صمود وانتصار

سوق الخميس .. بوابة إلى عالم الاكتفاء تنشد الانفتاح على الأسواق المحلية

الصمود||تقرير|| يحيى الربيعي

زيوت وعطور وصابون وشطة خاماته من خيرات “البلدة الطيبة”.. منتج يحكي حكاية انتماء لكفاح أسرة

بنيان: تمكنا من تدريب أكثر من 6647 أسرة في مختلف المجالات، مع التركيز على تحسين جودة منتجاتهن

 

جمعية معين: من خلال دعم المنتجات المحلية، يمكن للفئات المختلفة من المجتمع المساهمة في تحقيق التغيير الإيجابي وتعزيز الاستقلال المالي للأسر

أم عبد القادر: خبرة ثمان سنوات في استخراج الزيوت والعطور الطبيعية ومستحضرات طبية من خيرات نباتات أرضنا الطبية والعطرية

عمر الأكوع: التسويق ليس مجرد أداة لجذب العملاء، بل هو عامل حاسم لتوسيع نطاق الأعمال وزيادة نسبة التأثير في السوق

وفاء مبارك: كل دعم من المجتمع يعزز الإبداع ويمنح الحرفيين مثلها الفرصة للازدهار في السوق

في مواجهة عالم مليء بالتحديات، تتسلح الأسر المنتجة بطموحات وإرادة قوية، وفي “ساحة سوق الخميس بمديرية التحرير بأمانة العاصمة صنعاء”، تبرز نماذج تجسد قصص الكفاح والإبداع من خلف جدران الإبداع. هنا، يتم تسويق إبداعات هذه الأسر من منتجات محلية، خاماتها مُستخلَصة من خيرات الطبيعة اليمنية.

يمثل السوق مهرجانًا تفاعليًا حيويًا يُتيح للزائرين الطواف بين خيامه، حيث يستمتعون بتجربة تسوق فريدة، ومع كل قطعة يكتشفون حكاية خاصة، تُرسم في قطع فنية أو معجنات لذيذة، أو مخللات وزيوت ومستحضرات طبية صنعت بأيادٍ يمنية مفعمة بالشغف.

تحت ظلال الخيام، تسعى مؤسسة بنيان التنموية باجتهاد لتمكين الأسر المنتجة وتعزيز قدراتها، مما يجعل هذا السوق منصة حقيقية للظهور والتطلع نحو المستقبل رغم الصعوبات.

في كل زاوية، توجد قصة ملهمة تعرض إبداعًا يبني أملًا جديدًا، لتصبح كل عبوة من المنتجات رمزًا للمثابرة والتفاؤل الذي ينمو في قلب اليمن، ومن تلك القصص اخترنا لكم هذه لتسليط الضوء على رحلة الإبداع والإصرار.

اللبنات الأولى والدور البنيوي للداعمين

سوق الخميس منارة الأمل والحياة، حيث تجتمع الأسر المنتجة تحت سقف واحد، يجسد جميعها تعبيرًا عن الصمود والابتكار.

كل خميس، يزدحم السوق بالألوان والروائح الفريدة لمنتجات يدوية أُنتجت بحب وإخلاص، وفي دوامة هذه الحركة النابضة، تقف أ. يسرى المطاع، مسؤولة سوق الخميس بمؤسسة بنيان التنموية، لتروي قصة تُظهر كيف أن هذه الجهود ليست مجرد فعاليات تجارية، بل هي جزء من حركة شاملة تهدف لتحسين جودة حياة الأسر اليمنية.

تؤكد يسرى أن مؤسسة بنيان لا تدخر جهدًا في دعم المشاريع الصغيرة والأصغر، حيث أسست أولى لبنات هذا الدعم في اليمن من خلال تسخير الموارد، وتوجيهها نحو تنمية المنتجات المحلية.

وتقول يسرى، مشيرةً إلى ورشة العمل الأخيرة التي أُقيمت في أغسطس بمشاركة وزارة الاقتصاد والهيئة اليمنية للمواصفات: “لقد عملنا بجد على مدار السنوات السبع الماضية لتوفير ورش عمل وفعاليات تسويقية، جمعنا فيها الأسر المنتجة مع الجهات المختصة، لنقف معًا على احتياجاتهم.”

