صمود وانتصار

إعلام النظام السعودي يفرح لاستشهاد السنوار .. انكشاف عورة التطبيع

الصمود||تقرير||أحمد داود

تواصل المملكة العربية السعودية عبر أبواقها الإعلامية مسار الإسناد الواضح للكيان الصهيوني في هذه المعركة الفاصلة بتاريخ الأمة.

وعقب تسريع عمليات التطبيع الخليجية مع الاحتلال الصهيوني بتوقيع اتفاقات “أبراهام” في عام 2020م، زاد الإعلام الخليجي من هذا العداء لفصائل المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة حماس، ووقف الإعلام السعودي بجلاء وبشكل واضح لا لبس فيه مع العدو الصهيوني في كل مراحل العدوان على غزة، مستخدماً العديد من الأساليب المشوهة لصورة المقاومة، والمثبطة لها، وتحميلها مسؤولية كل ما يحدث في فلسطين المحتلة.

ومع هذا المسار، كانت الحقائق تتضح يوماً بعد آخر حول هوية هذا الإعلام السعودي، والذي يصفه الكثيرون “بالإعلام العبري”، لكن ما أثار انتباه الكثيرين الذين لم تتضح لهم الصورة أكثر هو حالة التشفي المبالغ بها عبر وسائل الإعلام السعودية بعد استشهاد القائد المناضل يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

لقد ظهر الإعلام السعودي عبر تغطيته لهذا الحدث صهيونياً بامتياز، متبنياً السردية الإسرائيلية، ومباركاً للعدو الإسرائيلي ما وصفه “بالإنجاز الكبير” في التخلص من “إرهابيين” فلسطينيين في غزة، وهو ما أثار غضباً واسعاً في المنطقة العربية، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلين: لماذا هذا الطرب الكبير في السعودية حول استشهاد القائد السنوار؟ وما الذي فعله بهم الشهيد يحيى السنوار حتى يتم التعاطي مع استشهاده بهذا السفه والانحطاط الكبير؟

صحافة صفراء

أبرز وسائل الإعلام السعودية التي انحدرت إلى مستوى السقوط المهني هي قناة العربية التي تبنت الرواية الصهيونية من أولها إلى آخرها في نقل مشهد استشهاد السنوار، إضافة إلى صحيفة عكاظ السعودية التي نشرت تقريراً تم تضمينه في غلاف الصحيفة، وكان مثيراً للاشمئزاز، فقد كتبت عنواناً: “إسرائيل تلحق السنوار بهنية.. حماس بلا رأس” أعربت فيه عن نوع من الاحتفاء باستشهاد القائد يحيى السنوار.

وتولت صحيفة “الشرق الأوسط” مهمة تشويه حماس عبر مقالات كتابها وأخبارها وتقاريرها، وروجت لانتصار الكيان الصهيوني، وأن حماس لم تستفد شيئاً من الحرب إلا تدمير غزة.

وعلى خط مواز، بثت قناة MBC السعودية، تقريراً تحت عنوان “ألفية الخلاص من الإرهابيين”، وذكر التقرير مجموعة من الشخصيات من بينها مؤسس القاعدة أسامة بن لادن، وشخصيات أخرى من قادة القاعدة، إضافة إلى رئيس حركة حماس الشهيد يحيى السنوار، وسلفه الشهيد إسماعيل هنية، وورد أيضاً ذكر قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي الشهيد أبو مهدي المهندس، إضافة إلى الأمين العام لحزب الله الشهيد القائد حسن نصر الله.

ولم تستطع حركة حماس، وهي المكلومة لفقدان قائدها الشهيد يحيى السنوار الصبر، فأصدرت بياناً وصفت فيه هذا التقرير “بالظلامي” و”التحريضي” ضد الحركة وقيادتها، وبأنه “سقوط مهني وإعلامي وأخلاقي”، كما اعتبر هذا التقرير تعبيراً عن “صحافة صفراء”، وطالبت “القناة بحذفه والاعتذار عن الإساءة لقادة المقاومة الذين قدموا أرواحهم من أجل تحرير فلسطين”.

ومع كل هذا الهجوم الإعلامي للمنابر السعودية، أظهر الناشطون السعوديون عبر مواقع التواصل الاجتماعي فرحة عارمة غير مسبوقة لاستشهاد السنوار، وكأنه كان جاثماً على رؤوسهم، في حالة من التشفي المبالغ فيه، والتي تدل على أنهم صهاينة بوجوه عربية.

