صمود وانتصار

عنصرية الصهيونية اليهودية وإرهابهم سبب هلاكهم وزوالهم

الصمود||مقالات||حسين بن محمد المهدي

مما لا ريب فيه أن من غالب الله غُلب، ومن حارب شريعته هلك ونُكِب، فمن تعدى طوره كَثُرَ جَوره، ومن جمح به العدوان لم يساعده الزمان؛ فمداهنةُ الفجار إقرارٌ لفجورهم، ومخالطة الأشرار توقع في شرورهم.

وهذه الحركة الصهيونية العنصرية المرتبطة نشأة، وواقعاً، ومصيراً، بالإمبريالية العالمية؛ والتي سعت إلى توطين اليهود وتجميعهم، وإقامة دولة خَاصَّة بهم، في فلسطين، بواسطة الهجرة، والغزو، والعنف، تتحول بممارساتها العنصرية الإرهابية إلى مشكلة لليهود وليست حلاً، فقد أصبحت فاجعة، وكارثة، وليست أمنًا وسلامًا، وهذا ما يشاهده العالم اليوم بأم عينيه.

فممارساتها العدائية ضد العرب والمسلمين للإرهاب بصفة رسمية منذ نشأتها عام ٤٨ وبعد إعلان الكيان الصهيوني للدولة اليهودية أضحى الإرهاب الصهيوني يتميز بكونه الإرهاب الرسمي الوحيد في العالم، والذي تخطط له وتنفذه أجهزة رسمية للدولة.

وقد راح ضحية ذلك الإرهاب عشرات الآلاف من النساء والأطفال، بل إن المراقبين الدوليين عام ١٩٦٧م أفادوا بأنهم شاهدوا بأم العين الإعدام الجماعي، والقبور الجماعية، والاغتيالات، وما يزال الإرهاب ماثلاً للعيان إلى يومنا هذا ويشاهده العالم عبر شاشات التلفزة ومراكز التواصل الاجتماعي، رغم أن الديانة اليهودية تمنع من ذلك كما أخبر عنها الحق سبحانه وتعالى في القرآن (مِنْ أجل ذلِكَ كَتَبْنا عَلى‏ بَنِي إسرائيل أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَو فَسادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً).

ولكن اليهود والحركة الصهيونية لا تعبأ بذلك، بل إنها تمارس أشكالاً شتى، من القمع، والتعذيب، والقتل والتهجير والاعتقالات، وَنسف المنازل بسكانها، وَمصادرة الأراضي والاستيلاء عليها بالقوة.

إن العقيدة الصهيونية التيوقراطية، والتاريخية، وقاعدة الارتكاز في إسرائيل، بدأ من الناحية التشريعية، وإصدار قانون العودة عام ١٩٥٠م الذي يقضي بحق كُـلّ يهودي في الجنسية الإسرائيلية، مُرورًا بالقول: إن فلسطين هي موطن يهود العالم، وإن اليهود يشكلون قومية منذ زمن يمتد إلى آلاف السنين، ومحاولة إقناع الجالية اليهودية في العالم بالعودة إلى فلسطين، وتوسيع الكيان الإسرائيلي الصهيوني عدوانه ليقيم إسرائيل الكبرى، من النيل إلى الفرات رغم ذلك، فإن فشل الصهيونية في جعل فلسطين وطناً لكل يهود العالم واضحٌ فغالبية يهود العالم لم تأخذ بهذا، لما ترى فيه من المخاطر، والظلم، بدليل وجود أكثر من ثلثي اليهود خارج إسرائيل. والبعض منهم يتظاهر ضد الصهيونية الإسرائيلية كما هو مشاهد من التلفزيون، بمعنى أن الصهيونية فشلت فشلًا ذريعًا في إقناع عقلاء اليهود أنفسهم؛ نظرًا لما تمارسه الصهيونية من الإرهاب والعنصرية الذي كُـلّ العالم يشهده.

فهذه الأمم المتحدة تتخذ قراراً في خريف ١٩٧٥م باعتبار الصهيونية حركة عنصرية، وطالبت معاملتها على هذا الأَسَاس، كما أن ناحوم غولدمان أحد زعماء الصهيونية دعا في نهاية السبعينيات إلى التخلي عن الصهيونية كحل للمشكلة الإسرائيلية.

فبينما أراد الصهاينة أن تكون الدولة الصهيونية حلاً لمشكلة اليهود في العالم فإن زرع اليهود في فلسطين أصبح مشكلة ليهود العالم بحد ذاتها.

وبينما أرادوها أن تكون الدولة الصهيونية اليهودية في فلسطين حامية لليهود، ومركزاً روحياً مشعاً صارت مصدر إحراج، وسوء سُمعة ليهود العالم، نتيجة لطبيعة الإرهاب غير المشروع، وسفك الدماء، ومناصبة العرب والمسلمين العداء الدائم، والسعي إلى اغتيال زعماء العرب والمسلمين وعلمائهم وساستهم وقادتهم على مرأى ومسمع من العالم.

لقد أرد الصهاينة أن تكون إسرائيل مركزاً صحياً لليهود يمارسون فيه الحياة الطبيعية، ونتيجة للإرهاب والعنف الصهيوني، صارت إسرائيل عبارة عن وحش كبير يمارس الاضطهاد، ضد العرب والمسلمين، وحتى ضد الغالبية اليهودية من اليهود الشرقيين.

فقد أضحت الصهيونية في فلسطين أدَاة عدوان، ودمار، وموت.

فمتى يراجع عقلاء الناس، وساستهم في العالم الغربي المؤيد لهذه الفئة الضالة أنفسهم؟ ويوقفون هذا العدوان قبل أن يحل بهم الهلاك والدمار، وقبل أن تزول دولتهم، ويصبحوا أثرا بعد عين.

فقد أهلك الله من هو أكثر منهم قوة، وأكثر جمعاً، ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون.

إن مشكلة اليهود هي مع الله أولاً، الذي أمرهم بالإيمان، بما نزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أول كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قليلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ، وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).

لقد لعن اليهود على لسان داوود وعيسى ابن مريم -عليهم السلام- لعصيانهم، ولعدوانهم، (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسرائيل عَلى‏ لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ).

فهل يعي اليهود، وهل تعي الصهيونية سوء فعالها، أم أنها ماضية في سكرتها، مصرة على سفك الدماء، وقتل النساء والأطفال والشيوخ؟

فإن اعتداءها وإرهابها سيكون حتمًا سببًا في زوالها، وسينتصر الشعب العربي الفلسطيني واللبناني والسوري وكلّ المجاهدين في محور المقاومة، لأن الله معهم وناصرهم، وهو القائل: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ).

العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.