيود ولا قواعد ولا أسقف” لا يكون معها أي مكان في الكيان بمنأى عن صواريخنا ومسيَّراتنا وأن نأتي العدوّ براً وبحراً وجواً.
ثالثاً: البناء على الأسوأ لناحية النتائج المحتملة؛ فمن الواضح أن العدوّ يبني على المضي بنجاح في الغزو برافعة تسعة شهور من العمليات على جنوب لبنان وَقرابة شهرين من القوة النارية الجوية الهائلة المكثّـفة وتداعياتها على حزب الله في العديد وَالعدة، وما قد يترتب عليها من تأثير على مستوى أداء المجاهدين في ميدان المعركة، وهذا لا يقلل من شأنهم ولا يعبر عن عدم الثقة بهم وشدة إيمانهم وعزيمتهم وصلابتهم فهم سادة المجاهدين ومن حفظوا للأُمَّـة كرامتها..
رابعاً: لإحباط كُـلّ أهداف العدوّ المعلنة وَغير المعلنة من الحرب على لبنان خَاصَّة تلك التي يُعلق عليها فائدة استراتيجية لكيان العدوّ وهو ما أشار إليه بوضوح مجرم الحرب نتنياهو “نعمل بمنهجية على اغتيال قيادات حزب الله وتغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط كله” وثمة إشارة ثانية مفادها أن “تغيير توازن القوى يجلب معه احتمالات بتحالفات جديدة في المنطقة؛ لأَنَّ “إسرائيل” تنتصر، بزعم نتنياهو.
فضلاً عن إشاراته المختلفة فيما وصف بكلمته الموجهة للشعب الإيراني وتكراره القول “كما هو مكتوب في التوراة سألاحق أعدائي وسأقضي عليهم” ولإحباط كُـلّ ما سبق يجب أَلَّا يُستبعد في المحور أن يعود العدوّ لاحتلال مساحة محدودة من القرى الجنوبية في الشريط الحدودي اللبناني مع فلسطين المحتلّة، أَو أن يمتد لما بعد الليطاني كورقة ضاغطة على حزب الله لتسليح الدبلوماسية المكثّـفة لواشنطن وباريس بالإنابة عن الكيان -هذا في الحد الأدنى- بما يُفضي لخلق حزام أمنيّ قد يتوفر له خونة عملاء على الأرض برأس يماثل أنطوان لحد وميليشياته بين 1984-2000م، هذا -في الحد الأعلى والأسوأ- لأهداف العدوّ أَو ما يصفه بالعمل بمنهجية على اغتيال قيادات حزب الله وتغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط كله، على المحور أن يباشر استراتيجية تؤكّـد استحالة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء في لبنان وَغزة، وتثبت اقترابنا أكثر من حتمية وعد الآخرة.