صمود وانتصار

ماذا لو كان “جوبلز” عربيًّا..؟!

الشيخ عبدالمنان السنبلي

عندما بدأ “جوبلز” وزيرُ دعاية هتلر العملَ بمقولته الشهيرة: (اكذِبْ ثم اكذِبْ حتى يُصَدِّقَكَ الناس)، لم يكن يملِكُ يومَها من وسائل صنع الدعاية ونشر الشائعات سوى وسائلَ بدائية معدودة ومحدودة..

يعني: لم يكن لديه شبكات بث فضائي..

ولا مواقِعَ إخبارية عالمية..

ولا وسائل تواصل اجتماعي..

ولا ذباب إلكتروني..

ولا أي شيء من هذا كله..

ورغم ذلك، اشتغل ومشَّى حالَه، محقّقًا بذلك الكثير من النتائج المبهرة والملموسة في مواضيع شتى..

وفي الأخير:

سقط هتلر ونظامه..

وأعدم جوبلز ورفاقه..

ليسَ لأَنَّهم فشلوا في صناعة الوَهْم والزيف، ولكنْ لأَنَّهم أخطأوا التقديرَ عسكريًّا وتكتيكيًّا..

وبَقِيَ العمل بهذه المقولة..

لقد أصبحت، في الحقيقة، نظريةً تُدرَّسُ، ليس في ألمانيا طبعًا، ولكن في البلدان الأُخرى ذات النزعة الاستعمارية والتآمرية، وعلى رأسها طبعًا أمريكا..

أمريكا، بدورها، ما قصَّرت..

ماذا عملت..؟!

عملت على تحديثِ وتطويرِ هذه النظرية من خلال ابتكار أساليبَ ووسائلَ دعائية جديدة وأكثرَ فاعلية؛ حتى أصبحت بذلك، وبلا منازعٍ، المدرسةَ الرائدةَ والمتفردة الأولى على مستوى العالم في صناعة الوهم والزيف، وفي تمرير كُـلّ العناوين والمفاهيم البراقة والخداعة..

لا أحد يكذب اليوم كأمريكا..

يكذبون..

يكذبون ثم يكذبون حَتَّى يُصَدِّقَهم الناسُ..!

ليسَ لأَنَّهم خبراءُ في الإقناع طبعًا، ولكنْ لأَنَّهم خبراءُ في صناعة وتسويق الوهم والدجل والتضليل..

وهكذا هم الأمريكان دائمًا..

الدورُ والباقي على هؤلاء الأعراب..

ماذا يفعلون..؟

يتبنُّون أَيْـضًا نظرية جوبلز..

يكذبون كما يتنفسون..

يكذبون، ثم يكذبون..

ثم يكذبون حَتَّى يُصَدِّقَهم الناسُ..!

لكنهم سَرعانَ ما ينكشفون..

وينفضحُ أمرَهم..

ليسَ لأَنَّهم لا ينتجون الكذب..

أوْ لأَنَّهم لا يمتلكون أدواتِ تسويقه..

لكنْ لأَنَّهم لا يجيدون فنونَ صناعته..

وتسويقه أَيْـضًا..

يعني: ليسوا محترفين كالأمريكان..!

يعني: أمريكا تكذِبُ الكذبةَ الواحدة، وتظل مُصِرَّةً عليها ومتمسكةً بها حَتَّى يُصَدِّقَها الناسُ..!

ادَّعت مثلًا أن خريطة الوطن العربي ما هي إلا الشرق الأوسط، وظلت مُصِرَّةً على ذلك حتى صدَّقها الناس، بمن فيهم العرب أنفسهم، أنها فعلًا خريطة الشرق الأوسط..

وهكذا..

أم هؤلاء الأعراب، فلا يستقرون على كذبة واحدة، إلا وينتقلون إلى أُخرى تفضح الأولى..!

فتجدهم مثلًا يدَّعون دائمًا أنهم يدافعون عن فلسطين؛ لتكتشفَ أخيرًا، من خلال مواقفهم وتحَرّكاتهم، أن فلسطينَ هذه التي يدَّعون الدفاعَ عنها ما هي إلا “إسرائيل”..!

يدَّعون أنهم يحاربون اليمن؛ مِن أجلِ إعادتها إلى الحُضن العربي؛ لتكتشفَ أن هذا الحضن العربي الذي يريدون سَوْقَ اليمن إليه ما هو إلا الحضن الأمريكي..!

وهنالك أمثلة كثيرة أُخرى لا مجال لسردها..

وهكذا هم الأعرابُ دائمًا..!

فاشلون في كُـلّ شيء..

فاشلون حتى في صناعة الكذب..

وفي تسويقه أَيْـضًا رغم ما يمتلكونه من أدواتٍ وأبواق..!

والنتيجة ماذا..؟

النتيجة كما ترون اليوم:

هذه الفجوةُ الشاسعة والواسعة، والآخذةُ في الاتِّساع يومًا بعد يوم، بين النظام الرسمي العربي وبين الشعوب..!

ولكم أن تتخيَّلوا الآن:

ماذا لو كان “جوبلز” عربيًّا..؟!