صمود وانتصار

«كمائن الموت»..رعب يلاحق الاحتلال الصهيوني

يُعرف الكمين في الموسوعات العسكرية وفي معاجم المصطلحات العسكرية بأنه تكنيك عسكري يستخدم في المعارك والحروب منذ زمن بعيد لاستهداف قوات العدو وتحقيق غايات تتعلق بالقتل والأسر والتدمير وغيرها،

يعتمد على التخطيط وتقسيم المهام والعمل ضمن مجموعات، ويتميز بفاعليته وقدرته على إرباك العدو.. ومن حيث الأصل في الكلمة واللغة فهو يعود إلى الفعل”كَمِنَ” و”كَمَن” ومنها أسم الفاعل “كامن” و”كمن” يعني أختفى أو دخل في مكان لا يفطن له، والكامن: المتخفي الذي لا يفطن له، والكمين هو اختفاء القوم وتواريهم في الحرب حيلة لمفاجأة العدو ..

خالد الأشموري
اما في الاصطلاح العسكري فيعرف الكمين: بأنه هجوم خاطف على هدف معاد متحرك ثم الانسحاب بشكل منظم وسريع، كما يعرف بأنه اختفاء مجموعة قتالية عن أنظار العدو وترصدها لهدف معاد ثم الهجوم عليه على نحو مباغت وسريع ومنسق من مكان محجوب ومحمي ومحصن ما أمكن، وقد يستكمل الكمين باقتحام الهدف وتكون قوى العدو إما متحركة أو ثابتة للاستراحة.. وعُرف في معجم المصطلحات العسكرية: بأنه مصيدة تتخفى خلالها قوات بصورة جيدة من أجل إيقاع أكبر الخسائر والتدمير بالعدو، وذلك بهجوم مباغت من الموضع الخفي على عدو غافل أثناء الحركة أو خلال واقعة مؤقتة.
ويعرفه اللواء فايز الدويري- الخبير العسكري والاستراتيجي: بأنه عملية معقدة ومركبة ودقيقة مبنية على قراءة ميدانية إستشرافية وتقدير موقف ميداني، وتتكون من عدد من الخطوات المتتالية المخطط لها.

