صمود وانتصار

قلق متصاعد في “إسرائيل”.. ما خيارات نتنياهو لردع اليمنيين؟

تقرير | أحمد داود

 يواجه العدو الصهيوني هذه الأيام حالات من التخبط والإحباط واليأس في التعامل مع العمليات النوعية للقوات المسلحة اليمنية التي تستهدف عمق الكيان. وبالتزامن مع هذا التصعيد، والعجز الأمريكي الإسرائيلي البريطاني في توجيه ضربات موجعة على اليمن، يواصل المجرم نتنياهو إطلاق تهديداته، متوعداً بالتحرك ضد من سماهم “الحوثيين” بقوة وتصميم.

وقال نتنياهو في مقطع فيديو بثّه مكتبه: “كما تصرّفنا بقوّة ضدّ الأذرع المسلّحة لمحور الشر الإيراني، سنتحرّك ضدّ الحوثيين… بقوة وتصميم وحنكة حتى ولو استغرق الأمر وقتاً، ستكون النتيجة نفسها كما حدث مع المجموعات الإرهابية الأخرى”. بحسب كلامه.

التلويح بالقوة، واللجوء إلى الخيار العسكري، عن طريق الغارات العنيفة ليس مجدياً مع اليمن، فالتجارب أثبتت ذلك، فعلى سبيل المثال، لم يفلح العدوان السعودي الأمريكي على مدى 10 سنوات مضت من إلحاق الهزيمة باليمن، بل على العكس من ذلك، خرجت اليمن من ركام الحرب بقوة عسكرية مهابة مفاجئة للعالم، ولهذا ترجح تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن تواصل القوات المسلحة اليمنية إطلاق الصواريخ الباليستية نحو يافا المحتلة التي يطلق عليها العدو تسمية “تل أبيب”، وهو ما يؤكد أن اليمنيين لا يلقون بالاً لأي تهديدات، وأنهم يمضون في هدفهم المرسوم  لمساندة غزة مهما كانت التحديات والمخاطر.

وإذا كان التحرك العسكري، وتنفيذ هجمات جوية على اليمن هو الخيار المطروح بقوة على الطاولة الصهيونية، فإن البعض ذهب إلى ما هو أبعد، مطالباً بتوجيه ضربة كبيرة في إيران وعدم الاكتفاء بضربات اليمن، مدعياً أن طهران هي الرأس، وهي الداعم والممول لليمنيين، في حين دعا البعض إلى التحالف مع دول عربية لمحاربة اليمن.

لكن، ما بات ثابتاً وواقعياً لدى الصهاينة، ويؤمن به الجميع، أن الصواريخ اليمنية ستتواصل في عمق كيان العدو، وتحديداً في “تل أبيب”، وهذا يثير الكثير من المخاوف والقلق لديهم،، لا سيما وأن الكثيرين يضطرون للاستيقاظ من النوم، والذهاب إلى الملاجئ، كما حدث في العملية الأخيرة، إضافة إلى ذلك أن استمرار العمليات في عمق الكيان سيتسبب  بأضرار اقتصادية للكيان، وسيؤدي إلى تراجع الاستثمار بسبب عدم الاستقرار، ومع ذلك تكون اليمن قد نجحت مرتين في تعميق الأزمة الاقتصادية للعدو، الأولى، مع فرض الحصار على ميناء “أم الرشراش” التي يطلق عليها العدو تسمية “ايلات” جنوبي البحر الأحمر، والثانية مع هروب المستثمرين الذين لا يشعرون بالأمان والاستقرار جراء الصواريخ اليمنية في “تل أبيب”.

 

الجني يخرج من القمم

من ضمن الخيارات التي يتحدث عنها الصهاينة كذلك، هي توجيه هجمات جوية على اليمن لا تستهدف الموانئ والبنى التحتية فقط، وإنما تطال منظومات عسكرية واغتيال قيادات عسكرية وسياسية.

غير أن هذا الخيار، كما يقول الكاتب والمحلل في الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي “داني سترينوفيتش” لن يحقق الردع “للحوثيين”، معتقداً أن الضربات الجوية لن تحقق أي جدوى، وأن الحل يكمن في تغيير الوضع بمعركة طويلة ومتواصلة يشارك فيها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لضرب قيادة “أنصار الله”، وقدرة إنتاج وإطلاق السلاح الذي تحت تصرفها، كما يقول الكاتب.