وتبين قائلةً: “مرتكزةً على فهمٍ عميق للأهمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه المشاريع، طوّرت مؤسسة بنيان دراسات جدوى اقتصادية لمختلف منتجات الأسر، بما في ذلك معامل إنتاج البسكويت والألبان والصلصات. مؤكدةً “العمل على رؤية واضحة، حيث أن كل منتج يُصنع محليًا يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني ويدعم عائلات كثيرة”.

وتضيف: لقد استطاعت المؤسسة أن تحقق إنجازات ملحوظة، إذ تم توعية أكثر من 10,859 شخصًا وتدريب 6,647 أسرة على تحسين جودة الحياة بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي والتدبير المنزلي. “نحن نؤمن بأهمية المنتجات المحلية، ولهذا وزعنا الدعم على أكثر من 11,844 أسرة في أمانة العاصمة”.

وتوضح أن الجهود لم تكن محصورة فقط في السوق، بل اهتمت المؤسسة بالتعاون مع الهيئة اليمنية للمواصفات والتأكد من أن المنتجات المعروضة تتماشى مع معايير الجودة. “هذه الشراكات تضمن أن ما تقدمه الأسر من منتجات يمكن أن ينافس في الأسواق، وهذا ما يجعلنا نفخر بإنجازات هذه الأسر”.

تستمر فرص التسويق في الازدهار، فآخر ما حققته المؤسسة برعاية اللجنة الزراعية والسمكية العليا، هو إنشاء مساحة تسويقية في سوبر ماركت الجندول تحت اسم “جناح المنتجات المحلية”.

هذا الجناح يُبرز المنتجات المحلية، شرط أن تكون المواد الخام محلية، وهو ما يعدّ خطوة مهمة نحو تعزيز الوعي بفوائد المنتجات المحلية وتعزيز التعاون بين العملاء والمنتجين.

وفي كل مهرجان وفعالية تشارك فيها مؤسسة بنيان وشركاء التنمية في القطاعات الحكومية والمجتمعية والقطاع الخاص، يظهر تواجد الأسر المنتجة بشكل بارز، كدليل على العمل الجاد والجهود الدؤوبة التي بذلتها الأسر في تطوير منتجاتها، فالمستقبل يبشر بالأمل، ويقول الجميع في السوق بعبارات الإجلال: “هذا هو الوقت الذي نُظهر فيه للعالم أن الإنتاج المحلي ليس فقط حياة، بل هو مادة فخرٍ كبيرة”.

سوق الخميس، وما يحمله من قصص ومبادرات، يمثل رمزًا لمواجهة التحديات، ويجسد إرادة أسر عازمة على الاستمرار في العمل وبناء حياة أفضل للحاضر وللأجيال القادمة.

أماكن معلومة وعلامات تجارية مسجلة

أم عبد القادر حسين بدأت تحكي لنا قصة نجاحها بكل فخر وحماس. تقول: “أنا جايبلكم خبرتي من ثمان سنوات في مشروعين، واحد اسمه “الأيادي المبدعة” والثاني “قطوفها دانية”.

الأول يركز على إنتاج منتجات بجودة عالية، والآخر يستغل ثروات أرضنا اليمنية وعشبه المختلف”.

تتذكر أم عبد القادر كيف بدأت رحلتها، وتقول: “كانت الأمور صعبة تحت العدوان والوضع الاقتصادي المتعثر، لكن الإبداع جاء من وسط المعاناة، فعام 2015 كان نقطة التحول، فقد شرعنا نفكر في كيف نستخرج الزيوت والعطور الطبيعية والمستحضرات الطبية من النباتات الطبية والعطرية، وهذا كله علشان نقدر ندبر حالنا بعد توقف الرواتب”.

