صمود وانتصار

تجاذب أميركي – روسي حول اليمن: موسكو تحذّر من انفلات التصعيد

رفضت روسيا، المساعي الأميركية لتحييدها في الملف اليمني. وبالتوازي مع تجديد واشنطن اتهامها لموسكو بدعم حركة» أنصار الله» بالصواريخ الباليستية والمجنّحة، أكدت مصادر سياسية مقربة من الحكومة الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي في مدينة عدن، لـ»الأخبار»، وصول وفد روسي رفيع المستوى إلى عدن، برئاسة مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر كينشاك. وأشارت إلى أن الوفد الروسي حمل رسائل شديدة اللهجة أكدت رفض موسكو كل المساعي الأميركية الهادفة إلى تقويض مساعي السلام في اليمن. وفي الإطار نفسه، قالت وسائل إعلام تابعة للحكومة في عدن، إن الوفد الروسي التقى رئيس «المجلس الرئاسي» الموالي للسعودية، رشاد العليمي، وأكد دعم موسكو للجهود الرامية إلى وقف الحرب واستعادة مسار السلام، معتبراً أن التصعيد الداخلي أمر مرفوض.

وأتت هذه الزيارة بعد ساعات من وصول وفد أوروبي رفيع المستوى إلى المدينة. وشدّد الوفد الأوروبي، خلال لقاءاته، على ضرورة الحفاظ على التهدئة التي يشهدها اليمن منذ نيسان 2022، وأكد أهمية التزام الأطراف اليمنية باتفاق التهدئة الاقتصادي الموقّع بين صنعاء والرياض في تموز الماضي. ووفقاً لوكالة «سبأ» للأنباء التابعة لحكومة عدن، دعا سفراء الاتحاد إلى دعم الجهود الأممية التي يبذلها المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، والدفع نحو إحداث اختراق جديد في مسار السلام.
وكانت الولايات المتحدة وروسيا قد تبادلتا الاتهامات بشأن التصعيد في البحر الأحمر. وجاء ذلك خلال جلسة لمجلس الأمن لمناقشة الوضع في اليمن، عُقدت مساء أول من أمس، وقدّم فيها المبعوث الأممي الإحاطة الدورية للمجلس. وجدّد ممثل الولايات المتحدة، روبرت وود، أثناء الجلسة، اتهام روسيا بطريقة غير مباشرة بدعم «أنصار الله» بصواريخ باليستية أسرع من الصوت ومضادة للسفن، وقال إن هناك تقارير تشير إلى نيّة الروس تسليح الحركة في اليمن، بالتوازي مع حديث عن مفاوضات عبر تجار أسلحة مرتبطين بالكرملين، ملمّحاً إلى وجود خطة أميركية تهدف إلى إعادة الحصار البحري على ميناء الحديدة. وطالب وود مجلس الأمن بتشديد الرقابة على الواردات التي تصل إلى ميناء الحديدة، وفرض قيود جديدة تحول دون تزويد حركة «أنصار الله» بالأسلحة. وتابع: «بالإضافة إلى ذلك، ينبغي لهذا المجلس أن يتخذ خطوات لتعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقّق والتفتيش. هذه الآلية ضرورية لوقف تدفق الأسلحة إلى الحوثيين».
وفي المقابل، أشار المندوب الروسي، فاسيلي نيبينزيا، إلى أنه «يمكن تحقيق الاستقرار الحقيقي للوضع في المياه المتاخمة لليمن؛ من خلال الضغط على أعضاء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا، والذي يهاجم أراضي هذا البلد بشكل عشوائي». واعتبر أن رغبة ممثلي العديد من الدول الغربية «في دق ناقوس الخطر بشأن مشاكل موظفي الأمم المتحدة في اليمن، تتناقض بشكل حاد مع رد فعلهم بشأن موظفي المنظمة الدولية في قطاع غزة»، والذين يتعرضون لهجمات جيش الاحتلال الإسرائيلي. كما جدّد موقف روسيا الثابت في ما يتعلق بدعم سلامة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن والمياه الأخرى.
وكان غروندبرغ قد حذّر، في إحاطته لمجلس الأمن، من انزلاق الأوضاع في اليمن إلى مزيد من التصعيد بسبب التطورات في المنطقة، وأكد أن اليمن أصبح جزءاً لا يتجزأ من التطورات الإقليمية، في حين نبّه رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، الجنرال المتقاعد مايكل بيري، إلى تصاعد التوترات في محافظة الحديدة، بسبب التصعيد الإقليمي. وقال لمجلس الأمن إن موانئ المحافظة، التي تُعد حيوية لملايين اليمنيين، تعمل، ولكنها معرّضة للخطر. وسلّط بيري الضوء على الاستقرار الهش، والغارات الجوية الأخيرة التي تهدّد البنية التحتية الرئيسية في المحافظة. ودعا إلى خفض التصعيد بشكل عاجل، وتقديم الدعم الدولي لحماية الجهود الإنسانية.

رشيد الحداد