يقر الكاتب نفسه بأن “إسرائيل” فشلت، وأخفقت في التعامل مع الجبهة اليمنية المساندة لغزة، فمثلاً لا يزال ميناء “أم الرشراش” “ايلات” مهجوراً، ولا تدخل إليه السفن التجارية بسبب الحظر اليمني، والعجز الأمريكي المطلق في رفع هذا الحصار عن طريق القوة العسكرية، كما أن القوات المسلحة اليمنية لم تضعف، وليس هناك مؤشرات لاستسلامها، والعدوان الأمريكي البريطاني لم يحقق أية نتيجة.

وبحسب وسائل الإعلام العبرية، فإن المسؤولين الإسرائيليين لا يجدون الوسيلة المناسبة لردع القوات المسلحة اليمنية، وهم يتخوفون أن تستمر هذه العمليات، حتى ولو توقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة، لافتين إلى أن “الجني خرج من القمم”، وهذا يستوجب التخطيط والتنفيذ لمعركة واسعة وطويلة ضد اليمن، دون أية صلة بمعركة “طوفان الأقصى”.

هذا الاعتراف بالهزيمة أمام اليمن تؤكده صحيفة “معاريف” العبرية، والتي تقول:” يجب أن ننظر إلى الواقع، ونعترف بصوت عال أن إسرائيل فشلت في مواجهة تحدي الحوثيين من اليمن، واستيقظت متأخرة جداً في مواجهة التهديد القادم من الشرق”.

ما بات معروفاً أن العمليات اليمنية شكلت مفاجئة للعدو الأمريكي والإسرائيلي، فاليمن كما يعتقدون بلد فقير، والعدوان والحصار السعودي الأمريكي لا يزال متواصلاً عليه منذ 10 سنوات، مع حدوث “خفض للتصعيد” خلال العامين الماضيين، ولهذا تواجه واشنطن، والكيان المؤقت “عمى” استخباراتياً، وصعوبة في معرفة القدرات العسكرية اليمنية، وأماكن تخزين السلاح، وهو ما يجعل كل الغارات أو القصف على اليمن غير مجد، كونه لا يستهدف سوى المدنيين أو المنشآت الحيوية، وليس له تأثير على القدرات العسكرية اليمنية.

 

اليمن أمل المستضعفين

وجاءت العمليات اليمنية المتصاعدة لتفسد على الصهاينة نشوة الانتصار، بعد احتلالهم لمناطق استراتيجية في سوريا، ومنها قمة جبل الشيخ الاستراتيجي، بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

والمفارقة هنا، أن القوات المسلحة كسرت كذلك نشوة العملاء والمرتزقة الموالين للسعودية والإمارات، الذين قادوا حرباً نفسية خلال الأيام الماضية ضد صنعاء، معتقدين أن سقوط نظام بشار الأسد يعني سقوط صنعاء، في قراءة خاطئة للواقع، ومجريات الأحداث.

أما الإنجاز الكبير للعمليات اليمنية سواء في عمق الكيان الصهيوني، أو باستهداف حاملة الطائرات الأمريكية هاري ترومان، فإنها تقضي على مشروع “الشرق الأوسط الجديد” من البوابة اليمنية، كما تم القضاء عليها سابقاً من البوابة اللبنانية، وتعطي كذلك أملاً للشعوب العربية الحرة، بإمكانية النهوض من جديد، ومواجهة الغطرسة الأمريكية والإسرائيلية، وكسر غرورهما في المنطقة.

ومع كل هذه التطورات، باتت الأنظار العربية والدولية صوب اليمن، ومنها يأمل أحرار العالم أن يأتي الخلاص والفرج لسكان غزة المظلومين الذين يتعرضون لعدوان صهيوني غاشم لأكثر من عام بشراكة أمريكية واضحة، وهذا إذا ما حدث، فإن اليمن قد حجزت لها مكاناً مقدساً كأهم قوة إقليمية صاعدة في المنطقة.

موقع أنصار الله .