توضح كيف أن الشغف والعمل الجاد دفعا بها لتجاوز الصعوبات، وتؤكد: “اليوم نصنع أدوية طبيعية ونأخذ شهادة الجودة من الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس، عندنا الكريمات بشمع العسل، و64 نوع من الزيوت الطبيعية، منتجات اكتسبت ثقة السوق”.

لكن رغم هذا النجاح، تواجهها تحديات، تقول: “عندنا اعتماد كبير على العمل اليدوي وطرق تقليدية، وكل ما نحتاجه هو معامل حديثة لدعم الإنتاج، عندنا طموح في أن نعمل في ظل مؤسسة وطنية تدعم الاقتصاد المحلي، خاصة في قطاع الأدوية”.

المشاريع الصغيرة التي بدأت بها تعتمد على العمل اليدوي، لكنها تأمل في استغلال غنى بلادها بالنباتات الطبيعية، حيث تشير إلى أن “اليمن تمتلك أكثر من 5 آلاف نوع من الأعشاب الطبية” وتستمر أم عبد القادر في الحديث: “بفضل الله ثم دعم القيادة الثورية والسياسية، قدرنا ننطلق من خلال سوق الخميس بمساعدة مؤسسة بنيان التنموية، والآن نسعى لفتح صيدلية عشبية، رغم أن الطريق مليء بالتحديات”.

تذكر أن منتجاتها حققت إقبالًا كبيرًا، حيث تأتي لها طلبات من كل أنحاء اليمن، ولكنها تشدد: “ما زلنا بحاجة لمساعدات من مؤسسات تجارية تشتري منتجاتنا لدعم مشروعنا وتحويله لمعامل محترفة، وزارة الاقتصاد وهيئة المواصفات والمقاييس والهيئة العامة للأدوية مستعدين يساعدونا، لكننا نحتاج أماكن معلومة وعلامات تجارية مسجلة”.

أم عبد القادر تجد في مؤسسة بنيان الدعم الفعلي: “هم الجهة الوحيدة اللي واقفه معانا، بدأوا يدعمونا منذ البداية وفتحوا لنا معرض دائم في شارع بغداد، كمان وفروا لنا تدريبات على المهارات المهنية والتسويق، وهذا ساعدنا نروج لمنتجاتنا بشكل أفضل”.

ومن خلال كل التحديات والإنجازات، تبقى أم عبد القادر متمسكة بإرادتها، طموحها واضح وقوي، وفي قلبها أمل كبير بفكرة جديدة، تحلم بالتوسع وتحقيق الإنجازات لأسرها المنتجة ولبلدها.

تجربة مركز خيرات التابعة لمؤسسة بنيان تعكس كيف يمكن للدعم المجتمعي أن يحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الأسر المنتجة، فمن خلال التدريب والتأهيل المهني، تمكن العديد من الأفراد من إنشاء مشاريع صغيرة تمكنهم من الاعتماد على أنفسهم وتعزيز مستويات دخلهم.

ولكن، كما تشير إلى ذلك، فإن التحديات الاقتصادية التي نتجت عن العدوان والحصار أدت إلى ضعف القدرة الشرائية لدى الزبائن، ففي ظل الظروف الصعبة، يفضل الكثير من الناس التركيز على الاحتياجات الأساسية، مما ينعكس سلبًا على مبيعات المنتجات التي تتعلق بالاحتياجات الثانوية مثل مستحضرات التجميل والعطور.

وفي ظل هذه الأوضاع، فإن السير نحو تحقيق استقرار في تسويق المنتجات يُعد أمرًا ضروريًا لتوسيع قاعدة العملاء. التواصل مع المؤسسات التجارية الكبرى والمولات ومراكز البيع لتوسيع نطاق انتشار منتجاتهم يعتبر خطوة حيوية، ويمكن لهذا الدعم المساعدة في اجتذاب زبائن جدد وتحقيق نتائج إيجابية على صعيد المبيعات.

