صمود وانتصار

هذه هي التي ضربت المسلمين كباراً وصغاراً (عدم الثقة بالله)

الصمود| من هدي القرآن |

{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ } أليس في هذه الأسماء الحسنى – التي تتحدث عن كمال الله سبحانه وتعالى – أليس فيها ما يصنع الثقة في نفوس أولئك الذين ارْتَمَوا تحت أقدام أمريكا وإسرائيل؟. لماذا يعرضون عن الله وهم من يعترفون ويشهدون بأنفسهم بأنهم مسلمون، وأنهم مؤمنون بهذا القرآن الكريم؟ وبرسوله الكريم محمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) .

هذه هي التي ضربت المسلمين كباراً وصغاراً (عدم الثقة بالله)، عدم الثقة بالله حتى فينا نحن الصغار نخاف من شخص هو مسكين بالنسبة للآخرين فهناك من هو مهيمن عليه، والذي هو مهيمن عليه مسكين بالنسبة لذلك الأمريكي الذي في واشنطن الذي هو مهيمن عليه، والكل مساكين ومقهورون تحت جبروت الله وقهره.

ارتبط بالله رأساً وتجاوز كل هذه الأصنام في هذه الدنيا، وارتبط بالله رأساً، وثق به، وهو من سيجعلك قوياً أقوى مما يملكه هؤلاء من وسائل القوة في هذه الدنيا.

هو أيضاً {الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} بما في هذه الأسماء من معاني العزة والجبروت والقهر للأعداء ، فأنت عندما تلتجئ إليه لا يمكن أن تقول عنه: ” الله هو طيب، لكن نفسه سمحة فإذا كان كذلك فلن يحرك ساكنا مع أعدائنا، ونحن عارفين له، فهو يريدنا أن نُمسِّح أكتافهم ونحاول أن نحسن أخلاقنا معهم لأنه مسكين سالك لطريقه لا يريد أن يتدخل في شيء ”. هل الله هكذا؟. حاشى الله أن يكون كذلك .

الله في الوقت الذي يقول لنا{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ} هذه الأسماء تبدو رقيقة، ولكنه يقول أيضاً ـ إذا ما وثقت به وأنت في ميدان المواجهة والصراع مع أعدائك وأعدائه من يريدون ظلمك وقمعك واستذلالك ـ هو {عَزِيز} يمكنك أن تمتنع به ، هو (جَبَّار ، مُتَكَبِّر) سيقهرهم، وسيجعلك أنت من تقهرهم ، ألم يقل الله تعالى {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} .

هو يقول: سأجعلكم جبارين على أعدائكم، ومتكبرين على أعدائكم، لكن عندما تثقوا بي . عندما تثق بالله، ستثق بمن هو سلام لك وأمْنٌ لك في مقامات السلام معه، وهو عزيز جبار متكبر سيمنحك من عزته وكبريائه وجبروته ما تقهر به أعداءك وأعداءه، ليس هناك نقص إطلاقاً في جانب الله عندما تثق به وتلتجئ إليه.

عندما تشعر بعظمته ليس فيه صفة واحدة كما هي في الناس، والتي نسمعها كثيراً من بعضنا بعض تقول: ”فعلاً أن فلاناً رجل جيْد ، ولا يقصر في شيء لكن ليس من أهل هذه المواقف التي تحتاج إلى القوة، ولا قدرة له في مثل هذا الموقف” .

أما الله فهو من يكون لك في كل المواقف، ولك بأكثر مما يمكن أن تدرك, ويرعاك من حيث لا تحتسب ، ويملأ قلوب الآخرين رعباً بالشكل الذي لا يمكن أن تصنعه وسائل إعلامك، ولا يمكن أن تصنعه أيضاً آليتك العسكرية. هو من نصر نبيه بالرُّعب بمسافة شهر، وكم كان الجيش الذي معه؟. هم أولئك الذين حُوصروا في المدينة عدد قليل ونصره الله بالرعب، فكان بعض أعدائه من اليهود يخربون بيوتهم ويقطعون نخيلهم أحياناً، ويرحلون خوفاً ورعباً من قبل أن يجيّش الجيوش عليهم.

{الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} بعد هذه الأسماء الحسنى ترى غريباً جداً جداً أولئك الذين يلتجئون إلى غير الله سبحانه وتعالى ما أسوأ حالهم!، ما أحط مكانتهم!، وما أتعسهم!، وما ألأمهم!، عندما يلتجئون إلى غير الله، إلى صنم من الأخشاب أو صنم من الحجر أو صنم من البشر؛ لأنهم يخافون، ويرجون منه أشياء، والله قال لهم في هذه الآيات { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } من يمكن أن ترجوه، من يمكن أن تعتمدوا عليه، من يجب أن تخافوه؛ ولأنه ليس هناك في هذا العالم، ليس هناك في الوجود من يمكن أن يكون متصفاً بكمال الله سبحانه وتعالى، ولا بجزءٍ من كمال الله سبحانه وتعالى – إن صح التعبير – فإن من الظلم لأنفسنا ومن الإساءة إلى الله ربنا الذي هو {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} من الإساءة البالغة إليه أن نجعل له شركاء فنمنحهم ولاءنا، ومنهم نخاف، وإليهم نرغب.

{سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} تن‍زيه لله عن أن يكون له شريك، تن‍زيه لله وتقديس له عن أن يكون له شريك في ملكه، شريك في إلوهيته تنزيه له عن أن يسوّى به غيره ، فيجعل نِدَّا له، أو شريكاً له ، تنزيه له عن أي قصور أو تقصير في تدابيره لشئون خلقه.

{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.

{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ} هو من قال لبني إسرائيل: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً} عندما يقول الناس: ” نحن قليل الآخرون قد يستذلونا، قد يُقتل منا كذا، ونحن قليل لا نستطيع أن نعمل شيئاً”. الله هو الخالق، هو الذي يستطيع أن يمدكم بأموال وبنين، ألم يقل نوح (عليه السلام) لقومه {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً ( 11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً (12)} إذا ما قُتِل ابني هذا وابني هذا هو من سيمدني بأبنـاء آخرين {يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَـاراً}.

هو الخالق هو البارئ، كلمة {بَارِئ} تشبه معنى كلمة {خَالِق} فيما تعنيـه من الإبداع أو الابتداع ، أو أنه فاطر ما خلقه.

{الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} أن يخلق الشيء على كيفية معينة على نحو معين، الذي برأ النّسَمَة، كما كان في قَسَم الإمام علي (عليه السلام) (والذي فلق الحبّة وبرأ النّسَمة) خلقها على كيفية معينة، فطرها هو وابتدعها هو بدون مثال سابق.

{لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} فهنا ذكر لنا مجموعة من أسمائه الحسنى، ماذا تعني ؟. تعني كمالاً بالنسبة لله سبحانه وتعالى، ليس مجرد أسماء ألفاظ لا تعني شيئاً. الآن لو وضعنا لشخص منا عدة أسماء هل يمكن أن تزيد في معانيه شيئاً فنسميه: أحمد ومحمد وقاسم وصالح ومسفر وجابر. هل لهذا زيادة فيك ؟. لا. هل تغير هذه الكلمات عن كمال بالنسبة لك؟. أو تعطي شهادة بكمالك؟. الله هنا عرض لنا مجموعة من أسمائه الحسنى التي هي حديث عن كماله، كماله المطلق في كل شيء، (عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر).

ثم قال لك أيضاً له الأسماء الحسنى، عُد إليها في بقية الآيات والسور في القرآن الكريم واجمعها وستجد كم هي. أشبه شيء بإحالة لنا إلى ما ذكره من أسمائه في بقية السور والآيات الأخرى، ارجع إليها هناك حكيم، حليم سميع، بصير إلى آخر أسمائه الحسنى ، تلك الأسماء التي تشهد بكماله، لترى نفسك بأنه يمكن لك، بل يجب عليك، بل لا يجوز لك غير هذا أن تتوكل عليه، وأن تثق به، وأن تستشعر عظمته سبحانه وتعالى.

استشعار عظمته في نفوسنا أن تملأ عظمته نفوسنا، هذه قضية مهمة، قضية مهمة، ولا شيء يمكن أن يمنحنا هذا الشعور سوى القرآن الكريم فيما يعرضه من أسماء الله الحسنى، ومعانيها، ومظاهرها، وما فيها من شهادة بكمال الله سبحانه وتعالى.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

من ملزمة معرفة الله – عظمة الله- الدرس السابع

‏ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي

بتاريخ: 25/1/2002م

اليمن – صعدة