عام من “طوفان الأقصى” .. هكذا نصرَ حزب الله غزة
الصمود||تقرير||يحيى الربيعي
في سردٍ دراماتيكي مليء بالتصميم والمثابرة، ينبثق “طوفان الأقصى” كصرخة تحدٍ ترتفع فوق الألم والجراح، لتصبح رمزًا جديدًا للصمود الفلسطيني في وجه آلة الإبادة الصهيونية. طوال السنوات الماضية، شهدت الأرض المقدسة مآس وإيغال في الدم الفلسطيني وغطرسة العدو الصهيوني، مُسجلةً تاريخًا من العدوانية المدفوعة بخرافات لا تمت للواقع بصلة، تلقي بظلالها الثقيلة على أحلام الملايين.
في خضم هذا الوضع الشائك، يطل علينا “طوفان الأقصى” كثمرة طبيعية لانتفاضتين جريئتين، تأكيدًا على عزم الشعب الفلسطيني الذي لم ينكسر أمام خياناتٍ عربية متكررة وميزانياتٍ معقّدة أُعدت لتصفية قضيّته العادلة.
وعلى ضفاف الأرض المحتلة، تأسست قصة كفاح وتضحية، ترمز إلى وحدة الصف المقاوم. السيد الشهيد حسن نصر الله كان البطل الحقيقي، ليس فقط كقائد بل كرائدٍ في بناء جسور التواصل والتعاون بين الفصائل المختلفة، مُجسدًا الرؤية الفذة للنجاح في ساحة المعركة. بحماسة متقدة، يرفرف شعار المقاومة، مثيرًا الحماسة في قلوب المجاهدين ومتعهدًا بأن دماء الشهداء لن تذهب سُدى.
ومع كل تقدم يُحرز على الأرض، يتجلى دور حزب الله كدرعٍ واقٍ للشعب الفلسطيني، مؤكدًا بأن الوحدة تلد القوة، وأن العمل المتناغم على مختلف الأصعدة هو طريق النصر المؤكد. الذكرى السنوية الأولى لانطلاقة طوفان الأقصى تأتي كدليل حيوي على الإثارة والإصرار، مُظهرةً أرقامًا تعكس تصاعد عمليات الإسناد والمساندة، وتحفيز الشعب على المزيد من العطاء والتضحية.
أمام عيون العدو، يشكل “طوفان الأقصى” ولادة جديدة، بل وعيدًا محتملاً للانتصارات القادمة. اليوم، يتسلح المجاهدون بروح العزيمة والإرادة، ليؤكدوا أن الألم تم تحويله إلى قوة، وأن الصمود سيظل أساسًا لكل نجاح وتحقيق للعدالة.
نسيج العمليات: ملحمة العزيمة
يتردد صدى التاريخ ويصدح صوت الحق في مواجهة الاستكبار، حيث كشفت المقاومة الإسلامية في لبنان عن تقرير شامل يوثق جميع عملياتها ضد العدو الصهيوني منذ انطلاق “طوفان الأقصى المباركة” في السابع من أكتوبر 2024م.
يحمل التقرير في طياته أرقامًا وإحصائيات تعكس وحدة إرادة المحور، وتؤكد على استمرارية الجهاد ككتلة واحدة لا تنفصم، حتى يتم تحرير كل شبر من التراب الفلسطيني.
على مدار عام كامل من المواجهات المحتدمة مع قوات العدو الإسرائيلي، نفذت المقاومة الإسلامية في لبنان ما مجموعه (3194) عملية مستمرة. كانت هذه العمليات بمثابة صرخة دعم تعكس التلاحم الكبير مع الشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة. إن بأس رجال المقاومة يظل في وقوفه شامخا يدك مواقع العدو، سواء عند الحدود مع فلسطين المحتلة أو في عمق الكيان الإسرائيلي.
تعدد الاستهداف: قوة وصمود
في أحدث تقرير إحصائي نشره الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان حول أبعاد المواجهة، تمكنت المقاومة، وعلى مدار 366 يومًا، من تنفيذ 3194 عملية، تجاوزت في نتائجها وتأثيرها في مواضع الاستهداف مجرد القيم العددية للإحصاء الرقمي للقطع المستخدمة. مُبرزةً دلالات جديدة تتعلق بدقة التصويب والقدرة على اختراق تحصينات العدو المعروفة بقوتها، بما في ذلك التحصينات الحديدية والمقلاعية ونظام “حيتس”.
من جنوب لبنان، وتحديدًا على طول الخط الحدودي مع فلسطين المحتلة، يسجل التاريخ شهادة على استهداف المقاومة لـ 1570 موقعًا للعدو الصهيوني، و1040 تموضعًا عسكريًا، و279 نقطة عسكرية، و570 مستوطنة، و505 ثكنات عسكرية، و177 قاعدة عسكرية، و3 مطارات، حيث تلقت جميعها ضربات المقاومة بدقة تصويب عالية، محققةً أهدافها بكفاءة.
وفي سياق التفوق، يسجل التاريخ نقطة فارقة لن تُنسى، حيث تمكنت المقاومة من صد 22 توغلاً بريًا، واعتراض 68 طائرة ومسيرة، مما يعكس قوة الثبات وعظمة الصمود التي لا يمكن قهرها.
