صمود وانتصار

مجلس الأمن .. فشل منذ الولادة

الصمود||تقرير|| علي الدرواني

ليست المرة الأولى التي يصوب فيها السيد القائد عبدالملك الحوثي النار على مجلس الأمن، باعتباره أداة بيد الولايات المتحدة الأمريكية، (أسَّسها وبرمجها وهندسها لتكون بالشكل الذي يخدم برنامجه العدواني، الإجرامي، الانتهازي، السلطوي، الذي هو: طغيان، وإجرام، واحتلال، وسيطرة، وتحكم، ونهب لثروات الشعوب، وسيطرة عليها، واستغلال لها؛ ولذلك جعلوا لأنفسهم ما يُسَمُّونه بالفيتو، وحق النقض؛ وعندما اجتمع مجلس الأمن لإصدار قرار بوقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بوقف قتل الأطفال والنساء في غزة، يقوم الأمريكي ليعلن حق النقض، يعترض وينقض قرار مجلس الأمن؛ لأنه قرار يوقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وهذا النوع من القرارات غير مقبول عند الأمريكي؛ لأن نهجه عدواني، إجرامي، متوحش، واتجاهه هو هذا الاتجاه لإبادة الناس، ولاسيَّما العرب والمسلمين).

المصالح وليس المبادئ

ربما من الظلم أن نصف حالة مجلس الأمن الدولي منذ نشأته بانها حالة الفشل، فهي كلمة رومانسية بالنسبة إلى حقيقة أسوأ كارثية على العالم من مجرد الفشل، بعد أن اصبح أداة بيد القوى العظمى لتمرير مصالحها على حساب مصالح الدول الأخرى وخصوصًا الدول النامية، وبالأخص الدول العربية والإسلامية وشعوبها، وعلى رأسها فلسطين وشعبها، وليس وفقا للمبادئ المعلنة والمعاهدات والقرارات الدولية.

بعد الحرب العالمية الثانية، كان العالم بحاجة إلى نظام يراعي المبادئ على حساب المصالح، ربما تم تمرير إنشاء الأمم المتحدة، ومجلس الأمن كمنظمة رئيسية تابعة لها، من أجل تحقيق أهداف سامية، من الناحية النظرية، مثل السلم والأمن الدوليين، ومنع تكرار نزاعات مثل الحرب العالمية الثانية، التي أودت بحياة قرابة 70 مليون إنسان، بحيث يكون اتخاذ قرار الحرب بشكل جماعي، من قبل الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وهو الأمر الذي لم يتحقق حتى هذه اللحظة، بحيث بدا المجلس خاضعًا للمصالح وليس للمبادئ.

حروب دولية دون تفويض

كانت الحرب الكورية منتصف القرن الماضي (1950-1953) أول نزاع مسلح يحدث بعد تأسيس الأمم المتحدة. وكان قرار مجلس الأمن رقم 84 لعام 1950، حينها أول قرار باستخدام القوة ضد كوريا الشمالية، لكنه حصل دون تفويض كامل من أعضاء مجلس الأمن، نظرًا لغياب الاتحاد السوفيتي حينها، احتجاجًا على وجود تايوان في المقعد الصيني، بحيث أعطى القرار صفة غربية فقط، وليس مشروعية دولية.

وهنا أيضا يشار إلى الأمريكي البريطاني للعراق 2003 باعتباره أبرز أمثلة الغزو دون موافقة مجلس الأمن، في القرن الوحد والعشرين، حيث قررت الولايات المتحدة وبريطانيا، القيام بالغزو العسكري للعراق، مع وجود رفض كامل من مجلس الأمن، وقد أعلنت كل من فرنسا، ألمانيا، روسيا، والصين، إلى جانب العديد من الدول الأعضاء، معارضتها أي تدخل عسكري دون تفويض جديد من المجلس، الذي كان قد منح تفويضًا دوليًا بالقرار 678 لإخراج العراق من الكويت عام 1990.

وثالث الأمثلة كان العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، مارس 2015، والمستمر حتى هذه اللحظة، ودون أي قرار دولي، ودون أي منع دولي أيضًا، ورغم صدور القرار 2216، إلا أنه لم يتضمن أي تفويض لأي طرف أو تحالف دولي بالتدخل العسكري في اليمن، كما أنه صدر بعد اندلاع العدوان بعد ما يقارب العشرين يومًا.