كمائن المقاومة الفلسطينية
عام ونيف من العدوان الأمريكي الصهيوني على قطاع غزة، منذ عملية طوفان الأقصى في الـ7/ أكتوبر/ تشرين/ 2023م، وبكل ما حملته هذه المدة الزمنية من وحشية في قتل الفلسطينيين وتشريد وتجويع عشرات الآلاف واستهداف تجمعاتهم وأحياءهم السكنية والبنية التحتية والمخابز وآبار المياه والمساجد وتدمير المنظومة الصحية ومنع الدواء وقتل المرضى ودفن الكثير منهم أحياء وملاحقتهم في مراكز الإيواء بدعم وغطاء الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تراعي الحقوق ولا الكرامة الإنسانية التي تسوق لها واشنطن سياسياً.. فما يمارسه التوجه الأمريكي الإسرائيلي من عدوان غاشم وجرائم فضيعة في حق أبناء غزة إساءة للبشرية والتي تأتي هذه الأفعال الشنيعة في إطار التسويق لمزاعم إجتزاز المقاومة الفلسطينية “حماس” في قطاع غزة وتدمير قدراتها العسكرية، متناسيين أن حركة حماس الإسلامية بقدراتها العسكرية المتمثلة بكتائب القسام لهم بالمرصاد، حيث تواصل الكتائب ومعها إخوة السلاح والجهاد من فصائل المقاومة تسطير أروع الملاحم البطولية في التصدي للعدو المحتل والتنكيل بقوات جيشه الغاصب الذي أصبح منذ عملية طوفان الأقصى جيش متهالك وخائب أكد ذلك خبراء عسكريين ومحللين سياسيين بإنكسار سمعة الجيش الإسرائيلي وانتصار طوفان الأقصى الذي يُعد الإساس في مسار الانتصار الفلسطيني وتحرير فلسطين.. حيث يستمر أبطال المقاومة بتنكيل العدو في شمال ووسط وجنوب غزة ونصب الكمائن “كمائن الموت”، حيث أعتمدت المقاومة الفلسطينية بفصائلها المختلفة وفي المقدمة كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” على الكمائن خلال الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة عقب عملية طوفان الأقصى.. نفذت المقاومة كمائن عدة ناجحة أوقعت خسائر متنوعة في صفوف الجيش الإسرائيلي.. وصفها المراقبون والخبراء العسكريين ورجال الإعلام بالآتي:
كمين “المغرافة” عملية عسكرية ناجحة لكتائب القسام أعترف بها جيش الاحتلال في بيان على منصة إكس واعتبرها نصر للمقاومة وإخفاق لقوات الاحتلال.
كَشف كمين “جنين” في 7/6/2024م الذي أسفر عن مقتل ضابط وإصابة 16 جندياً إسرائيلياً أنه أشبه بمعجزة أمنية وعسكرية أعترف به العدو والصديق، فيما أعتبره خبراء الحرب بالاستثنائي بكل تفاصيله.
من النماذج الرائعة لعمليات المقاومة كمين “الشابورة” المركب والذي استهدفت فيه كتائب القسام عدد كبير من الدبابات والآليات والجنود من المسافة صفر.
كمائن الموت القاتلة المدروسة والعمليات المركبة التي تنفذها المقاومة هي الكلمة العليا في مجهود المقاومة.
الكمين الثلاثي” 3 أهداف- 3 عبوات ناسفة ” واحدة للاستدراج وعبوتين للفتك بالجنود “عمل عملياتي نوعي فخر للمقاتل الفلسطيني المدرب والمؤهل جيداً”.
ضربات المقاومة من خلال “كمائن الموت” موجعة للعدو، ولن يستطيع الفرار منها وستظل تلاحقه في كل مكان يتواجد فيه.
استخدام المقاومة لمختلف الأسلحة من قذائف الهاون والقنابل المتفجرة وصواريخ رجوم قصيرة المدى والأسلحة التقليدية ومن عتاد تم الاستيلاء عليه من قوات الاحتلال عقب تنفيذ عمليات الكمائن دلالة على جاهزية وقدرة المقاومة في تدمير عتاد العدو والنيل من جنوده وضباطه المدججين بمختلف الأسلحة الحديثة.
عبارات “العدو يتقهقر”، “النصر أو الموت” تدل على أن المقاومة في خير وأن النصر قادم بأذن الله تعالى.
كمائن الموت رسائل إلى قوات الاحتلال بأن الشعب الفلسطيني لن ينكسر وسيواصل المقاومة حتى تحقيق النصر.
ما يسر ويفرح كل عربي حر مقاوم للطغيان هو ذلك الأسلوب التكنيكي المتبع الذي يفعله “القسام” حين يستدرج جنود الاحتلال إلى دخول النفق ويقضي عليهم.
أبدعت كتائب القسام قدرات عالية وهي تظهر مجدداً في مناطق متعددة طالما أعتقد جيش الاحتلال أنها خالية من عناصر المقاومة مما يعني استمرار عمليات المقاومة لأشهر قادمة حتى أن المقاومة تعتمد على الكمائن بضرب أهداف غالباً ما تكون خلف خطوط العدو شهد بهذا مسؤولون أمريكيون.
مشاهد قنص المقاومة للجنود الإسرائيليين ومشاهد تفجير الدبابات والجرافات وناقلات الجنود والاستيلاء على بقايا أسلحته وعتاده عقب تنفيذ الكمائن ذلك يعزز قرب النصر وتحرير الأرض من الغاصب المحتل.
تطوير الكتائب ومستوى التنسيق ما بين المقاتلين من مختلف الفصائل من أهم فنون القتال المتبع لدى المقاومة.