كما أن الدعم الحكومي الذي تتمتع به منتجات الأسر المنتجة، يمكن أن يعزز من القدرة التنافسية للمنتجات المحلية ويزيد من الإقبال عليها، فحين يواجه التجار صعوبة في شراء المنتجات الأجنبية ويكتشفون الجودة العالية للمنتجات المحلية، فإن ذلك قد يغير رأيهم ويحفزهم على تفضيل المنتجات اليمنية.

أيضًا، التأكيد على أهمية وجود جهة وسيطة أو منصة تضمن حركة التبادلات التجارية بفعالية يمكن أن يحل العديد من المشكلات المتعلقة بالالتزامات المالية من قبل العملاء، كما أن مكافحة ظاهرة تأخر الدفع يمكن أن يساعد على استقرار الأعمال ويمنحها القدرة على التخطيط للمستقبل.

إن البحث عن الدعم بالتنسيق مع مؤسسات تجارية تحترم وتساعد على تعزيز المشاريع المحلية سيكون له تأثير كبير على استمرارية هذه المشاريع، ومن خلال هذه الشراكات، يمكن للأسر المنتجة الاستفادة من تقنيات جديدة وأساليب مبتكرة ترفع من جودة منتجاتها، مما يساعدها بشكل كبير على تحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة الإنتاج.

تظل التوقعات والإيمان بإمكانيات النجاح موجودة، فالالتزام بالعمل والابتكار، مصحوبًا بالدعم المناسب، سيمكنهم من تجاوز العقبات وتحقيق أهدافهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتحقيق النجاح المستدام.

التسويق عامل حاسم لتوسيع نطاق الأعمال

تجربة عمر أحمد الأكوع من خلال مشروع “ببلز” لصناعة الصابون والزيوت الطبيعية تعكس الروح الإبداعية والمرونة التي تحتاجها المشاريع الصغيرة للنجاح في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، حيث بدأت رحلته في وقت عصيب، ومع ذلك تمكن من تحويل الصعوبات إلى فرص، مستفيدًا من خبرات النازحين السوريين لصنع منتجات طبيعية عالية الجودة.

تسليط الضوء على أهمية تسويق هذه المنتجات يعكس فهمًا عميقًا للأسس التي تقوم عليها أي شركة ناجحة، فالتسويق ليس مجرد أداة لجذب العملاء، بل هو عامل حاسم لتوسيع نطاق الأعمال وزيادة نسبة التأثير في السوق، ومن الواضح أن نقص التمويل والموارد يشكل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق الأهداف التسويقية.

إن فكرة إنشاء سوق أسبوعي يحتفي بمنتجات الأسر المنتجة تمثل خطوات إيجابية نحو دعم هؤلاء الأشخاص وتمكينهم من تحقيق دخل إضافي، فزيادة عدد أيام العمل في السوق لن يساهم فقط في دعم الأسر، بل سيساهم أيضًا في تعزيز العلاقات بين المنتجين والمستهلكين، مما يعزز من قاعدة العملاء.

توسيع نقاط البيع في المواقع الاستراتيجية مثل الأسواق الكبرى والسوبر ماركت يعد ضرورة ملحة، فالعمل على إقناع هذه الجهات بتخصيص رفوف خاصة للمنتجات المحلية لن يساعد فقط في زيادة الوعي حول أهمية دعم الإنتاج المحلي، بل سيعزز أيضًا من قدرة تلك الأسر على المنافسة في السوق.

علاوة على ذلك، فكرة إنشاء منصات إلكترونية للبيع تمثل خطوة مبتكرة للارتقاء بتسويق المنتجات، فمن خلال هذه المنصات، يمكن الوصول إلى شريحة واسعة من الجمهور وتحقيق مبيعات إضافية.

زيادة الوعي لدى المستهلكين بأهمية دعم الإنتاج المحلي سيكون له تأثير إيجابي كبير، فمن خلال المبادرات التسويقية المدروسة، يمكن تشكيل ثقافة جديدة تدعم المنتجات المحلية وتعزز من الاقتصاد الوطني.

