صمود وانتصار

الشهادة.. مضمار الفوز والتتويج الإلهي..!!

الشهادة في سبيل الله نعمة ربانية، وتتويج إلهي؛ وشرف كبير؛ لما لها من دور في حماية الأمة ودينها وكرامتها، ودفع الأخطار والمكائد عنها، ولولا أريج الشهادة لهُدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد، وأنتهكت الأعراض،

واستبيحت محارم الله، وتبجح أباليس الظلال، وفقاعات الباطل في وجه الحق، ولتفنن عتاولة الكفر والظلام في شرعنة مشاريع الإجرام والفساد في الأرض، وتمادوا في القتل وسفك الدماء، ومصادرة ثروات الشعوب ومكتسبات الأمة، ولهذا فإن كل قطرة دم لشهداء العز والخلود تمثل قذيفة من نور تدك معاقل الليل، وصليات غضب وبراكين نصر تلقف ما يأفك البغي وتحرق هيمنة الطاغوت.. وإداركاً لعظمة ومميزات الشهادة في سبيل الله فقد كانت غاية ونشيداً لكل أولياء الله تهفوا إليها أرواحهم، وكأنهم يستنشقون عبق الجنان، لم تتسلل إلى نفسياتهم وإرادتهم الصلبة، ذرةٌ من خوف، ومازال التاريخ يردد أصداء نشيدهم وفرحهم وهم يتساقطون إلى سماء الشهادة مرددين: (فزت ورب الكعبة).. وفي إحدى المعارك الفاصلة بين الحق والباطل يبرز الإمام جعفر ابن أبي طالب عليه السلام.. يصول ويجول في قلب المعركة، مقتحماً المنايا، يترنم عشقاً للفوز بأمنيته المقدسة (الشهادة) فيقول :
يا حبذا الجنةُ واقترابها
طيبةٌ وبارد شرابها ..!!
وعلى هذا النهج وهذا المستوى من التضحية سار سيد الشهداء الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام والحسن والحسين والإمام زيد وأعلام الهدى من آل بيت رسول اللّه صلّوات الله عليه وآله وسلم وإلى اليوم.. وإن الأمة التي تتقاعس عن مشروعية الجهاد وتتنكر لمفهوم الاستشهاد وشرف التضحية في سبيل الله، تصبح لقمةً سائغة لأعدائها.. ذليلة خاضعة منزوعة السيادة والحرية، يقول الإمام زيد عليه السلام «ما خاف قوم حر السيوف إلا ذلوا» ويقول أيضاً وهو يرنوا إلى الحياة الأبدية: «من أحب الحياة عاش ذليلاً»، طبعاً وأنت تقف أمام معطيات السياق القرآني وهو يتحدث عن الشهادة ستجده ما يقشعر له فؤادك فرحاً وهو يتحدث عنها حديثاً مميزاً،مشرق التجليات عظيم الدلالات،حيث ميز الله مقامات الشهداء وخصهم بالحياة والرزق والخلود، بل خصهم- وحدهم- بالرجولة الحقيقية (من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه) وهم الأحياء الذين تنتفي عنهم صفة الموت (ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أمواتٌ بل أحياءٌ ولكن لا تشعرون) صدق الله العظيم، وبفضل ثمار تضحيات وبطولات الشهداء الأبرار استطاع شعبنا أن يكسر شوكة أعداء الله وأعداء مقدساته، وبفضل معارج الشهداء تحرر من الوصاية الخارجية،وبفضل قوافل الشهداء صمدت المقاومة الفلسطينية وافشلت مخططات التوسع الاستيطاني ومازالت تزف قوافل الشهداء في سبيل نصرة الدين والمقدسات والدفاع عن مظلومية غزة والقضية الفلسطينية ولم ترهبها وحشية العدو ومجازره وقواته، ومجدداً نقول: واهمٌ كل الوهم من يعتقد أن الشهادة خسارة عبثية، وواهمٌ كل الوهم من يظن استشهاد قائد أو بطل من أبطال الجهاد سيضعف معنويات الأمة المجاهدة ..!!
وليدرك المرجفون أن دماء الشهداء وقود ومشاعل الإيمان ومعارج النصر، وأهل الاصطفاء الإلهي، والأمة المنطلقة حين تتحرك لقتال عدوها تتحرك محفوفة بوعدين إلهيين صادقين: (النصر أو الشهادة). . يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِـمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾ ٧ الأنفال، هنا تتلاشى فقاعات المرجفين، ومخاوف المرجفين المثبطين، فهم فاشلون والقرآن الكريم يكشف للأمة بشاعة فشلهم وأساليبهم “الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو كانوا فينا ما قتلوا أو ماتوا” فسلام الله دائماً وأبداً على شهدائنا العظماء ونحن نتفيأ واحات ذكراهم السنوية العطرة، ونسير على وهج تضحياتهم المباركة.