إنتقال العمل الفدائي لرجال المقاومة من تكتيك “أضرب وأختف” إلى أسلوب “أضرب واستمر” يُعد الأكثر شجاعة وتحقيق للخسائر البشرية وهو ما تجلى في عدد كبير من الكمائن القاتلة التي نفذتها كتائب القسام وسرايا القدس بشكل منفصل ومشترك.
اعتراف قادة الجيش الإسرائيلي بمقتل جنودهم وضباطهم في الميدان أثناء المواجهات يظهر قوة وبسالة وشجاعة المقاومة وضعف وهوان قوات الاحتلال الصهيوني.
العمليات البرية للمقاومة على أكثر من محور وإجبار العدو على الانسحاب دَفع قوات الاحتلال أثمان باهظة أعترف بذلك وزير دفاع الجيش الإسرائيلي- غالانت بقوله: “قواتنا في قطاع غزة تدفع ثمناً باهضاً ولا يوجد حل سريع للتغلب على حماس.”
انسحاب قوات الاحتلال (عائدة من حيث أتت، ومن أكثر من منطقة) تأكيد جديد على فشل العدو وحماية للمقاومة بتوسيع عمليات الكمائن.
رفع عبارة- لن يجد جيش الاحتلال سوى كمائن الموت في أي بقعة من أرضنا بعون الله” بجوار الناطق باسم القسام أبو عبيدة- تحدي للعدو، وروح معنويات واستبسال لأبطال المقاومة وهم ينكلون بالعدو.. وحين يعلن أن الكتائب تمكنت خلال الحرب من تجنيد آلاف المجاهدين الجدد من صفوف الإسناد.. مؤكداً أن قدرات كتائب القسام البشرية بخير وقدرة مقاتليها على القتال والصمود باتت أقوى وأعظم.. وأن الكتائب الـ24 التابعة لـ”كتائب القسام” تقاتل في المعركة من اقصى شمال قطاع غزة حتى أقصى جنوبه، وإلى جانبها “إخوة السلاح والجهاد من فصائل المقاومة” وأن المقاومة عززت من قدراتها الدفاعية وإعادة تدوير ذخائر وصواريخ العدو لمواجهة الاحتلال في كل مكان يتواجد فيه.
هذه العمليات العسكرية النوعية والمركبة والاحترافية لكتائب القسام ولفصائل المقاومة عبر عنها اللواء الركن محمد الصباري- الخبير العسكري والإستراتيجي من عمّان “لقناة الجزيرة” بقوله: واضح أن هناك براعة وقدرات عالية للمقاومة في عمليات تنفيذ الكمائن بالعبوات الناسفة، ونفذت المقاومة الكثير من عمليات الكمائن داخل المنازل التي تتواجد بها قوات العدو وهذا شكل تهديدا لقوات جيش الاحتلال، علماً بأن هذه العمليات ليست بالسهولة أن يتم اكتشافها بسب كثرة المنازل المفخخة، فالعدو مرهق ومحبط، جيش معتمد على التقنية وعلى التكنولوجيا وعلى قوة درع الدبابات وناقلات الجنود للحماية، عكس الطرف الآخر، (المقاومة) نجدهم مقاتلين يعتمدون على عقيدة قتالية راسخة وإرادة صمود ومعنويات عالية، وشعورهم بالظلم والقهر جعلهم يفجرون طاقاتهم الكامنة التي تؤدي إلى أن يكون هناك نجاح لهذه العمليات.
وبالحديث عن العمليات المركبة للمقاومة فهي التي تكون على أكثر من جزئية داخل عملية التنفيذ كما شاهدنا ذلك في كمين (بلدة المطلة) حيث كان هناك ثلاثة عبوات ناسفة متتابعة في ثلاث أهداف حققت المقاومة نجاح باهر ، ومثل هكذا عملية دائماً التحضيرات لها صعبة جداً، وعملية التنفيذ والتفجير وعملية الاتصالات والمراقبة من قبل رجال المقاومة تأخذ وقتا طويلا حتى يتم رصد قوات جيش الاحتلال حتى الدخول إلى المنازل المفخخة مسبقاً وحال التأكد من دخولهم إلى هذه المنطقة يتم إعطاء الأمر بالتفجير- لكن النقطة المهمة جداً عملية التوثيق إذ نلاحظ أن جزئيات العملية مصورة بشكل دقيق وهذا أكبر دليل بأن المقاومة قادرة على عملية الرصد والمراقبة وضبط الإيقاع في هذه المناطق وإلحاق خسائر في قوات جيش الاحتلال.. وباعتقادي أن عمليات التعقب والتنفيذ في هذه الأماكن اكتسبتها المقاومة خلال عام من القتال هذه المدة الزمنية أعطت المقاومة مهارات إضافية وقدرات احترافية أن تكون نسبة النجاح لهذه الكمائن عالية لتحقيق أكبر الإصابات في قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
إذاً ومن خلال الطرح أعلاه تكون كتائب القسام وإخوة السلاح والجهاد من فصائل المقاومة في معارك تقرير المصير خلال الأشهر الماضية ضد قوات الكيان الصهيوني تكون قد حققت الكثير من الأهداف المتنوعة من أهمها:
قتل وإصابة وأسر العشرات بل المئات من ضباط وجنود العدو الإسرائيلي.
تدمير عدد كبير من معدات وعتاد العدو المتنوعة والاستيلاء على عدد كبير منها.
قطع طرق الإمداد اللوجستي عن العدو.
التأثير على معنويات العدو.
تأخير وإيقاف تحركات العدو.
اختيار الزمان والمكان المناسبين واستدراج العدو إلى “كمائن الموت”.
حرمان العدو من الحركة بحريه على الأرض وإجباره على التراجع.