كما أن الضغط على الجهات المعنية لتوفير الفرص المناسبة للأسر المنتجة أمر بالغ الأهمية، فوجود هذه الأسر في السوق لا يعزز جودة المنتجات فحسب، بل يساهم أيضًا في بناء مستقبل أفضل للمشاريع الصغيرة، ما يجعلهما عنصرًا حيويًا في دفع عجلة الاقتصاد المحلي نحو الأمام.

من الهوايات إلى المشاريع الناجحة

تحكي وفاء علي حسن مبارك قصة ملهمة تجسد التفاني والشغف في عالم الأعمال اليدوية، حيث تمكنت من دمج حبها للفن مع الحرف اليدوية لتقديم إبداعات فريدة من نوعها، رغم الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد وقلة قدرة المواطنين الشرائية للكماليات، فإن شغفها لم يتقلص، بل ازدادت رغبتها في الإبداع والتعبير عن نفسها من خلال التطريز والنقش والنحت.

تظهر وفاء بدقة كيف يمكن للهوايات أن تتحول إلى مشاريع ناجحة، حيث بدأت مشوارها من استخدام المواد البسيطة مثل أسلاك الكهرباء وعلب البلاستيك لتصميم أعمال فنية، وكان لدعم أفراد أسرتها لها تأثير كبير على مسيرتها، مما يعكس أهمية الدعم العائلي في تحقيق الطموحات.

تحديات البحث عن المواد اللازمة إحباط ظل يرافقها وكاد أن يمنعها من التقدم، إلا إصرارها على النجاح، زاد من تطورها المهني، كما أن استخدام الإنترنت كأداة لتعلم المهارات الجديدة أظهر مدى إصرارها، رغم أنها تأمل في المزيد من الفرص التعليمية بالتعليم المباشر محليا، خاصة في مجال تقنيات صهر المعادن.

فيما يتعلق بالتسويق، فإن إطلاق صفحة على فيسبوك يشكل خطوة جيدة للتواصل مع جمهور أوسع، ومع ذلك، تعبر وفاء عن حاجة ماسة للمزيد من الفرص والمعارض الدائمة لعرض منتجاتها، وهو نداء يتردد صداه في أوساط العديد من الحرفيين الذين يطمحون لتسويق إبداعاتهم.

تسليط الضوء على أهمية سوق الخميس، ودور مؤسسة بنيان التنموية في دعم الأسر المنتجة هو جانب أساسي يساهم في تعزيز الوعي بالمشاريع المحلية، ولكن، قلة الفعاليات قد تكون عائقًا لتوسع هذه المنتجات، مما يستدعي ضرورة تحسين جدولة الفرص لتسهيل الوصول إلى الزبائن.

تنشد وفاء دعم المنتجات المحلية، وضرورة فتح المزيد من الفرص للمواهب المحلية، مؤكدة أن كل دعم من المجتمع يعزز الإبداع ويمنح الحرفيين مثلها الفرصة للازدهار في السوق.

إن العمل معًا لدعم هذه المبادرات من شأنه أن يساهم في تحقيق تقدم كبير في مجال الفنون والحرف اليدوية وأن يخلق بيئة تشجع على الابتكار والإبداع.

النجاحات تواجه تحديات كبيرة

تُعتبر جمعية معين للأسر المنتجة نموذجاً ملهمًا لمبادرات دعم الاقتصاد المحلي، حيث تسلط (مندوبة الجمعية إلى سوق الخميس، والتي فضلت عدم ذكر اسمها) الضوء على أهمية تمكين الأسر وتعزيز قدرتها على الاكتفاء الذاتي، وذلك من خلال التدريب الشامل الذي تقدمه الجمعية، ما أسهم في تحسين الوضع الاقتصادي لأكثر من 300 أسرة على مستوى أحياء مديرية معين، ولها امتداد في تأهيل أسر في مديرية مجاورة كالثورة، مما يؤكد على تأثيرها الإيجابي في حياة الأفراد والمجتمع بشكل عام.

