مَن نصر اللهَ نصره
حسين بن محمد المهدي
مما لا ريب فيه أن السلطان خليفة الله في أرضه، والحاكم في حدود دينه، قد حصنه الله بقوته، وأمده الله بمعونته، ونصبه لنصرة حقه وحفظ ورعاية خلقه، فَــإنَّ نصر الله نصره وثبته وأعانه وأيده بنصره، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ).
فشكرًا للدولة الإسلامية إيران وقائدها الإمام علي الخامنئي، والحرس الثوري الإسلامي، الذي نصح لله، ولرسوله، ولكتابه، وللأُمَّـة حينما استجاب لنداء الجهاد وانتصر للشعب المظلوم شعب فلسطين، وثأر لشهيد الإسلام إسماعيل هنية ولقائد محور الجهاد سماحة السيد حسن نصر الله، فوجه ضربة صاروخية للصهاينة اليهود أرباب البغي والفساد الذين عاثوا في الأرض الفساد وقتلوا عشرات الآلاف من أرض فلسطين واستولوا على أرضهم.
فالحزم أشد الأراء، فقد استجابوا لله وللرسول من بعد ما أصابهم القرح، والله سبحانه وتعالى يقول: (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّـهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ، الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيمانًا وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّـهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّـهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).
إن نصرة الشعب المظلوم في فلسطين ولبنان استجابة لله ولرسوله مما يثبت الله به الملك، ويرفع به الذكر.
فأربعة لا يزول معها ملك: “حفظ الدين ونصرته، واستكفاء الأمين، وتقديم الحزم، وإمضاء العزم” فإذا عزمت فتوكل على الله.
وما ذلك الحزم والعزم ومنازلة العدوّ الصهيوني إلا بتوفيق من الله، (وَما تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّـهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).
إنكم أيها المؤمنون موعودون بالنصر، فلا تتخاذلوا، وتتولوا عنه وأنتم تسمعون، (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْغالِبُونَ).
فحينما توجّـه المطبعون في “كامب ديفد” للتماهي والتطبيع مع اليهود نصر الله الإمام الخميني والثورة الإسلامية في إيران التي أدانت هذا العمل المشين وأعلنت تأييدها للإسلام والمسلمين، وللمجاهدين في فلسطين وبقيت على هذا النهج، تزول الجبال الرواسي وهي لا تزول عن مبدأها الإسلامي، فكأن الله جاء بهم بديلًا لهؤلاء المتخاذلين، فكأنهم المعنيون بقوله تعالى: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ)، فقد سئل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من هم هؤلاء، فقال: هم الفرس، هذا وقومه، وأشَارَ إلى سلمان، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطًا بالثريا لتناوله رجال من فارس) لقد أورد ذلك الشوكاني في فتح القدير، وأخرج الحديث عبدالرزاق وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وابن مردويه، والطبراني في الأوسط، والبيهقي في الدلائل، وغيرهم، وهو من معجزات النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
أما أهل النفاق والمهرولون إلى التطبيع، فليستمعوا إلى ما بشرهم الله به (بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذابًا أَلِيمًا، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أولياء مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّـهِ جَمِيعًا).
فسلوك المنافقين هو الغمز واللمز، والطعن في أعراض المؤمنين، فقد يصفون المجاهدين من حماس وحزب الله وأنصاره والحرس الثوري الإسلامي الإيراني بالمبتدعة أَو الغلاة أَو الرافضة ديدن المنافقين من أسلافهم المتخاذلين عن الجهاد، الذي قال الله فيهم، (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّـهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّـهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّـهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ، وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ).
فالمؤمن الحق هو من يتحمل لظى المعركة مع إخوانه المؤمنين في فلسطين مهما كانت ألوانها، أما الحياد الظاهري والباطني خوفًا من الأذى، وتماهيًا مع الصهيونية فتلك طبيعة المنافقين، (وَلا تَرْكَنُوا إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّـهِ مِنْ أولياء ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ).
فالمؤمن لا يخاف إلا الله فهو لا يعطي ولاءه للكافرين البتة، دل على ذلك قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أولياء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ).
فالله الله يا رجال الله في الثبات ومواصلة الجهاد حتى النصر وتحرير فلسطين، ولو أن المسلمين جدوا في الدخول للاشتباك مع هؤلاء الصهاينة لما نفعت الصهيونية أسلحتهم ولولوا الأدبار فرارًا ولتحقّق النصر في أسرع وقت، ولن تنفعهم طائراتهم وما يملكونه من أسلحة أبدًا فهم جبناء.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء، (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).