القوةُ عِزٌّ وتَمكين وفي الجهاد نَصرٌ وفتحٌ مُبِين
حسين بن محمد المهدي
مما لا ريب فيه أن خير الإخوان مَن أعانك بقوته وقدرته، وأن خير الشركاء مَن يشاركك في المقدور، ويسابقك إلى المحذور، وخيرٌ منه مَن كان لك شريكاً في البأساء، والضراء، وحين البأس.
الصادقون في إيمانهم، المؤثرون على أنفسهم إخوانهم، الذين وصف الله أسلافهم في القرآن العظيم بقوله: (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أنفسهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
فكل فرع يرجع إلى أصله، كما أن كُـلّ شيء ينزعُ إلى أهله، فمن جعل الدين كهفه، والعدل قوته وسيفه، نجا من كُـلّ سوء، وظهر على كُـلّ عدوّ.
فالحقُ أقوى ظهير، والدين أقوى عماد ونصير، وقد كان لأنصار الله أهل اليمن في نصرة غزة قوة وعزة، فقد أحسنوا الإعداد، وأنبأت صواريخهم عن المراد، فدكت أوكار الصهيونية اليهودية في يافا “تل أبيب”، الذين تمادوا في ظلمهم لأبناء فلسطين، فجاءهم من اليمن النبأ اليقين، فمن لم يصلحه اللين أصلحه التليين.
فأنصار الله في اليمن قد أعدو العدة، واستجابوا لرب العزة، في قوله في القرآن العظيم (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ).
وصدق فيهم قول النبي الكريم “الإيمان يمان والحكمة يمانية” وقوله عليه الصلاة والتسليم: “المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف”.
وقد حاز قائد المسيرة القرآنية الملحوظ بالعناية الربانية قصب السبق حينما ضرب مثلاً أعلى في الشجاعة واستكفاء الأباة، ومن استكفى الكفاة كفي العُدَاة.
فمن خير الاختيار صحبة الأخيار، والاستعانة بالأخيار، والوثوق بالعزيز الغفار، الذي من توكل عليه كفاه، ومَن وَثِقَ به أغناه، ومَن خافه قلت مخافته، ومَن عرفه تَمَّت معارفه واهتدى بالقرآن إلى الصواب (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ).
فقد أعد أنصار الله بتوفيق من الله عدتهم للجهاد، وقوتهم لمنازلة عدو الله وعدوهم في البر والبحار، محتسبين صابرين على مكاره الجهاد، وكأن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- خصهم بقوله لمن يصبر ويحتسب “فَــإنَّ من ورائكم أياماً الصابر فيها كالقابض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون بعملكم”، وفي رواية أجر خمسين منكم أي من أصحاب النبي.
إن تراجع بعض المسلمين عن جهاد الصهيونية اليهودية يشكل فتنة كبرى للذين في قلوبهم مرض، وقد ذكر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لأصحابه يومًا أنها ستكون فتنة، فقالوا: كيف لنا يا رسول الله كيف نصنع؟ قال: ترجعون إلى أمركم الأول “أي تجاهدون”.
إن قتال من يحتل أرض المسلمين في فلسطين قد صار فرض عين، وكيف لا يكون ذلك والله سبحانه وتعالى يقول: (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) (انْفِرُوا خِفافًا وَثِقالًا وَجاهِدُوا بِأموالكُمْ وَأنفسكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شيئًا وَاللَّهُ عَلى كُـلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
إن أنصار الله وحزبه هم الذين أعدو العدة لنصرة دين الله وإعلاء كلمته بقتالهم الصهاينة في البر والبحر نصرة لإخوانهم المؤمنين في فلسطين.
ولقد كان للصاروخ اليمني الأخير في دك معقل اليهود في تل أبيب أثره الكبير في زلزلة عرش الصهيونية اليهودية وإخبارها أن الله قد حكى عن أهل اليمن في كتابه العزيز أنهم أولوا قوة وأولوا بأس شديد (نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ)، قادمون لدك معاقل اليهود، قادرون على تحرير أرض فلسطين بإذن الله.
فإذا لم يشد الصهاينة حقائبهم ويرحلوا عن أرض فلسطين، ويكفوا عن ظلمهم عن غزة وفلسطين فعاقبتهم الهلاك، (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أول مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)، ولا نامت أعين الجبناء.