ثورة أكتوبر.. بين الأمس واليوم
الصمود||مقالات||عبدالفتاح البنوس
شكلت ثورة الرابع عشر من أكتوبر من العام 1963م، محصلة لقرابة 129عاما من النضال والمقاومة الوطنية في جنوب الوطن الغالي على يد كوكبة المناضلين الأحرار وفي مقدمتهم المناضل الثائر راجح غالب لبوزة والذين قارعوا المحتل البريطاني بكل شجاعة وإقدام ، وسطروا الملاحم البطولية ، التي ترفع لها القبعات ، من على جبل شمسان وجبال ردفان قاد الثوار الأحرار من أبناء المحافظات اليمنية الجنوبية التي كانت تعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، تفجرت براكين الغضب الشعبية ضد المحتل الغاصب والذي كان في أوج قوته وتسلطه وجبروته ، ولكن قوة العزيمة والإرادة التي تحلى بها الثوار ، والمسنودة بدعم الثوار الأحرار في المحافظات الشمالية ، أدخلت المحتل البريطاني في حالة من الإحباط ، بعد أن أدرك حجم الخسائر التي يتكبدها على أيدي الثوار ، الذين نجحوا في جره إلى حرب استنزاف طويلة الأمد ، وعلى وقع ضرباتهم الموجعة وجد المحتل البريطاني نفسه في كماشة من الصعب عليه الخروج منها ، ليجد نفسه مضطرا للرحيل من الجنوب يجر أذيال الهزيمة في 14 أكتوبر 1963، على وقع هتافات الثوار ( برع يا استعمار برع من أرض الأحرار برع) ، ليبدأ اليمن بذلك مرحلة جديدة في ظل الثورة توجت بالاستقلال التام في 30نوفمبر 1967برحيل آخر جندي بريطاني من اليمن .
واليوم ونحن نحتفل بالذكرى 61لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، والتي تحل علينا والمحافظات اليمنية الجنوبية ترزح تحت وطأة المحتلين الجدد (السعودية والإمارات ) الذين نجحوا في شراء الذمم وكسب ولاء العملاء من القيادات المحسوبة على أبناء المحافظات الجنوبية ، وتاجروا بالجنوب وبالسيادة اليمنية في المحافظات اليمنية الجنوبية التي باتت محتلة من قبل المحتل السعودي والإماراتي ، بعد أن تقاسموا النفوذ ، وبسطوا سيطرتهم عليها ضمن المشروع الاستعماري الجديد الذي يستهدف اليمن ووحدته ومقدراته ، والغريب هنا أن يتشدق هؤلاء العملاء بثورة 14أكتوبر وهم من فتحوا الجنوب على مصراعيه أمام السعودية والإمارات لإحتلاله والهيمنة عليه ، في واحدة من صور الاستعمار الجديد الذي لا يقل قبحا ووقاحة عن المحتل البريطاني البغيض الذي يسعى اليوم من خلال أدواته القذرة للعودة بالجنوب إلى ما قبل ثورة 14أكتوبر، مستغلا حالة الفرقة والانقسام والتشظي التي عليها القوى الجنوبية والتي نجح المحتلون الجدد في تفكيكهم وزرع الفرقة والخلافات فيما بينهم ، وإدخالهم في دوامة من العنف والصراعات الدموية التي راح ضحيتها العديد من الأبرياء والمغرر بهم .
وأمام هذا الواقع المزري وهذا الوضع المؤلم جدا ، وبعد أن وصلت الأوضاع في المحافظات الجنوبية إلى ما هي عليه من ترد في الجوانب الأمنية والاقتصادية والمعيشية وفي ظل الأزمات التي تطحن الأهالي نتيجة السياسة العقيمة التي تنهجها حكومة السفير السعودي ، مع غياب أي بوادر إيجابية لتصحيح هذه الاختلالات ومعالجة هذه الأوضاع ؛ فإن الأمر يتطلب صحوة جماهيرية واسعة من قبل أبناء المحافظات الجنوبية ، تعيد الأمور إلى نصابها ، وتسمي الأشياء بمسمياتها ، وتضع النقاط على الحروف ، قبل أن يستفحل الوضع ، ويقع الفأس على الرأس ، حينها ستكون المعالجات معقدة ومكلفة جدا وغير مضمونة النتائج وهو ما يسعى إليه المحتلون الجدد ويعملون من أجله .
يجب أن يثور الشارع اليمني في المحافظات الجنوبية المحتلة على المحتلين الجدد وأدواتهم وأذرعهم ، يجب أن يخرج عن صمته ، لا مجال للدعممة والصمت والفرجة واللامبالاة ، فالعواقب ستكون وخيمة ، اليوم السعودية توسع من نفوذها وتذهب لدعم أدواتها من أجل الحصول على أكبر نسبة من المكاسب والفوائد ، وفي ذات السياق تسير الإمارات وبوتيرة عالية جدا، والكل يتفرج وهذا غير منطقي على الإطلاق ، على أبناء المحافظات الجنوبية اليوم استشعار المسؤولية والاستفادة من تاريخ الآباء والأجداد الذين قادوا مسيرة النضال والمقاومة ضد المحتل البريطاني بكل هيبته ورهبته التي كانت سائدة في تلكم الحقبة الزمنية ، أما السعودية والإمارات فهما مدعاة للعار والخزي ، ولا يليق بأي يمني حر غيور على أرضه وعرضه وشرفه أن يرضى على نفسه بأن تكون أرضه تحت الاحتلال السعودي والإماراتي .
ما الذي سنقوله لأولادنا ؟!! أيعقل أن نقول لهم إن مملكة المنشار ، وإمارات الزجاج والتصهين احتلت أجزاء من يمننا الحبيب ؟!! لا والله ، آن الأوان بأن نسلك مسلك ثوار أكتوبر المجيد في مقارعة قوى الاحتلال وأدواتهم الرخيصة ، يجب أن يتحرك الجميع لتطهير المحافظات الجنوبية من دنس هؤلاء الأنجاس ، والحذر كل الحذر من التراخي تجاههم، والتماهي مع أكاذيبهم ووعودهم الوردية التي أثبتت الأيام زيفها وخداعها ودجلها ، ما من خير لليمن واليمنيين من السعودية والإمارات ، لا مقام للحاكم بأمره السعودي والإماراتي ، ولا بقاء لأي جندي سعودي أو إماراتي على الأرض اليمنية الطاهرة ، على الأقل وفاء لتضحيات أبطال المقاومة والثورة الذين رووا بدمائهم الطاهرة ثرى هذا الوطن الحبيب وهم يقارعون المحتل البريطاني البغيض في جنوب الوطن الغالي.