الغواصات المسيّرة تنضمُّ لترسانة اليمن.. قاتلٌ جديدٌ للسفن والأساطيل المعادية
المسيرة: زين العابدين عثمان
في ما تمتلكُه قواتُنا المسلحة -بفضل الله تعالى- من أسلحة وإمْكَانات عسكرية، خُصُوصًا في ما يتعلق بالأسلحة البحرية، ظهر جانبٌ من التقنيات والإمْكَانات المتطورة، منها تقنيات هجومية لم تصل إليها سوى دول محدودة في العالم روسيا والصين وأمريكا ونظائرها من الدول المتقدمة.
فقد تم إنجاز أنواع مختلفة من الأسلحة ذات البُعد التكتيكي والاستراتيجي منها الألغام البحرية والطائرات المسيّرة الانتحارية والزوارق المسيّرة وترسانة ضاربة من الصواريخ طراز بر-بحر المضادة للسفن بالإضافة إلى “الغواصات المسيّرة Marching submarine” التي تعتبر واحدةً من أهم التقنيات التي طورتها العقول التصنيعية اليمنية كجزء من الترسانة المخصصة لحماية السيادة البحرية ومواجهة تهديدات سفن وأساطيل الدول المعادية.
الغواصات بشكلها العام أحد مرتكزات القوة البحرية للجيوش ومن أهم الأسلحة التي تتنافس فيها الدول الرائدة على تطويرها باستمرار وزيادة مستوى قدراتها وفاعليتها في الحروب البحرية.
تم تصميم العديد من هذه الغواصات تتقدمها الغواصات النووية حاملة الصواريخ والغواصات الاستكشافية وغواصات التحكم عن بُعد “درون” التي تنقسم إلى غواصات ذات قدرة هجومية وغواصات مخصصة للاستخبارات والتجسس.
الغواصات وأهميتُها في موازين الحرب الحديثة:
مع تطور أساليب الحروب البحرية وتغيُّر مفاهيمها وسيناريوهاتها وفقاً لواقع الاحتياج والمتطلبات التي تقتضيها المرحلة والثورة التقنية التي فرضت آفاقاً وتغيرات جوهرية في ميزان القوى والردع؛ فقد اتجهت الدول الرائدة في سباق تسلح جديد لتطوير تقنيات وأنظمة عسكرية غير مسبوقة تختزل في مواصفاتها “قوة التأثير وَتحقيق التفوق وقلة الكلفة” حيثُ وصل هذا السباق الذروة مع أحداث الحروب في الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية.
وكان السباق متوجّـهاً نحو أنظمة الصواريخ الفرط صوتية وأسلحة الدرون بمختلف أنواعها (الطائرات المسيّرة -الغواصات المسيّرة -والزوارق المسيّرة) وكما يبدو فقد أخذت هذه الدرونات النصيب الأكبر في هذا التنافس؛ باعتبَار ما حقّقته من نتائجَ وتجارِبَ عسكرية ذات طابع مؤثر في سلوك الحروب بالشرق الأوسط والحرب بين روسيا وأوكرانيا.
بالتالي كان الاهتمام مركَّزاً على تحقيق ثورة تطوير كبرى لهذه الأسلحة والاتّجاه بها إلى أن تكون جزءاً من عقيدة الردع العامة للجيش.
تعود أهميّة الغواصات إلى قدراتها في تنفيذ مهامَّ هجومية معقَّدة ضد الأساطيل والسفن المعادية، خُصُوصًا ما يتعلق بالغواصات المسيّرة؛ فخصائص الأخيرة تجعل منها سلاحاً فتاكاً ومثاليًّا في مضمار المواجهات الحديثة في البحار؛ نظرًا لامتلاكها:
1- القدرة على مهاجمة السفن والقطع العائمة وتدميرها؛ فالغواصات المسيّرة يمكن تزويدها بشحنات متفجرة ومحركات عالية السرعة لتصبح قنابل بحرية موجهة بدقة قد تفوق فاعلية الصواريخ الطوربيدية.
2- القدرة على المناورة في أعماق البحر وتجاوز مختلف أنظمة الدفاع البحري للسفن مثل أجهزة السونار والأجهزة الكشفية الرادارية في السطح وتحت الماء.
3- قليلة الكلفة وسهلة الاستخدام؛ فبرنامج تصنيعها لا يكلف سوى جانب بسيط من المال، كما أن مساراتها التصنيعية سهلة ولا تأخذ الكثير من الجهد والوقت.
4- يمكنها الوصول إلى مديات بعيدة وضرب أي هدف على سطح البحر بأنظمة توجيه دقيقة يتم التحكم بها عن بُعد.
اليمن في نادي تصنيع الغواصات المسيّرة:
لقد كان امتلاكُ تكنولوجيا الغواصات المسيّرة محصورةً فقط على الدول الرائدة روسيا الصين وإيران وأمريكا وغيرها، أما اليوم فاليمن أصبح -بفضل الله تعالى- ضمن هذا النادي، وبات يمتلك نماذجَ من هذه الغواصات والتي بدأ استخدامُها عمليًّا؛ فقواتنا البحرية وخلال المناورة الأخيرة كشفت عن إحدى الغواصات “القارعة” التي دخلت مؤخّرًا مسرحَ العمليات.
غواصة “القارعة” جيل متطور من المركبات البحرية التي يتم التحكم بها عن بُعد، وتمتلك تكنولوجيا تمكّنها من تنفيذ مهام عملياتية مختلفة، لا سِـيَّـما مهاجمة السفن والفرقاطات والمدمّـرات في مياه البحر الأحمر والعربي ومضيق باب المندب.
بالتالي ستشكل هذه التكنولوجيا -بعون الله تعالى- فارقاً عملياتيًّا جديداً في المواجهة وستعززُ من فاعلية العمليات الهجومية التي تنفذها قواتنا المسلحة لاستهداف سفن كيان العدوّ الصهيوني والأمريكي والبريطاني.
* باحث في الشأن العسكري