سخط عارم على المملكة

وعلى عكس ما كان يتمناه الإعلام السعودي بتكريس ثقافة معادية لحركة حماس في المنطقة العربية، وقع الإعلام السعودي والناشطون السعوديون أمام موجة غير مسبوقة في استهدافهم من قبل أحرار الأمة.

واقتحم مئات العراقيين مكاتب قناة “ام بي سي” السعودية في العراق، وقاموا بتحطيم محتويات المكتب وإضرام النار فيه، وذلك على خلفية تقرير وصفت فيه قادة تنظيمات مسلحة بمن فيهم يحيى السنوار وحسن نصر الله بأنهم “إرهابيين”

وظهر في مقاطع فيديو بمواقع التواصل الاجتماعي المحتجين وهم يقتحمون مبنى القناة ويحطمون أثاثها وأجهزتها، وحطموا الحواسيب وأحرقوا قسماً من المبنى.

هذا الغضب الذي تم على أرض الواقع، انتقل سريعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أبدى الناشطون استياءهم للتعاطي السعودي السافر مع استشهاد القائد يحيى السنوار.

 الصحفي والكاتب اليمني عبد القادر عثمان، كتب منشوراً على صفحته في “اكس” قائلاً :” ‏‎احتفلوا باستشهاد السيد حسن نصرالله بحجة أنه شيعي، واحتفلوا باستشهاد القائد إسماعيل هنية وخبر استشهاد القائد يحيى السنوار لأنه سني..هم ليسوا مع الشيعة وليسوا مع السنة.. لأنهم مع الصهاينة”.

مغرد جزائري كتب: “هناك حقيقة ‏‎عندما يستشهد أو يقتل المدافع عن الشرف، حتماً سيفرح فاقد الشرف”.

مصطلحات مائعة

ولم يقف الإعلام السعودي، خاصة قناة “العربية” وصحيفة “الشرق الأوسط”، فقط مع العدوان باستخدام مصطلحات مائعة تصور إبادة غزة على أنها “تصاعد للعنف في الشرق الأوسط”، ولكن سعى هذا الاعلام لبث روح الإحباط بأن غزة انتهت، وعلى قادة حماس تسليم أنفسهم أو مغادرة غزة، برغم أن كل المؤشرات منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى كانت تدل على هزيمة الاحتلال.

أيضاً استخدم الإعلام السعودي مصطلحات “المسلحين” كأنه يستنكف تسمية مقاتلي القسام بأنهم “المقاومين” أو “المجاهدين”.

وسعى الإعلام السعودي إلى ترسيخ فكرة أن “إسرائيل” دولة مسالمة يتم الاعتداء عليها من طرف المقاومة الفلسطينية، وأن هذه التوجهات الجديدة للنظام السعودي في عهد المجرم محمد بن سلمان هي للمزيد من القفز في الحضن الصهيوني”.

وعلى مدى عام كامل من طوفان الأقصى، وما قبله، كان أداء قناة العربية مثيراً للشبهات في تعاملها مع حروب غزة كلها، حيث تبنت وجهة النظر الصهيونية، ونشرت أنباء هدم المنازل وقتل الفلسطينيين على أنها “عنف متبادل”، وتصاعد هذا الدور المشبوه في “طوفان الأقصى”؛ ليصل إلى حد مهاجمة قادة حماس.

وصل الأمر بالقناة السعودية إلى التشكيك في عملية القصف البربري الذي طال المستشفى المعمداني، والذي تسبب في استشهاد ما لا يقل عن 500 من المرضى والمواطنين الموجودين به ساعة القصف، مطالبة بانتظار نتائج التحقيق، رغم أن مراسلي القناة كانوا بالمكان، ثم تبنت الرواية الصهيونية بأن صاروخاً فلسطينياً هو الذي قصف المستشفى لا طائرات “إسرائيل”!

وأمام كل ما سبق، لم يعد خفياً على أحد أن التعاطي الإعلامي السعودي مع الأحداث في غزة، ينسجم تماماً مع الموقف السعودي الرسمي، والذي يرى حركة حماس بأنها “عدو” و “إسرائيل” بأنها صديق، ولهذا يعتقل النظام مسؤولو حماس في المملكة، وكل هذا في استمرار واضح للاندفاع السعودي للتطبيع العلني مع الكيان المؤقت، بما يخدم المصلحة الأمريكية البحتة.