ما دلالات حرص السيد القائد على التعبئة العامة والالتحاق بالدورات العسكرية؟
خَصَّصَ السيدُ القائدُ عبدُ الملك بدر الدين الحوثي في خطابه الأخير مساحةً للحديث عن مسار التعبئة العامة، وحث الذين لم يلتحقوا بالدورات العسكرية للانخراط فيها.
وقال السيد القائد: “التعبئة هو مسار في غاية الأهميّة؛ ولذلك أتوجّـه بالحث لكل من يتهيأ له أن يلتحق بدورات التعبئة ولم يلتحق بعد وتتهيأ له الظروف بالالتحاق بها، فمن المهم ممن لم يسبق له أن دخل في دورات عسكرية، من المهم أن يسعى أبناء شعبنا العزيز، ولو أنه كما قلنا كَثيرًا شعبٌ جهاديٌّ ومقاتلٌ بالفطرة يمتلك السلاح ويمتلك المهارة القتالية لكن التدريب هو جزءٌ من الإعداد الذي أمر الله به في القرآن الكريم عندما قال تعالى: “وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ”.
وخلال أكثر من عام منذ بدء معركة “طوفان الأقصى” التحق الآلاف من اليمنيين في دورات “طوفان الأقصى”، كما تخرجت العديد من الدفعات القتالية، في ظل التعبئة العامة ضد الأعداء الذين يتربصون شَرًّا بالبلد نتيجة إسناده للشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية من قبل العدوّ الصهيوني.
الوعي بمخطّطات العدوّ يدفع المخاطر:
وفي السياق يؤكّـد أمين سر المجلس السياسي الأعلى الدكتور ياسر الحوري أن سماحة السيد القائد -يحفظه الله- يعي تمامًا مخطّطات العدوّ للسيطرة على الدول والشعوب خُصُوصًا التي تقع في مقدمة المواجهة مع الأمريكي والصهيوني.
ويقول الدكتور الحوري في تصريحٍ خاص لـ “المسيرة”: إن “ما يحدث في سوريا يؤكّـد أهميّة جهوزية الشعوب خُصُوصًا الشعوب العربية والإسلامية التي ترفع راية الحق والجهاد وتنتصر للمقدسات الإسلامية وتساند المظلومين”، موضحًا أن “الشعوب عندما تكون في حالة تعبئة عامة دائمة ستدفع الكثير من المخاطر التي قد تحدق بالبلد وبالأمة”.
ويشير إلى أن العدوّ يفهم طبيعة الشعوب ويراقبها، مؤكّـدًا أنه “لا يجرؤ على غزو شعب مستعد ومتحفِّزٍ للمواجهة، ويعي الأسس التي ينطلق منها في الدفاع لحماية حريته وسيادته واستقلاله ورفض حالة الذل والهوان والتبعية والتفتيت والتمزيق والاستضعاف”.
ويواصل الحوري: “كما يعي أهداف العدوّ الذي يقاتل لتحقيقها، وهي أهداف الصهيونية العالمية لتحكم العالم وتتحكم في ثرواته وتخرس أي صوت مقاوم، أَو رافض لأجندتها الشيطانية”، كما حث على الالتحاق بالدورات العسكرية، قائلًا: “إن الالتحاق بالدورات يعزز مكانة اليمن ويبعث رسالة لكل من يريد المساس بإرادَة اليمن فَــإنَّه سيواجه جيشًا قوامه كُـلّ الشعب اليمني عسكريًّا واجتماعيًّا وإداريًّا وإعلاميًّا وسياسيًّا وعلى كُـلّ الأصعدة”.
المعركة قادمة ويجب الإعداد لها:
من جانبه يقول الخبير العسكري والاستراتيجي العميد مجيب شمسان: إنه “مما لا شك فيه أن التعبئة العامة هي أحد أهم المسارات التي تعمل عليها القيادة اليوم على اعتبار أن المعركة الدائرة سواءً على مستوى الداخل أَو على مستوى الإقليم والتحديات المرتقبة تفرض على الجميع أن يكون جنديًّا في هذه المعركة”.
