شمال قطاع غزة .. ماذا يعني حصار المحاصر؟!
الصمود||تقرير||يحيى الشامي في شمال غزة، تعود آلة الإبادة الصهيونية بوتيرة أقوى، وأسرع، تعمل بموازاة الحصار، والتجويع. المنظمات الأممية تبدو مجردة من كل وسائلها، لا تملكُ، إلا التوصيف، والتنديد، وهذا لا يوقف الجريمة. حربُ الإبادةِ لا تتوقّف في غزة، الإعلام فقط ينشغلُ عنها، وتنصرف الأضواء لسواها من المناطق والمجازر والأحداث. جباليا، مدينةٌ في الشمال، ما ذا […]
الصمود||تقرير||يحيى الشامي
في شمال غزة، تعود آلة الإبادة الصهيونية بوتيرة أقوى، وأسرع، تعمل بموازاة الحصار، والتجويع. المنظمات الأممية تبدو مجردة من كل وسائلها، لا تملكُ، إلا التوصيف، والتنديد، وهذا لا يوقف الجريمة.
حربُ الإبادةِ لا تتوقّف في غزة، الإعلام فقط ينشغلُ عنها، وتنصرف الأضواء لسواها من المناطق والمجازر والأحداث.
جباليا، مدينةٌ في الشمال، ما ذا يعني حصار المحاصر؟!، تعرّفه الفظائع الميدانية بالموت الصامت لكن السريع، تتعدد مصادر النيران على المدينة من البر والجو وتنقطع بقية السبل الواصلة إليها.
برنامج الغذاء العالمي أعلن اليوم انقطاع خطوط المساعدات الغذائية عن شمال غزة بالكامل، وتصف منظمات أممية أخرى الوضع الإنساني بالأسوأ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، واليوم أيضاً تعود الأممُ المتحدة في الوقت نفسهِ لتعلن أن الوضع في غزة وصل إلى نقطة الانهيار، والانهيار وصف يندرُ استخدامه في هكذا حالات، ومع ذلك ينعدم أيضاً التفاعل معه. لقد بدى العدو الإسرائيلي كمن نجح في تطبيع وعي العالم، فلا شيء في غزة يثير القلق، ويدعو للتنديد، والشجب، ناهيك عن التظاهرات إلا في ما ندر أيضاً.
تدهور الوضع الإنساني
وحدهم مسؤولوا الصحة في غزة يكررون النداءات الإنسانية بين الفينة والأخرى، يقول المتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني رائد النمس في معرض مناشدته: “إن الوضع الإنساني في محافظة الشمال يتدهور بشكل سريع مع استمرار الحصار الإسرائيلي”. وتابع إن “هذا الحصار يمنع وصول الإمدادات الأساسية الإنسانية والصحية والإغاثية للمحافظة“. وأوضح أن صدور أوامر الإخلاء الإسرائيلية القسرية لمناطق الشمال والتهديدات، التي وجهت للسكان والطواقم الطبية هناك، تسببت في خروج 4 نقاط طبية ميدانية عن الخدمة.
وذكر أن مستشفيات شمال القطاع تواصل عملها رغم الظروف الخطيرة التي تتعرض لها من تهديدات “إسرائيلية” أو استهداف مستمر لفرقها الميدانية. وأشار إلى أن النقص الحاد في المعدات الأساسية والمستلزمات الطبية، مثل الأكسجين وأدوية التخدير، يفاقم من الظروف الصعبة التي تمر بها المستشفيات.
ولفت المسؤول إلى أن الهلال الأحمر يواصل التنسيق مع الجهات الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة (أوتشا)، لمحاولة إدخال المساعدات الطبية والإغاثية إلى الشمال، في ظل الوضع الحرج للغاية بسبب نقص الوقود والأدوات الطبية الضرورية.
ومع تكرار أوامر الاخلاء من قبل قوات العدو فإن الأهالي يرفضون النزوح من المدينة الصغيرة، ويلتصقون بركام منازلهم المدمّرة، بينما توغل قوات العدو في القصف، والزحف تمنع الحركة والتنقل، تقول الأرقام الرسمية لعدد من يصل فقط للمشافي إن زيادة عن 150 من أهالي جباليا قتلوا في الأيام القليلة الماضية، فضلاً عن العديد لا يزالون تحت الأنقاض.
