عام على الطوفان .. جحيم على الكيان
لطف قشاشة
أتذكر ذلك اليوم العظيم الذي نفذه عظماء من حركة المقاومة الإسلامية حماس صبيحة يوم السبت السابع من أكتوبر 2023م بعملية أسطورية قلبت الموازين وثبتت قواعد جديدة في جبهات الجهاد والمقاومة ضد المحتل الإسرائيلي أطلقت حماس على هذه العملية (طوفان الأقصى) ..
الجميع عرف تفاصيل العملية ونتائجها وما أحدثته من هزة داخل الكيان لن أقول افقدها صوابها وإنما جعل هذا الكيان يوقن انه لم يعد ذلك المدلل الذي يحاط برعاية وحماية ودعم إقليمي ودولي, بل أصبح عرضة للتآكل المفضي إلى الزوال الحتمي لا محالة عقب طوفان الأقصى وما خلق من رعب داخل الكيان وحتمية زواله جعلها تتصرف بهستيريا وبمنطق (علي وعلى أعدائي) فاتجهت صوب التدمير والإمعان المتعمد في إلحاق الضرر الجسيم بالشعب الفلسطيني وأصابت فيهم آلاف الشهداء والجرحى والمهجرين قسرا ودمرت كلما يمت للحياة البشرية بصلة والأرقام تتحدث عن نفسها والصور يشاهدها العالم بالبث المباشر في جريمة غير مسبوقة على مر التاريخ ..
هستيريا الغاصب لم يغير من حقيقة الضرر الذي لحق به, بل أكده بالصمود الأسطوري وما لقيته عصابات الكيان من هزائم وما لحقتهم من خسائر بشرية وعسكرية واقتصادية أكدت حقيقة الوهن الذي وصلت إليه هذه الغدة السرطانية ..
طوفان الأقصى هو إحدى محطات المواجهة التي يخوضها محور الجهاد والمقاومة والتي تتجه إلى زوال إسرائيل إلا أن ما يميز هذه العملية هو أنها دفعت بالكيان إلى الكشف عن وهنه وانه بالفعل اوهن من خيوط العنكبوت كما وصفه شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله لأنه رغم الهستيريا المفرطة التي انتهجها ضد الشعب الفلسطيني إلا انه لم يحقق أي من أهدافه المعلنة فلا هو استطاع أن يقضي على حماس ولا هو استطاع أن يحرر أسراه من أيديهم, بل العكس تلقى طيلة عام كامل صفعات قوية من حركات المقاومة الفلسطينية ومن جبهات الدعم والإسناد من محور الجهاد والمقاومة ..
قد تبدو الهستيريا التي انتهجها الكيان الغاصب غير مسبوقة وقد يفسرها البعض أنها تهدف إلى إعادة صورة الردع التي خسرتها من بعد طوفان الأقصى لأنها أول مرة يصبح فيها العدو عاجزا وواقعا تحت حالة المدافع لا المبادر فقد وقع مهزوما خلال ست ساعات يجرجر أفراده من عمالقة حماس كالنعاج أمام مرأى ومسمع العالم ثم يفشل في استعادة أسراه والقضاء على حماس ويفشل كذلك في تحييد جبهات الإسناد التي واصلت عملياتها دون توقف ثم وهو يذهب بعيدا في كسر قواعد الردع ويقدم بخطوات غير محسوبة النتائج على اغتيال قيادات رفيعة في المحور كان آخرها سماحة السيد حسن نصر الله إلا انه رغم ذلك لم يحقق في الميدان أية مؤشرات على انه استعاد صورة الردع لنفسه، رغم محاولات الكيان بعد عام من الجحيم لجر المنطقة إلى حرب إقليمية تتدخل فيها أمريكا لم يتوافق فيها رغم مساعيه المستميتة والسعي لقلب الطاولة وهدم المعبد جميعها تؤكد أن واقعا جديدا بدأ يتكون في المنطقة فيه مؤشرات بزوال إسرائيل تدريجيا عن الوجود وتغيب الهيمنة الغربية وعلى رأسها هيمنة أمريكا عن المنطقة تماما وهذا ما تؤكده تداعيات مضي عام كامل على أحداث عملية طوفان الأقصى لأنها تداعيات أسست لتعاظم ونجاح محور الجهاد والمقاومة وتقارب واحدية القيادة والتنسيق وتراجع المشروع الغربي إلا أن هذا التأسيس لن يكون معبدا بالرمل, بل سيتطلب الأمر فيه تقديم المزيد من التضحيات البشرية لأنها تنزع الوجود الغربي بجميع أدواته بما فيهم الجماعات التكفيرية والتي تتزعمها داعش وأخواتها واستبداله بحاكمية مستنيرة للأمة العربية والإسلامية، وإلى ذلك الحين الذي قد يطول قليلاً علينا جميعا أن نوقن أن زمن الهزائم قد ولى وبدأ زمن الانتصارات وفي كل مرحلة يبرز انتصار أعظم من الذي سبقه وقادم الانتصارات أثره ليس كأثر ما سبقه لسبب بسيط أن المواجهة بعد عام كامل من الجحيم عقب طوفان الأقصى ستكون القيادة فيه واحدة وستتلقى إسرائيل الضربات من جميع الاتجاهات المحيطة بفلسطين المحتلة ولن تستطيع معها أن تستنجد أو تستند لدعم أمريكا والمنظومة الغربية المتهالكة، وختاما فإن أهم ما يحقق النصر هو عودة الأمة لتحمل مسؤولياتها بالجهاد المقدس وتوجيه بوصلة العداء نحو المشروع الصهيوني بجميع أدواته واعتمادها بعد ذلك على التأييد الإلهي الذي وعد من ينصره بالنصر.. والعاقبة للمتقين.