ويتابع العميد شمسان في تصريحٍ خاص لـ “المسيرة” أنه خُصُوصًا وأن العدوّ يعد العدة ويتحَرّك على كافة المسارات لإضعاف جبهات الإسناد، مؤكّـدًا أن “ذلك واضح من خلال المخطّطات التي تستهدف الأُمَّــة اليوم سواءً ما هو قائم ومُستمرّ منذ (طُوفَان الأقصى) في فلسطين أَو ما حصل في لبنان والتحَرّكات للتنظيمات الإرهابية اليوم في سوريا وعلى كُـلّ المنطقة ضمن ما يُعْرَفُ بخارطة الشرق الأوسط الجديد التي يعمل عليها الغرب الإمبريالي وتحقيق ما يُعْرَفُ بـ “إسرائيل الكبرى”، مُشيرًا إلى أن “كُـلّ الإنجازات التي حقّقتها القوات المسلحة اليمنية والشعب اليمني بشكل عام في مواجهة هذا الطغيان الأمريكي والبريطاني وتآمرهم على اليمن وسعيهم لتحريك كُـلّ الأوراق يعكس مدى وعي القيادة اليوم لهذا التوجّـه الذي من خلاله تسعى إلى أن يكون مسار التعبئة العامة أحد أبرز ركائز الصمود وأهم عناصر المواجهة”، لافتًا إلى أن “المعركة لا شك أنها قادمة ومن المطلوب أن تكون كُـلّ القدرات معبأة وقادرة على المواجهة في خضم هذا الصراع الكبير الذي على أَسَاسه ستتشكل خارطة المنطقة اليوم”.
ويضيف العميد شمسان أن “التعبئة اليوم سواءً على مستوى الحرب النفسية كيف تتكسر أمامها كُـلّ محاولات الأعداء وكيف يمكن أن تكون مساهمة في رفع مستوى الوعي والجهوزية وإدراك المخاطر وأن يكون الشارع اليوم بشكلٍ عام عند مستوى التحديات وعند مستوى المسؤولية”، مؤكّـدًا أن “المرحلة تتطلب أَيْـضًا سواءً فيما يتعلق بالداخل من تحرير الأراضي التي لا تزال واقعة تحت سيطرة المرتزِقة ومحركيهم على المستوى الإقليمي والدولي”.
ويواصل: “كل القوى البشرية اليوم بحاجة إلى أن يكون الشعب متحَرّكًا؛ بمعنى تعبئة كافة القوة البشرية كون المرحلة تتطلب ذلك”، منوِّهًا إلى أنه من هنا تأتي أهميّة تركيز السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- على مسار التعبئة العامة، والحث على الالتحاق بالدورات العسكرية.
ويؤكّـد شمسان أن “الخطر لن يستثنِيَ أحدًا وكما هو ملاحظ اليوم بأن العدوّ لا يشاهد مدنيين ولا عسكريين ولا يفرق بين هذا وذاك وهذا يعني أن الكل مستهدف وينبغي أن يتحَرّك بكل ما لديه وبكل هو قادر عليه استعدادًا للمعركة واستعدادًا لطبيعة المرحلة وخوض غمارها وتحدياتها بما ينعكس إيجابًا على الإنجازات التي تحقّقت من صمود الشعب اليمني ومن عمليات إسناده واستكمالًا لمسار تحرير الأرض وتحقيق أهداف ثورة الـ21 من سبتمبر”.
الجهاد أمر إلهي لجميع الناس:
بدوره يذكِّرُ الناشط الثقافي أبو علي التوعري بغزوات الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- المباركة بقوله: “نحن عندما نرجع إلى غزوة تبوك لنستلهم الدروس والعبر، والسيد القائد -حفظه الله- هو قرين القرآن وعلم الهدى يتحَرّك بحركة القرآن”.
ويتحدث التوعري متسائلًا في تصريحٍ خاص لـ “المسيرة”: “لذلك عندما نستلهم العبر والدروس من غزوة تبوك كيف استنفر الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- الجميع في مواجهة الرومان والخروج قبل الغزوة، فكيف اليوم أمام ما يحدث في فلسطين من جرائم؟”.
ويشدّد على أهميّة الجهاد والتعبئة العامة لكل الناس؛ لأَنَّ الخطاب القرآني لكل الناس، الجهاد لا بُـدَّ أن يشمل كُـلّ الناس ليس يخص جزءًا معينًا، أَو نوعًا معينًا من الناس، بل كُـلّ الناس معنيون في الجهاد في سبيل الله والإعداد”، مستدلًا بقول الله سبحانه وتعالى: [وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ] صدق الله العظيم.
