صمود وانتصار

واشنطن تدفع المنطقة إلى حرب إقليمية و”إسرائيل” تنتحر

الصمود||تقرير||

عبثاً يحاول كيان العدو الصهيوني توسيع استهدافاته، مع استمرار اشتعال الجبهات لإيصال رسالة ليس فقط للمقاومة، وإنما أيضا لكل العرب والمسلمين، بأنه في مستوى من القدرات تمكنه من خوض الحرب في كل الجبهات، والحقيقة أنه إنما يسرّع أكثر من حالة التآكل التي يعيشها اليوم، وعليه أن يعي كليًا بأن هذه قناعة راسخة لدى كل محور المقاومة، سواءً أكان بالاستناد إلى سنن الله الثابتة، او إلى المعطيات في الميدان، ومنطق الفعل والنتائج الذي يؤكد أنه يعيش حالة استنزاف واضحة، والاستنزاف لا يقف عند حد المخزون التسليحي أو العنصر البشري الذي يمتلكه ويقاتل به وحسب، بل وحتى على مستوى فرار المستوطنين وهم جزء من المعركة، فقطعانهم تشكل “القاعدة الشعبية” التي تحتل الأرض وتنهب خيراتها من أصحاب الأرض الأصليين، وهذه القطعان هي ما يقوم عليه الكيان في احتلاله للأراضي العربية، لذلك فإن ذهاب عصاباته المسلحة إلى ارتكاب جريمة الاستهداف داخل الأراضي السورية، ليست أكثر من مؤشر على حالة التيه التي يعيشها ليذهب إلى محاولات بائسة بقصد تسجيل نقاط نصر على العرب، ولا نقول فقط على المقاومة.

حسابات انتحارية

ولا تخرج مسألة التلويح أو حتى تنفيذ عملية ضد إيران، عن سياق الحسابات الانتحارية التي وضعها الكيان مع الشيطان الأمريكي على طاولة المؤامرة، فعمل مثل هذا قد يقلب الوضع رأسا على عقب وسيجد الكيان نفسه بعدها في مواجهة أكيدة لمشرط الاستئصال الجذري من المنطقة.

إيران كانت أكدت غير مرة على أن المواجهة بعد أي حماقة يمكن أن يرتكبها العدو، ستختلف تفاصيلها وسيكون الوجع أكبر، وهذا ما أكده المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي الذي قال: “رسالتنا واضحة للغاية وقلنا مرات عديدة أن أي أذى من الكيان الصهيوني سيقابل برد قاطع من إيران، والقرار بشأن كيفية الرد هو أيضًا مسؤوليتنا”.

وقد أثبتت إيران أنها دائما ما كانت عند مستوى التهديد، حيث لا يزال أثر عملية الوعد الصادق 1، والوعد الصادق 2، شاهدا على ذلك.

مبدأ ديني وأخلاقي

وفي سياق تهديد الكيان الصهيوني بنيته استهداف منشآت إيران النووية، فإن التعاطي مع هذا الإجرام لا ينبغي أن ينحصر من إيران فقط، فالمجتمع الدولي والأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، الجميع معني بالتعاطي مع هذا التهديد الذي يكشف خطر الكيان الصهيوني على المنطقة والعالم، لعدم اعتباره لأي تداعيات، أكان لجهة آثار الاستهداف، أو ما يمكن أن يترتب على ذلك من تفجير للوضع، ودخول المنطقة في حرب إقليمية لن يسلم منها حتى الأمريكان حين يتم استهداف مصالحهم وينعكس ذلك على معيشة الداخل الأمريكي.

وإذا كان التوجه الأمريكي بهذه الحماقة هو الضغط من أجل صرف النظر عن دعم الشعب الفلسطيني، فإن المعطيات السابقة خلال العام الأول من طوفان الأقصى، أكدت أن الوقوف إلى جانب الفلسطينيين هو مبدأ ديني وأخلاقي وإنساني ولا يمكن الحياد عنه بهذه المحاولات البائسة لأمريكا و”إسرائيل”، حتى مع استمرار حالة الخذلان من الأنظمة العربية والإسلامية، فإن جبهات محور المقاومة، أخذت على عاتقها مسؤولية نجدة الشعب الفلسطيني بكل ما أوتيت من قوة، وهذا ما أكده شهيد الأمة السيد حسن نصرالله، والسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، كما أكدته المقاومة الإسلامية في العراق بكل ثبات، لذلك فإن مساعي خلق الفوضى في المنطقة لن تنجح في ثني أبناء المنطقة عن مسؤوليتهم.

مغامرة غير محسوبة

ما  تشير إليه المستجدات وأمريكا تتحدث عن تنصيب منظومة “ثاد” الدفاعية لدى الكيان، هو رغبة أمريكا و”إسرائيل” في مغامرة غير محسوبة، تنسف على نحو أكيد كل ادعاءات واشنطن بأنها لا تريد انزلاق الوضع إلى حرب إقليمية، ودائما ما كانت سوابق السياسة الأمريكية تؤكد أن الكذب والمكر والخديعة هو ديدنها في سياستها الخارجية، حتى بحديثها عن حرصها على ضرورة اختيار هدف إيراني مناسب، حسب قولها، فإن ذلك لا يستقيم مع ترتيباتها الحاصلة مع الكيان، إنما مع هذا التوجه على أمريكا أن تقرأ رسائل التصعيد في عمليات جبهات محور المقاومة بذكاء، فكل البدايات كانت مختلفة، سواءً في عمليات اليمن التي فرضت حصارا بحريا خانقا وملموسا على الملاحة الإسرائيلية، ومنعت السفن الأمريكية والبريطانية من المرور عبر البحر الأحمر، ووصلت بمراحلها التصعيدية إلى المرحلة الخامسة التي كان شعارها بأن يافا أو ما يسمى بـ “تل أبيب” لم تعد منطقة آمنة، أو في عمليات المقاومة الإسلامية في العراق التي تصاعدت بشكل ملحوظ وباتت عملياتها شبه اليومية تستهدف مناطق مختلفة من داخل الكيان، أو في عمليات حزب الله الذي يسطر أبطاله يوميا ملاحم الفداء والبسالة ويُجرعون العدو الكثير من الويلات، ولا يزال عدّاد صرعى الاحتلال يحصي عدد قتلى العدو من المجندين والضباط على أيدي أبطال الحزب.

دول التماهي

رسائل ما يجري من فوضى، من المهم أيضا على دول المنطقة قراءته بتعقل، وخصوصا دول التماهي الخليجية التي تقع عليها مسؤولية كبيرة في حفظ أمن المنطقة، والتي ستكتوي بكل تأكيد بنيران أي فوضى أمنية يجري التحضير لها من قبل أمريكا وإسرائيل، وهو ما أكد عليه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في حسابه الشخصي بمواقع التواصل الاجتماعي، “بأن الحفاظ على أمن المنطقة وحمايته من الشرور المزعزعة للاستقرار التي يمارسها كيان الاحتلال الإسرائيلي هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع”، و”أن عواقب أي انفلات أمني ستطال جميع دول المنطقة وإن كان يأمل من هذه الدول بأنها لن تسمح أبدًا بأن يتم الهجوم على أي دولة أخرى في المنطقة من خلال أراضيها”.