تقدم الجمعية التدريب في إنتاج مواد غذائية متنوعة مثل الشطة والطحينية والعصائر، مما يلبي احتياجات المجتمع ويعزز من جودة المنتجات المحلية، وهذا الدعم لا يقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، بل يساهم أيضاً في رفع وعي المجتمع بأهمية الجودة والتسويق للمنتجات المحلية، مما يعزز الفخر بالإنتاج المحلي ويوفر فرص عمل جديدة.

لكن، على الرغم من النجاحات المحققة، تواجه الجمعية تحديات كبيرة، أبرزها نقص المواد الخام وصعوبة الحصول عليها، بالإضافة إلى ذلك، المنافسة مع المنتجات المستوردة تُشكل عائقًا أمام نمو هذه المنتجات المحلية، هذه التحديات تتطلب استراتيجيات تسويقية قوية وابتكارية لضمان وصول المنتجات إلى المستهلكين.

يظهر دور الجمعية في تعزيز مهارات الأسر في التسويق والترويج لمنتجاتهم بشكل فعال، من أجل جذب المزيد من المتسوقين المحليين، كما أن التعاون مع المؤسسات المحلية يمكن أن يكون له تأثير كبير في توفير المواد الخام اللازمة، مما يساعد على زيادة القدرة الإنتاجية للأسر.

بالنظر إلى المستقبل، تبرز أهمية تعزيز التعاون بين جميع أفراد المجتمع لدعم تلك الجهود، من خلال دعم المنتجات المحلية، ويمكن للفئات المختلفة من المجتمع المساهمة في تحقيق التغيير الإيجابي وتعزيز الاستقلال المالي للأسر. لكل يمني غيور على وطنه دور في بناء مستقبل مشرق للأسر المنتجة والمبدعة، فالتكاتف والتعاون سيعود بالنفع على الجميع ويعزز من روح الإبداع والعمل الجماعي في جميع أنحاء اليمن.

مستقبل مشرق بتكاتف الجميع

في ضوء النجاحات التي حققتها الأيادي المباركة على كافة الأصعدة، آنفة الذكر، والتزامها بتحسين الوضع الاقتصادي للأسر، تبرز أهمية تعزيز هذه المبادرات بمشاركة أوسع من المجتمع، فالمستقبل سيبدو مشرقًا وواعدًا، شريطة أن نولي اهتمامًا أكبر لهذه المشاريع ونتبنى نظرة شمولية تساهم في فتح أسواق جديدة لمنتجات الأسر.

وهذا يتطلب جهودًا جماعية لتيسير وصول المنتجات إلى المستهلكين من خلال فتح نوافذ مخصصة في المولات والسوبرماركت والأسواق والمحلات التجارية، مما يمكن الأسر من المنافسة في السوق المحلية بشكل فعّال، كما ينبغي أن يكون هنالك تعاون وثيق مع المستوردين للمنتجات الأجنبية، حيث يمكن الوصول إلى اتفاقيات من شأنها خفض فاتورة الاستيراد بمقدار قيمة المنتجات التي تنتجها الأسر، مما يعكس الفوائد الاقتصادية ويعزز من دور المنتجات المحلية.

وقبل ذلك، نكون قد ساهمنا نحن في توفير القناعات لدينا كمستهلكين بأهمية التعامل مع المنتج المحلي كبديل عن النظير المستورد.

وبذلك، يسير الموكب اليمني في درب تحقيق هدف الاكتفاء الذاتي، ودعم الاقتصاد المحلي وتعزيز قيمة العمل والإبداع لدى الأسر المنتجة، لأن نجاح هذه الخطوات يعتمد على تكاتف المجتمع، الحكومة، والقطاع الخاص لتشكيل بيئة مثمرة تدعم الابتكار وترفع من شأن الإنتاج ودعم وتشجع المنتج اليمني.

المستقبل فرصة للجميع، والعمل الجماعي والشراكة الفعّالة هو السبيل نحو تحقيق التقدم والازدهار، معًا، يمكن للجميع بناء مجتمع مستدام يعزز من إمكانيات الأسر ويحقق لهم الاستقلال المالي الذي يستحقونه، ليتحقق بذلك طموح كل أسرة في اليمن نحو مستقبل أكثر إشراقًا.