وكان هذا القرار من أسوأ القرارات التي أججت الحروب وأقلقت الأمن ولم توقفها.

حق النقض الفيتو

لا يختلف اثنان في أن حق النقض الفيتو، يؤدي إلى عرقلة تبني قرارات جوهرية حتى لو حظيت بتأييد أغلبية الدول الأعضاء في المجلس، كما حصل مع القضية الفلسطينية، وهذا ما يحول مجلس الأمن إلى أداة لتعزيز المصالح السياسية للدول دائمة العضوية، بدلًا من التركيز على حفظ السلم والأمن الدوليين.

خضع مجلس الأمن لهيمنة القوتين العظميين في العالم بعد الحرب العالمية، وبداية ولادة المجلس، التي وصفت من قبل إدوارد مورتيمار، رئيس كُتَّاب الخُطب ومدير الاتصالات في المكتب التنفيذي للأمين العام للأمم المتحدة (1998-2006).، بأنها ولادة ميتة، بسبب الصدع المتطور بسرعة بين الاتحاد السوفياتي وحلفائه الغربيين. وسرعان ما أصيب بالشلل نتيجة عجز أعضائه الدائمين عن اتخاذ قرارات بشأن أي مسألة رأوا فيها تضارب مصالحهم.

فلسطين والفيتو الأمريكي:

جاء استخدام الفيتو كأبرز عيوب المجلس، ووفقا للأرقام الرسمية, تم استخدام الفيتو من قبل الأعضاء الدائمين في المجلس 260 مرة منذ تأسيس مجلس الأمن الدولي، نصيب الولايات المتحدة منها 114 مرة، من بينها 80 مرة استخدمت هذا الحق لمنع إدانة الكيان الصهيوني، و34 مرة ضد قوانين تساند حق الشعب الفلسطيني. وفي العام الأخير فقط، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض “الفيتو” ضد قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك للمرة الرابعة منذ بدء العدوان على القطاع قبل ما يزيد عن 400 يوم متواصلة. مما يعكس التوجه السياسي والاستراتيجي للهيمنة على مجلس الأمن، وإفراغه من أهدافه المعلنة والسلم والأمن.

الدعوات لإصلاح مجلس الأمن

الدعوات لإصلاح مجلس الأمن الدولي تتزايد منذ عقود، نظرًا للتحديات المتعلقة بتوزيع السلطات، وحق النقض (الفيتو)، والتمثيل غير المتكافئ للدول، فمثلًا العالم الإسلامي والدول العربية ليست ممثلة بمقعد دائم في المجلس، وكذلك القارة الإفريقية وأمريكا الجنوبية، ما يجعل شعوب هذه الدول خارج التأثير الدولي، وهناك اقتراحات لمقاعد دائمة للهند واليابان وألمانيا.

بالنسبة للفيتو، فقد تزايدت المطالب بتقييد استخدام الفيتو أو إلغائه بالكامل، ومن الاقتراحات المطروحة : منع استخدام الفيتو في حالات الجرائم الإنسانية والإبادة الجماعية، أو اشتراط موافقة عدد أكبر من الأعضاء قبل استخدام الفيتو.

السبيل إلى الإصلاح

بالأخذ بعين الاعتبار مصير عصبة الأمم، وتشكيل الأمم المتحدة، فقد جاء ذلك بعد الحرب العالمية الثانية، وتغير الموازين الدولية، وهزيمة ألمانيا واليابان، ما سمح بإنتاج نظام عالمي جديد برعاية القطبين الأمريكي والسوفيتي المنتصرين في الحرب، وعليه، يبدو الاستنتاج المنطقي أن حال العالم اليوم، ومنظماته الدولية وخصوصًا مجلس الأمن، ربما لن يتم تغييرها أو حتى إصلاحها، ما لم يحصل هناك توازن دولي جديد، يسمح بتمرير الإصلاح أو التغيير، لكن ما هو حجم الحدث الذي سيدفع بهذا الاتجاه، هل سيكون بالضرورة اندلاع حرب عالمية ثالثة؟؟؟ ربما.