الخبز أيضاً ممنوع:
المخبز الوحيد في جباليا المعني بإطعام آلاف الأهالي قصفه العدو وأحرقه، وأحرق فيه مخزن الطحين، على الأهالي الاستعداد للموت جوعاً وقد اعتادوا فعل ذلك بصمت!
وكان برنامج الأغذية العالمي كشف أن نقاط توزيع الأغذية شمال غزة اضطرت للإغلاق تحت ضغط النيران وبسبب العمليات العسكرية وأوامر الإخلاء، مؤكدا اندلاع النيران في المخبز الوحيد العامل في جباليا بعد إصابته بذخيرة متفجرة.
وقال فرحان حق المتحدث باسم الأمم المتحدة إن المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة أصبحت في أقل مستوى لها منذ أشهر ولم يحصل أحد في غزة على حصة غذاء في الشهر الجاري بسبب فرض قيود على دخول إمدادات الإغاثة.
وأكد “حق” -في مؤتمر صحفي يومي- أن برنامج الأغذية العالمي أفاد بتوقف دخول مساعدات الإغاثة المنقذة للحياة إلى شمال غزة، مضيفا أن المعابر الرئيسية إلى شمال قطاع غزة أغلقت ولن يكون من الممكن عبورها إذا استمر التصعيد.
وأوضح المتحدث أن برنامج الأغذية العالمي قام بتوزيع آخر مخزوناته المتبقية من الأغذية في شمال غزة على شركاء ومطابخ تؤوي العائلات النازحة حديثا، لكنها لا تكفي لمدة أسبوعين.
وأضاف المسؤول الأممي “لقد وصل الوضع إلى نقطة الانهيار وكذلك في جنوب غزة”، مؤكدا أنه لا يوجد توزيع للغذاء والمخابز تكافح لتأمين الدقيق، وهو ما يهدد باضطرارها لإغلاق أبوابها في أي وقت.
المشافي تحت النار.. لا وقود ولا دواء:
و قالت وزارة الصحة في غزة الثلاثاء الماضي إن جيش العدو أنذر مشافي شمال القطاع بالإخلاء من الطواقم الطبية والمرضى، موضحة أن الجيش هدد بـ”القتل والتدمير والاعتقال” على غرار جرائمه في مستشفى الشفاء قبل شهور.
يأتي ذلك بعد أن أعلن جيش العدو الإسرائيلي بدء عملية عسكرية في جباليا الأحد الماضي، وذلك بعد ساعات من بدء هجمة شرسة على المنطقتين الشرقية والغربية لشمالي القطاع وُصفت بالأعنف منذ مايو الماضي.
وقبل صدور أوامر الاخلاء من قبل قوات العدو فإن المشافي الأربعة الوحيدة العاملة في شمال القطاع تعاني من نقص الوقود ما أدى لتوقف معظم الأجهزة والمعدات وكذلك سيارات الإسعاف وتوشك أن تغلق، ما دفع بوزارة الصحة في غزة لإصدار عدة مناشدات لتوفير الوقود دون جدوى بسبب تعنّت قوات العدو.
ويوم الخميس أعلن ماهر شامية، وكيل مساعد وزارة الصحة، أن جيش العدو الإسرائيلي أعاد وفد منظمة الصحة العالمية المكلف بإجلاء مرضى العناية المركزة والأطفال من مستشفيات الشمال، ولم يسمح له بالوصول إلى شمال القطاع.
وأفادت مصادر من الأهالي أن قوات العدو المتوغلة تطلق النيران على كل من يتحرك في شوارع المدينة ما يهدد الآلاف بالموت جوعاً، والجوع أحد أقوى أسلحة العدو التي مارسها ضد أهل غزة من اليوم الأول لعدوانه عليهم حيث “الموت” فقط خيارٌ وحيد ومتاحٌ بوفرة.!.