قوة السلاح.. تنوع وتطور
وكما أكد سماحة الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله، أن جبهة جنوب لبنان ستتحول إذا هاجمها الجيش الإسرائيلي إلى وحل، فخ، كمين، هاوية، وجهنم لجيش العدو، لقد انطلقت شرارات الوفاء بما توعد به، بكاملها غير منقوصة، إذ تم تنفيذ رشقات من فوهات لم يخطر ببال العدو أن المقاومة تمتلك مثلها.
وأظهرت الإحصائيات الصادرة عن الإعلام الحربي للمقاومة تنوع القطع العسكرية المستخدمة في المعارك، حيث استخدمت المقاومة (589) مدفعية، و(1305) صواريخ أرض – أرض، و(77) سلاح دفاع جوي، و(221) سلاح جو، و(97) قناصة ورشاشات، و(760) صواريخ موجهة، و(184) أسلحة مباشرة، و(32) سلاح هندسة، و(3) صواريخ باليستية، و(94) من الأسلحة المناسبة.
كما رصد الإعلام الحربي عددًا من الاستخدامات المتنوعة، حيث بلغ سلاح الجو 222، و(760) صواريخ موجهة، و(184) أسلحة مباشرة، و(32) سلاح هندسة، و(94) أسلحة مناسبة. وما يبرز مستوى التطور والابتكار في استراتيجيات المقاومة هو استخدامها (3) صواريخ باليستية، مما يعكس قدرتها على التكيف والابتكار في مواجهة التحديات.
خسائر مادية
أفصحت المقاومة في لبنان عن تدمير (141) آلية عسكرية، و(250) مركز قيادي، و(895) من الدشم والتحصينات للعدو الصهيوني. لتتقدم الأرقام وتستعرض: (493) من التجهيزات الفنية، و(1153) وحدة استيطانية، و(11) مصنعًا عسكريًا، و(88) من مرابض المدفعية، و(14) من منصات “القبة الحديدية”، بالإضافة إلى (8) طائرات مسيرة، ومنطادين تجسسيين.
تظهر هذه الإحصائيات حجم التأثير الذي أحدثته المقاومة على الأرض، والذي يعكس قدرتها على مواجهة التحديات والتهديدات، ويؤكد التفوق الاستراتيجي الذي تحقق في هذه الصراعات.
الهزيمة في الداخل الإسرائيلي
آلام العدو في سياق المعركة لم تقتصر على أثار خارجية فحسب، بل اخترقت جبهة العدو الصهيوني الداخلية بما تركته من حمم الآلام الناجمة عن ضربات المقاومة، فضلا عن صمودها الأسطوري. حيث أُخليت منطقة تمتد حتى (30) كم في عمق الكيان، وازداد عدد المستوطنات المخلاة ليصل إلى أكثر من (100) مستوطنة. ونزوح أكثر من 300 ألف صهيوني هو عمق الأثر النفسي الذي تخلفه عمليات المقاومة، الذي بات يثبت واقعا، أن تهديد الأمان لم يعد حالة ضعيفة، وأن عمق الاستهداف قد تجاوز مسافة (150) كم داخل الكيان، ليُرسخ معادلات جديدة للصراع مفادها أن زمام عداد تحقيق الانتصارات سقط من أيدي الصهاينة الغاصبين لتلتقطه سواعد رجال المقاومة، ليعاد ترتيب أولويات الاستحقاق إلى مسارها الصحيح.
رسائل الصمود والحرية
ختامًا، تبرز ملامح الانتقال من مرحلة الدفاع إلى الفعل الهجومي، حيث يستمر رجال حزب الله الأبطال في استهداف المواقع والثكنات العسكرية والمستعمرات المغتصبة، ردًا على اعتداءات العدو على المدنيين ونصرةً لغزة. إن العمليات تتوسع بوتيرة متصاعدة، مما يعكس أن الأعداء الصهاينة يواجهون خطرًا حقيقيًا، خاصةً بعد أن غُرس في قلوبهم الخوف من قيادتهم الشجاعة، في مقدمتها السيد حسن نصر الله، الذي يُعتبر رمزًا للصمود والتحدي.
المقاومة الإسلامية تؤكد من جديد أن الصمود لا يعرف حدودًا، وأن خيار التصدي للظلم هو الخيار الوحيد. مع تجاوز عدد القتلى والجرحى في صفوف العدو الألفين، تتعزز رسالة واحدة: المقاومة مستمرة، والمشوار طويل، وعازمون على تحقيق النصر ونيل الحرية.
جاهزية عالية
غرفة عمليات المقاومة الإسلامية أكدت على جاهزية القوة الصاروخية لاستهداف أي مكان في فلسطين المحتلة، وأشارت إلى أن تزايد الاعتداءات الإسرائيلية على اللبنانيين سوف يجعل من حيفا ومناطق أخرى هدفًا سهلاً لصواريخ المقاومة، التي لم تقتصر على أسلحة تقليدية بل تشمل الطائرات المسيّرة الانقضاضية.
وفي رسالة إلى الشعب اللبناني، تؤكد المقاومة أن الأهل الشرفاء يمثلون شموخ المقاومة، ويُعدّ دعاؤهم رمزًا لإرادة المجاهدين. وأخيرًا، تبقى غزّة في قلب المقاومة، مع تعهدها المستمر بدعم الشعب الفلسطيني، مُعلنةً أن الأمانة التي تحملها ستستمر حتى النفس الأخير. إن تنبؤات الانهيارات الكبيرة في صفوف العدو الصهيوني تحمل معها وعدًا بعصر جديد من الانتصارات للمقاومة، التي ستبقى وفية لرسالتها وتحقيق النصر والكرامة للشعوب المظلومة.