ويؤكّـد التوعري أن التعبئة العامة أمر إلهي وتوجيه إلهي للجميع بأن يعدوا، مُنَبِّهًا لأهميّة مسار التعبئة العامة بأن “يكون الشعب على استعداد لأي تحَرّك بري، أَو تحَرّك من أمريكا ومن أدوات أمريكا”، مضيفًا: “أيضًا عندما يكون هناك تعبئة عامة ويكون الجميع ملتحقين بالدورات العسكرية مع أن اليمنيين شعب مقاتل إلا أن لها الأثر الكبير جِـدًّا، بحيث تجعل العدوّ يتوقف في أن يفكر في المعركة برية”.
التعبئة تعزز وحدة الشعب واستقلاله:
أَمَّــا الكاتِبُ والناشط الإعلامي جمال أبو مكية فيقول: إن “التعبئة العامة هي عملية تنظيم المجتمع وتحفيزه للمشاركة في الأنشطة الوطنية التي تهدف إلى تعزيز الوعي الوطني وتعزيز الروح الجماعية بين أبناء الشعب اليمني”.
ويؤكّـد أبو مكية في تصريحٍ خاص لـ “المسيرة” أن “التعبئة العامة والالتحاق بالدورات العسكرية هما ركيزتان أَسَاسيتان لحماية أي شعب مستهدَف من قِبل أعدائه؛ فهما لا يشكلان فقط خط الدفاع الأول ضد التهديدات، بل يعززان كذلك من وحدة الشعب وقوته واستقلاله”.
ويوضح أن “السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-، يركز في خطاباته على مسار التعبئة العامة، والحث على الالتحاق بالدورات العسكرية التي تمثل جزءًا أَسَاسيًّا من استراتيجيات بناء جيشنا وشعبنا وتعزيز قدراته الدفاعية للدفاع عن بلدنا وتعبئة الشعب في مواجهة كُـلّ التحديات”.
وعَدَّدَ أبو مكية بعضَ النقاط حول أهميّة تركيز السيد القائد على هذا المسار وَهي:-
أولًا: تعزيز الوعي الوطني:
يسعى السيد القائد من خلال التعبئة العامة إلى تعزيز الوعي الوطني بين المواطنين حول أهميّة الدفاع عن الوطن؛ مما يعزز الروح الوطنية ويشجع على المشاركة الفعالة.
ثانيًا: تأهيل الكوادر العسكرية:
الالتحاق بالدورات العسكرية يُسهم في تأهيل الشباب وتزويدهم بالمعارف والمهارات اللازمة للقيام بواجبهم في الدفاع عن الوطن، مما يزيد من فعالية القوات المسلحة.
ثالثًا: توجيه الجهود نحو مواجهة التحديات:
في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا اليمني العزيز، تُعتبر التعبئة العامة وسيلة لتوحيد الجهود لمواجهة التحديات الأمنية والسياسية ومواجهة التحديات على كافة الصُعد.
رابعًا: تعزيز الروابط الاجتماعية:
من خلال المشاركة في الدورات العسكرية، يتم تعزيز الروابط بين الأفراد؛ مما يساهم في بناء مجتمع متماسك قادر على مواجهة الأزمات.
خامسًا: تحقيق الاستقلالية:
التأكيد على أهميّة التعبئة العامة يُساعد في تعزيز قدرة البلاد على تحقيق الاستقلالية العسكرية، وتقليل الاعتماد على القوى الخارجية.
سادسًا: رفع الروح المعنوية:
التعبئة العامة تُسهم في رفع الروح المعنوية لأبناء شعبنا، حَيثُ سيشعر كُـلّ شخص بأنه جزء من هذا الشعب وأن من واجبه تحقيق الأمان والاستقرار لوطنه وشعبه.
ويستكمل أبو مكية حديثه بالقول: إن “الشعوب التي تُدرك أهميّة هذه الأمور وتستثمر فيها تكون أكثر قدرة على الصمود أمام كُـلّ التحديات”، مؤكّـدًا أن “تركيز السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي على هذه المسارات هو جزء مهم من رؤية شاملة لتعزيز القدرات الدفاعية لشعبنا وبث الروح المعنوية والوطنية لكافة أبناء شعبنا في مواجهة التحديات المختلفة”.
المسيرة